نقاد وباحثون بمهرجان المسرح التجريبي يناقشون سياسيات الأداء المسرحي وتعويم الهويات
د. ليلى بن عائشة: المسرح الجزائري المعاصر يعيش تغيرات كثيرة في الوقت الراهن
كتب- إبراهيم عوف
ناقش عدد من النقاد والباحثين بمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، في دورته الحادية والثلاثين ” دورة الدكتور علاء عبد العزيز” والذي يرأسها الدكتور سامح مهران، وتحمل تلك الجلسة عنوان” سياسات الأداء المسرحي وتعويم الهويات” وأدار الندوة الدكتور أحمد مجاهد، وبمشاركة كلاً من الدكتورة داليا همام من مصر، والدكتورة ليلى بن عائشة من الجزائر، والدكتور محمود سعيد من مصر.
وأستهل الدكتور أحمد مجاهد حديثه عن الهوية حيث قال: الحديث عن الهوية أمر ملتبس وهناك العديد من الأسئلة التي تتعلق بالهوية ولكن الإجابة عن سؤال الهوية ليس له نهاية ولكن قابل للتجريب كل يوم، في ضوء الأهداف التي يطلبها الوطن لمستقبله، ربما الآن مثلاً في مصر أود أن أتحدث عن البعد العربي أو الأفريقي او الفرعوني فكل ذلك ألوان تمثل الهوية المصرية.
ومن جانبها قالت الدكتورة ليلى بن عائشة من الجزائر: يعيش المسرح الجزائري المعاصر على غرار غيره من المسارح العربية على وقع متغيرات كثيرة قلبت المسلمات رأسا على عقب، وأضحى معها البحث عن الذات غاية بل ضرورة لا مناص منها في ظل التهديدات الثقافية التي تسحبه باتجاه المركزية الغربية ومغناطيسية جاذبيتها التي تمارسها في مقابل إلغاء الأنا لصالح تكريس الآخر.
وتابعت : فمنذ دعوة عبد القادر علولة إلى تجاوز النمط الأوروبي والخروج من أسر العلبة الإيطالية إلى رحابة الفضاءات الشعبية الحلقوية، والبحث عن مساحة يتحرر فيها الأنا من هيمنة الآخر الذي بات أثره جليا في كل مناحي الحياة الثقافية “العمران، طريقة العيش، اللسان” ففي سياق علاقة سلطوية ممتدة الأثر سرت حمى البحث عن الذات والتأصيل لهذا المسرح الذي عاش هجنة ثقافية في ظل الكولونياليةوما بعدها، أبانت عن انتفاء الحدود على الرغم من أن الرغبة في تجاوز الآخر ومحو أثره ماثلة على الأقل من حيث المضامين، غير أن خطوة محاولة الانكفاء على الذات تلك أظهرت صعوبة تجسيد المبتغى الذي يروم التخلص من أثر الآخر الذي تغلغل في عرى الثقافة غير أن واقع الكولونيالية الجديدة، وسلطة التكنولوجيا، وعولمة الثقافة والدعوة إلى المثاقفة وحوار الحضارات بدل تنافرها وصدامها طرح إشكالا من نوع آخر، إذ أضحى المسرح الجزائري في منعرج يقتضي مساءلة الأنا بشأن الآخر؟
فيما قال الدكتور محمود سعيد: الحديث اليوم عن المخرج خالد الرويعي الذي رأيته مخرجا وممثلا وسينوغرافيا وكاتب، وعندما أعلن مهرجان المسرح التجريبي عن المحور فكرت في مدخل له، فوجدت أن خالد يمارس شيء غريب على المسرح ويمارس نوع من السلطة على الممثلين سميتها سلطة التفتت، وهذا ماشدني لتجربته خاصة أنني أشهد أن هذا الرجل هو التلميذ النجيب لعبد الله السعداوي، الأعمال المسرحية التي تمتلك القدرة على خداعنا هي ضد العادي وضد لعبة الإنتماء للأصل، هذه هي لعبة خالد الرويعي، لا نظام فيها أشبه ببورتريه كالح،
وتابع: هو دوما في حالة خروج عن المركزية، فالبعد عن المركز غنيمة، وهذه الغنيمة جعلته يخلق مشهد بديلي لذلك نرى أن معظم أعماله ملاذها الوحيد في القاعات الضيقة، وكأن لسان حاله يقول أن الحكي داخل الحياة يبقي شيء مبتور يبعدنا عن المركز، هو دوماً يهرب نحو الهامش، في أبيض داكن يخلط الألوان والشخوص، كأنه يتعمد أن يضع نصوصه المسرحية في حالة من الخلط والتزوير المتعمد مجموعة من الحكايا التي يستخدمها لشخوص من التاريخ بألسنهم، حاول في ذلك العرض أن يروض الساحة المفتوحة لتلعب على ذهن المشاهد وكأنه يجد الكون بإتساع الخيال وكأننا دوماً أمام مرآه تفضح الداخل قبل الخارج.
وقالت الدكتورة داليا همام والتي قدمت ورقة بحثية تحمل اسم “تعويم الهوية وطمس الذاكرة في المسرح المعاصر نماذج تطبيقية نص ولادة متعثرة وانبوكس”: في ظل صراع المركزيات العربية والغربية والإنجذاب بشكل واضح للنموذج الجمالي الغربي وما يروج كون النصوص المصرية تستورد قوالبها من الخارج وتسيطر عليها المركزية الغربية من حيث الأفكار، فإن الثوابت الغربية تتحكم في طبيعة الإبداع المصري وطريقة طرح قضاياه مما يؤدى إلى الإتكاء على قالب مسرحي غربي والإستعانة بأسلوب بعيد بدرجة كبيرة عن المضمون، فإذا كانت القضايا تخص المجتمع المصري والأسلوب والقالب يؤكد على النموذج الغربي، فإنه من الضروري الأخذ في الإعتبار أن الطرق الكولونيا لية وهي طرق مستهلكة وضعت مجموعة من النظم للسيطرة على الدوائر السياسية والتعليمية والفنية والثقافية.
وتابعت همام: من هذه الأدوات النسيان وهو أداة فعالة دائما لطمس ذاكرة الشعوب، ويتخذ النسيان مسارات متعدد أهمها ما وجد له أثر واضح في كتابات المسرح المصري المعاصر فبدت الهويات المسرحية في كتابات المؤلفين غير واضحة، ومعظم الشخصيات الدرامية بغير امتداد واضح ونختار في هذا البحث نص ولادة متعثرة لرأفت الدويري ونص “انبوكس” لسامح مهران بالتركيز على شخصياتهم الدرامية وتكوينها وعالمهم المحيط حيث تمضي المسرحيتين مندفعتين في تصاعدهما إلى الأمام لتنسج كل مسرحية خيوطها الكثيفة نحو جوهر أزمة أبطالها وهويتم وصراعها بين المركزيةالعربية والغربية، ويهدف البحث إلى رصد الهويات المسرحية في المسرح المعاصر بالتطبيق على النصوص موضع البحث؟ وهل ثمة ما يمكن أن نطلق عليه تعويم للهويات؟