نهاية مأساوية للنمر الأسود
كتب/خالد طلب عجلان
محمد حسن المصري أو النمر الأسود.. المهندس الذي هاجر لألمانيا عام 1960 ليعمل خراطاً وعانى من العنصرية وتغلب على المتاعب ومارس الملاكمة وأصبح من كبار الرياضيين ورجال الأعمال وأصبح مالكًا لإحدى الشركات في السويد، وأتقن 5 لغات، وفاقت شهرته الآفاق ، وجسد الفنان الراحل احمد زكي شخصيته وقصة حياته في فيلم النمر الاسود الشهير.
لم يتزوج محمد من جارته الألمانية «هيلجا»التي جسدت شخصيتها الفنانة وفاء سالم كما ظهر في الفيلم حيث تقدم إلى والدها للزواج ورفضه بسبب فقره، وهدده أكثر من مرة بالقتل إذا لم يغادر ألمانيا..
رغم بداية محمد حسن الصعبة في ألمانيا نتيجة اضهاده لسواد بشرته وانتشار العنصرية، اتجه للملاكمة وأثبت فيها جدارته ومثّل ألمانيا ضد كندا وفرنسا وحقق بطولات عدة، وكتبت الصحافة عنه، وحتى تعرف والدته ما يحققه أرسل لها تلك الجرائد التي أخذها وتوجهت بها إلى السفارة الألمانية، ليترجم لها العاملون المكتوب.
توقف محمد عن الملاكمة وهو في سن 32 عامًا نزولًا على رغبة زوجته التي قالت له: «يا محمد البوكس خطير جدًا ولابد أن تتوقف عنه، فالملاكمة رياضة جميلة طالما أنت صغير، لكن عندما تتقدم بك السن لابد أن تراعي ذلك».
تزوج محمد حسن من سيدة سويدية تكبره في السن نصحته بالذهاب إلى السويد لأن المستقبل هناك أفضل، والسويد في حاجة إلى أفكاره التي بدأت تخرج إلى النور اتجه محمد إلى التجارة فاصبح أحد أشهر رجال الأعمال في السويد وبدأ بين الحين والآخر يأتي إلى مصر، لزيارة أخته والتقى بالفنان أحمد زكي في أواخر أيامه.
لم يكن يتخيل أو نتخيل نحن أن تكون نهاية الأسطورة محمد حسن أو النمر الأسود تحت عجلات مترو الأنفاق في مصر بعد أن خرج من شقة شقيقته فايزة المقيمة في السيدة زينب صباحًا وكانت هذه آخر مرة ترى شقيقها في ذلك اليوم الذي تأخر فيه عن العودة لمنزلها فأصابها القلق خاصة أنه يعاني من الزهايمر، وكانت دائما ما تنصحه بالانتباه لنفسه حين يقول لها أنا نازل بقي يا أختي عندي شويه شغل أخلصهم، فتقول له “أنت في مصر يا أخويا مش في السويد”
انتاب القلق والحيرة قلب الأخت على شقيقها محمد الذي لم يكن معتادًا التأخر عليها، أصاب قلبها غصة حين سمعت من الباعه في السوق أن شخصا قتل في حادث بالمترو، وحاولت مثلما يفعل الكثيرون تحرير محضر لدى الشرطة لكن مسئولي الأمن رفضوا لعدم مرور 24 ساعة علي غيابه، فانتظرت حتي انتشر خبر قتيل المترو، الذي مات على قضبان محطة محمد نجيب لتكتب نهاية مأساوية لـ “النمر الأسود” الملاكم ورجل الأعمال الشهير في ألمانيا والسويد الذي صدمه القطار فأرداه قتيلا..
لم يكن محمد حسن يحمل أي أوراق تثبت هويته وعثرت عليه الشرطة مبتور الساقين، ولحقت به إصابات مختلفة، حين كان يحاول العبور بين رصيفي المحطة من فوق القضبان، وذهبت عائلته وأهل منطقته إلي المشرحة لتتعرف على القتيل وهى تتمنى ألا يكون محمد حسن حتى كانت الفاجعة، إنه هو النمر الأسود، محمد حسن، و قالوا لها في مشرحة زينهم “احمدي ربنا أنكم لحقتوا تتعرفوا عليه قبل ما يتقيد مجهول”
و هكذا مات النمر الأسود فى 2014 و انطوت قصة النجاح والكفاح لشاب مصري بسيط ..رحمه الله عليه وعلي الفنان احمد زكي