تقارير وتحقيقات

نيجيريا: اتهامات خطيرة بالتخابر مع “بوكو حرام”.. وتحذيرات من عودة “تائبين” إلى القتال

كتبت: د. هيام الإبس

أشعل باباغانا زولوم، حاكم ولاية بورنو الواقعة شمال شرقي نيجيريا، جدلاً واسعاً بعد اتهامه العلني لمسؤولين وضباط في الجيش وأعضاء بالأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني بالتخابر مع جماعة بوكو حرام الإرهابية، وتقديم معلومات حساسة لها، داعياً إلى إجراءات صارمة ضد من وصفهم بـ”المخبرين والخونة”.

وتعد ولاية بورنو من أكثر المناطق تضرراً من الإرهاب منذ بداية تمرد بوكو حرام عام 2009، ما يمنح هذه التصريحات ثقلاً غير مسبوق، في ظل تزايد الهجمات الإرهابية خلال الأسابيع الأخيرة والتي أودت بحياة أكثر من 100 شخص في أقل من شهر.

مخبرون في الداخل.. وخطر مزدوج

وفي مقابلة بثتها قناة محلية الأربعاء، قال زولوم:

“لدينا مخبرون ومتعاونون يعملون لحساب بوكو حرام، من داخل القوات المسلحة النيجيرية، ومن بين بعض السياسيين، وحتى من داخل منظمات المجتمع المدني”.

وأضاف أن هذه الفئة المندسة تقوّض الجهود الحكومية لمكافحة التمرد، متوعداً بـ”عدم الرحمة” تجاه من يثبت تورطه، ومؤكداً على ضرورة تعزيز شبكات الاستخبارات، ووقف “ثقافة العقود السياسية” التي تعرقل عمل الدولة.

ودعا إلى تجاوز الحلول الأمنية الضيقة، قائلاً:

“القضاء على التمرد لن يتم عبر البندقية وحدها. نحتاج إلى حلول اجتماعية واقتصادية وسياسية داعمة”.

300 ألف “تائب”.. لكن الخطر لم ينتهِ

وفي تصريح لافت، كشف حاكم بورنو أن أكثر من 300 ألف من عناصر بوكو حرام أعلنوا توبتهم وخضعوا لبرامج إعادة تأهيل ودمج مجتمعي، إلا أنه حذر من احتمالية عودة بعضهم للقتال أو تقديم المعلومات للتنظيم الإرهابي.

وقال:

“90 في المئة من التائبين ملتزمون ولا يشاركون في التمرد، لكن لا يمكنني الجزم بأن الجميع تصرفوا بشكل سليم. بعضهم ربما عاد إلى الأدغال، أو لا يزال يتجسس لصالح التنظيم”.

واعتبر زولوم أن نجاح المعالجة لا يتوقف فقط على الجانب الأمني، بل على إحداث تحول جذري في معالجة الأسباب العميقة للإرهاب، مثل الفقر، والبطالة، والتهميش.

الوضع الأمني يتدهور رغم المكاسب العسكرية

رغم ما تحققه القوات النيجيرية من مكاسب عسكرية متقطعة، فإن العام 2025 شهد تصاعدًا في نشاط بوكو حرام وتنظيم داعش في غرب أفريقيا، خاصة في ولاية بورنو والولايات المجاورة. وقد استهدف الإرهابيون قرى وثكنات عسكرية، ما تسبب في سقوط العشرات من القتلى.

ويبرر الجيش النيجيري هذا التصعيد بتحرك الجماعات المتطرفة من منطقة الساحل نحو الجنوب، بفعل الضغط العسكري المتزايد هناك. كما دعا إلى تعزيز التعاون الإقليمي الاستخباراتي والعسكري لمواجهة خطر الإرهاب العابر للحدود.

وتبقى نيجيريا أمام مفترق طرق حاسم: بين المضي في نهج عسكري صرف أثبت محدوديته، أو تبني مقاربة شاملة تعالج جذور الأزمة، وتقطع الطريق أمام عودة التمرد من رحم التائبين أو من غرف السياسة والمجتمع المدني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى