أراء وقراءات

نيران الإهمال.. العدو الذي يسكن بيننا

بقلم / حسن السعدني

في الأيام القليلة الماضية، اندلعت النيران في أكثر من موقع بمختلف محافظات مصر، من القاهرة إلى الأقاليم. مشاهد مؤلمة: مبانٍ تشتعل، أرواح تُزهق، وخسائر تُعد بالملايين. وفي كل مرة، تتعالى بعض الأصوات لتُحمّل “الإرهاب” المسؤولية، وكأننا نسعى جاهدين لإيجاد عدو خارجي نتوارى خلفه، بينما الحقيقة أمامنا: نحن السبب.

 نحن الفاعلون.. بسلوكيات مهملة

الحقيقة التي لا يجب أن نهرب منها أن أغلب هذه الكوارث لم تكن نتيجة تخريب متعمد أو عمل إرهابي، بل كانت نتيجة إهمال بشري واضح:

  • نُحمّل المقابس الكهربائية فوق طاقتها.

  • نمر بجوار الأسلاك المكشوفة ولا نُبلّغ.

  • نترك النيران مشتعلة بلا رقابة ثم نغادر وكأن شيئًا لم يكن.

 نتائج التحقيقات لا تكذب

كل التحقيقات تقريبًا أكدت أن ماسًا كهربائيًا، أو تسريب غاز، أو سلوكًا خاطئًا كان وراء هذه الحوادث. إذًا، أين الإرهاب في كل هذا؟
هل أصبح الإهمال إرهابًا مستترًا؟ أم أننا نهرب من مواجهة أنفسنا لنتمسك بنظرية المؤامرة؟

 التهرب من الحقيقة يعوق الحل

تحميل الإرهاب مسؤولية كل مصيبة خطأ إعلامي خطير. إنه يُشتّت الانتباه عن السبب الحقيقي ويؤخر الإصلاح المنشود.
فالإرهاب لا يعيش فقط في الكهوف… بل يسكن العقول الغائبة والضمائر النائمة التي تبرر الخطأ وتُبرر الكسل والإهمال.

 الدولة تبذل ما عليها… ولكن

لا يمكن إنكار جهود الدولة في:

  • تطوير البنية التحتية.

  • تشديد الرقابة على المنشآت.

  • تفعيل خطط الطوارئ وأنظمة الإطفاء الحديثة.

  • إطلاق حملات التوعية، ومحاسبة المقصرين.

نُثمّن هذه الخطوات، وندرك أن الدولة قادرة على مواجهة أي تهديد خارجي. لكنها لن تنجح وحدها في القضاء على الإهمال الداخلي، ما لم يتعاون معها المواطن بوعي والتزام.

 الوعي هو طوق النجاة

لا رجل إطفاء يستطيع أن يصل أسرع من لحظة وعي.
ولا حكومة قادرة على مراقبة كل فيشة، وكل مطبخ، وكل موقد مشتعل.

الخطر الحقيقي ليس من الخارج، بل من داخل كل بيت يهمل، وكل عقل يُبرر، وكل قلب لا يشعر بالخطر إلا بعد أن يفقد عزيزًا أو منزلاً.


 فلننتبه جميعًا

لأن نار الإهمال لا تحتاج جواز سفر، ولا توقيت إنذار.
إنها بيننا… أقرب إلينا من أي عدو.

حسن محمد السعدني

كبير معلمي اللغة العربية -مدرسة السعدية الثانوية

إدارة شربين التعليمية

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى