بقلم / الفنان أمير وهيب
يقترن صفة الدولة العظمى أو الكبرى بـ ” الصناعية ” ، لأنه في حقيقة الأمر العظماء و الكبار هم مبدعين منتجين .و هذا الإبداع المصحوب بـ ” الإنتاج ” هو في الأساس” فكرة ” قد تكون اختراع لـ ” حاجة ” لم تكن لها وجود مثل ” التليفون ” في اول اختراعه . أو حاجة موجودة وتم تعديلها و اضافة تطوير لها مثل ” التليفون الذكي ” .
و لكن ليس كل ما هو اختراع بالضرورة ان يكون تكتولوجيا . الاختراع هو ابضا ابتكار و “تصميم “. اذن ” صناعة ” مرتبطة ب، ” التصميم ” و بهذا الشخص المبدع المخترع المبتكر المكتشف المصمم .و هو فقط من يعلم كيفية ترجمة هذه الفكرة و تحويلها إلي ” رسمة ” و المعروفة أكاديميا بـ ” التصميم ” ، و من يقوم بهذا العمل معروف ب ” المصمم ” . والمصمم هو المهندس الذي يقوم بتنفيذ تصميمه ، اي ان هذه الرسمة يمكن تنفيذها ، وتعديلها ، و تصحيحها اذا لزم الأمر حتى يصل إلي ” المنتج ” النهائي ، الذي يحقق الغرض منه و الاستفادة من وظيفته.
و هناك مقولة شهيرة تقول ” الحاجة أم الاختراع ” ، أي أن هذا الشخص المبدع عندما احتاج شئ في ظروف معينة فكر ان يجد حل لهذا الاحتياج ، و الأمثلة عديدة و متنوعة ، ومنهم أطباء و صيادلة اكتشفوا دواء علاج لمرض ما لأن اول شخص اصيب بهذا المرض كانت الزوجة أو الابن ، و هذا الدواء أصبح خط إنتاج ل مصنع ل علاج هذا المرض لكل الناس في كل الدنيا.
و لكن ليس بالضرورة أن تكون هذه الظروف قهرية ، هناك ظروف اجتماعية و ابداعية و خدمية ، أي أن هناك ” مشروع ” ، مطلوب تصميم ل ” سيارة كبيرة تحمل عدد كبير من الناس ” ، هذه السيارة هي ” الأتوبيس ” او مطلوب ” غطاء زجاجة ” تقفل و تفتح فيظهر تصميم غطاء عبوة حلزوني ، هذا الغطاء هو اختراع و تصميم و أيضا هناك ظروف تكون الفرصة و الصدفة لها دور البطولة ، و لكن من المؤكد ، و بشكل عام عملية الإبداع لابد أن تكون نابعة من شخص ” موهوب ” ، و المواهب عديدة و متنوعة و بدرجات ، فدرجة موهبة محمد صلاح في كرة القدم تختلف عن درجة زملاءه ، و درجة موهبة نجيب محفوظ في الأدب تختلف عن زملاءه و هكذا في جميع المجالات.
و من المؤكد أيضا ، ان هذا الشخص الموهوب ، في مجاله ، هو ” الدماغ ” ، وراء الفكرة و التصميم و الإنتاج . و هو الوحيد القادر على تأسيس ” المصنع أو الورشة ” و تحويل هذه الفكرة إلي منتج.
و الأمثلة عديدة ، اخترت لك عزيزي القارئ بعض النماذج الشهيرة على المستوى الدولى ، المهندس الالماني ” كارل بنز ” ، و السيارة الأشهر . هذه السيارة لم تعد مقياس نجاحه ونجاح المؤسسة ، و لكن هذا النجاح أصبح نجاح الدولة الألمانية و ما تحققه هذه المؤسسة من مكاسب هو يدخل في صميم الدخل القومي الألماني.
اذن ، عندما تتكلم مصر عن ” الصناعة ” عليها الانتباه فيما تقوم بإنتاجه . لأن مصر لابد و ان تنتج ما يبدعه أبناءها المصريين و ليس إنتاج منتجات الأخرين . لأن هذا معناه نجاح لهذا المنتج و توسعه ،بالتصدير أو بالتصنيع في دولة أخرى . و هذا النوع من الإنتاج منتجات الأخرين لا يصب في مصلحة مصر على الإطلاق.
مصر لابد و ان تقوم باكتشاف المبدعين المخترعين المصممين المنتجين ، حتى لو كان مصمم ادوات مطبخ . اي عليها البحث عن ” الدماغ ” أي كان هذا المنتج ، مهما كان بسيط . فأهم شرط في التصنيع ان يكون ” أصلي ” غير منقول و غير مقتبس . و مصر لديها ما يميزها من صناعات استنادا للمواد الخام المصرية . أي أن مصر لابد و ان تنتج تحت إشراف ” الدماغ المصري ” و ليس ” الدماغ الأجنبي “.
الدول العظمى عددهم في الحد الأقصى لأكثر تصنيف في فئته هم عشرين دولة . هؤلاء لا ينامون ، هم في حالة ابداع دائم و مستمر على مدار ٢٤ ساعة . و بمنتهى الجدية و القوة و السرعة و الإتقان ، منتهى الشغف و الحب للعمل و الإبداع و الفن ، في كل حاجة ، من أجهزة و ادوات و دواء و سلاح و العاب و غيره.
مرة اخرى ، مصر لابد و ان تبحث عن ” الدماغ ” لتصنيع منتجاتها. هذا هو التصنيع الحقيقي والمكسب الحقيقي . وليس دماغ و منتجات الأخرين لأن هذا مكسب لهم و دليل نجاحهم وتوسعهم و انتشارهم.
ان تشتهر بصناعة ” شماسي بحر ” افضل من ان تشتهر بتجميع مكونات غواصات بحرية لا تعرف شئ عنها. والمنتج الاخر ، هو منتج ” زراعي ” هو الأشهر على مستوى العالم اسمه ” القطن المصري ” ، مصر لابد و تصدر هذا المنتج إلي كل الدنيا و بشكل واضح.
اذن المطلوب في هذه الفترة ان تقوم بانتاج كل ما نعرفه ،و نعرف ” كيفية ” إنتاجه ، أي كان نوع المنتج ، زراعي أو صناعي أو مواد خام ، و غيره . المهم ان تكون العملية كلها من اول التصميم حتى خروج المنتج إلي الناس معلوم كل خطوة فيه و لا يقع تحت أي مساومة أو تسوية أو إهدار حقوق.
بنغمة أخرى ” رأس حمار و لا ذيل أسد “.
و اختم بمشهد سينمائي شهير من فيلم ” ليالي الحب ” ، حينما كان يبحث سراج منير عن عبد الحليم حافظ للحفاظ على كيان مصنعه و نجاحه مرددا ” هاتولي الدماغ “