الصراط المستقيم

هجرة المصطفى … بين الحب والدموع

بقلم – وليد على

كانت الهجرة حدث فريد فرق الله به بين الحق والباطل وانتبه المسلمون لهذا الامر جيد لذلك حينما ارادوا ان يأرخوا لهم اتخذوه من الهجرة .

المشهور أن أول من أرخ بالهجرة في الإسلام هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه في سنة سبع عشرة للهجرة، فقد أخرج الحاكم عن الشعبي أن أبا موسى كتب إلى عمر: إنه يأتينا منك كتب ليس لها تاريخ، فجمع عمر الناس، فقال بعضهم: أرخ بالمبعث، وبعضهم أرخ بالهجرة، فقال عمر: الهجرة فرقت بين الحق والباطل، فأرخوا بها، وذلك سنة سبع عشرة، فلما اتفقوا قال بعضهم: ابدأووا برمضان فقال عمر: بل المحرم، فإنه منصرف الناس من حجهم فاتفقوا عليه رضى الله عنهم .

دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس الى عبادة الله تعالى بمكه ومكث فيها ثلاثة عشرا سنه حتى اشتد ايذاء المشركين واتى أمر الله عزوجل لنبيه صلى الله عليه وسلم بالهجره قال الله تعالى إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40)

وقال تعالى وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ۚ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30)

ويأمر رسول الله اصحابه ان يهاجروا الى يثرب ويخرجون فرادا وجماعات ويسلبهم المشركين اموالهم وديارهم ويأتى الصديق الى النبى يستأذنه فى الهجره وقلبه ينفطر يريد ان يبقى مع رسول الله وهنا يربط النبى على قلبه ويقول على رسلك يا ابا بكر لعل الله ان يجعل لك صاحبا

قال ابن إسحاق: “وكان أبو بكر كثيرا ما يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة؛ فيقول له رسول الله: (لا تعجل لعل الله يجعل لك صاحبا) فيطمع أبو بكر أن يكونه”.

فرح الصديق بالخبر: قال ابن إسحاق: “عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: كان لا يخطئ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتي بيت أبي بكر أحد طرفي النهار، إما بكرة، وإما عشية، حتى إذا كان اليوم الذي أذن فيه لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة والخروج من مكة من بين ظهري قومه، أتانا رسول الله بالهاجرة في ساعة كان لا يأتي فيها، قالت: فلما رآه أبو بكر، قال: ما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الساعة إلا لأمر حدث.

قالت: فلما دخل تأخر له أبو بكر عن سريره، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس عند أبي بكر إلا أنا وأختي أسماء بنت أبي بكر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أخرجْ عني من عندك)، فقال: يا رسول الله، إنما هما ابنتاي، وما ذاك فداك أبي وأمي؟ فقال: (إن الله قد أذن لي في الخروج والهجرة)، قالت: فقال أبو بكر: الصحبةَ يا رسول الله؟ قال: (الصحبة)، قالت: فوالله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحدا يبكي من الفرح حتى رأيت أبا بكر يبكي يومئذ”.

2- لم يكتف الصديق بالطمع والشوق، بل أعد العدة: قال ابن إسحاق: “وكان أبو بكر رضي الله عنه رجلا ذا مال؛ فكان حين استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة، فقال له رسول الله: (لا تعجل لعل الله يجد لك صاحبا)، قد طمع بأن يكون رسول الله إنما يعني نفسه حين قال له ذلك، فابتاع راحلتين فاحتبسهما في داره يعلفهما إعدادا لذلك”.

3- قال ابن إسحاق: “ولم يعلم-فيما بلغني-بخروج رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد حين خرج إلا علي بن أبي طالب، وأبو بكر الصديق، وآل أبي بكر”.

4- قال ابن إسحاق: “فحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير أن أباه عبادا حدثه عن جدته أسماء بنت أبي بكر قالت: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخرج أبو بكر معه، احتمل أبو بكر ماله كله ومعه خمسة آلاف درهم أو ستة آلاف فانطلق بها معه، قالت: فدخل علينا جدي أبو قحافة وقد ذهب بصره، فقال: والله إني لا أراه قد فجعكم بماله مع نفسه، قالت: قلت: كلا يا أبت، إنه قد ترك لنا خيرا كثيرا، قالت: فأخذت أحجارا فوضعتها في كوة في البيت الذي كان أبي يضع ماله فيها، ثم وضعت عليها ثوبا، ثم أخذت بيده فقلت: يا أبت ضع يدك على هذا المال، قالت: فوضع يده عليه فقال: لا بأس، إذا كان ترك لكم هذا فقد أحسن، وفي هذا بلاغ لكم، ولا والله ما ترك لنا شيئا، ولكني أردت أن أسكن الشيخ بذلك”.

5- من قام بالخدمة عليهما في الرحلة؟ إنهم بيت الصديق: عبد الله، وأسماء، وعامر مولاه، قال ابن إسحاق: “فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار ثلاثا ومعه أبو بكر، وجعلت قريش فيه-حين فقدوه-مائة ناقة لمن يرده عليهم، وكان عبد الله بن أبي بكر يكون في قريش نهاره معهم يسمع ما يأتمرون به وما يقولون في شأن رسول الله وأبي بكر، ثم يأتيهما إذا أمسى فيخبرهما الخبر. وكان عامر بن فهيرة مولى أبي بكر يرعى في عيان أهل مكة، فإذا أمسى أراح عليهما غنم أبي بكر فاحتلبا وذبحا، فإذا عبد الله بن أبي بكر غدا من عندهما إلى مكة، اتبع عامر بن فهيرة أثره بالغنم حتى يعفي عليه، حتى إذا مضت الثلاث، وسكن عنهما الناس، أتاهما صاحبهما الذي استأجراه ببعيريهما وبعير له، وأتتهما أسماء بنت أبي بكر بسفرتهما، ونسيت أن تجعل لها عصاما فلما ارتحلا ذهبت لتعلق السفرة فإذا ليس لها عصام، فتحل نطاقها فتجعله عصاما، ثم علقتها به”.

6- حرص الصديق على رفيقه النبي صلى الله عليه وسلم وتقديمه على نفسه:

* أخذ الصديق كل ماله معه، ولم يترك شيئا لأهل بيته.

محمد بن سيرين ، قال : ذكر رجال على عهد عمر ، فكأنهم فضلوا عمر على أبي بكر ، فبلغ ذلك عمر ، فقال : والله لليلة من أبي بكر خير من آل عمر ، وليوم من أبي بكر خير من آل عمر ، لقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة انطلق إلى الغار ، ومعه أبو بكر فجعل يمشي ساعة بين يديه ، وساعة خلفه ، حتى فطن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ” يا أبا بكر ، ما لك تمشي ساعة بين يدي ، وساعة خلفي ” . فقال : يا رسول الله ، أذكر الطلب فأمشي خلفك ، ثم أذكر الرصد فأمشي بين يديك . فقال : ” يا أبا بكر ، لو كان شيء لأحببت أن يكون بك دوني ؟ ” قال : نعم والذي بعثك بالحق .

فلما انتهينا إلى الغار ، قال أبو بكر : مكانك يا رسول الله حتى أستبرئ لك الغار .

فدخل فاستبرأه حتى إذا كان في أعلاه ، ذكر أنه لم يستبرئ الجحرة ، فقال : مكانك يا رسول الله حتى أستبرئ .

فدخل فاستبرأ ، ثم قال : انزل يا رسول الله .

فنزل . ثم قال عمر : والذي نفسي بيده لتلك الليلة خير من آل عمر

هكذا كان حب الصديق للنبى الذى امتزج بالدموع حب وخوفا على النبى وعلى دعوته ورسالته .

اللهم ارزقنا حب النبى وحب اصحاب النبى صلى الله عليه وسلم .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى