هذا أبي ..بقلم :سمية تايه


أن أكتبك يوماً !
لم يكن هذا في حساب مخيلتي
كيف لي أن أختزلك في سطور ؟!
و لكنه القليل في حقك الكبير ،
وعندما يفتش قلمي عن القيم الغائبة لنحيي بها الوعي أملاً في واقع جديد ،
أجد في كثير من اللقطات الحيّة معك.. شاهد عيان عليها .
أرى الآن قطعة منك تسابقني وتستحث كلماتي شغفاً وحبّاووفاءاً ..
هم .. وأنا .. نتكئ على الذاكرة ، لنلتقط تفاصيلك و نتفيأ ظلال حضورك الغائب .
يا سادة .. لن أطيل وقفتكم بالباب ، وسأترك هذه الومضات المشرقة لتنثر شذاها ، وسأفسح لكم الطريق لتلجوا تلك الرياض الخصبة .
هنا الحياة ..!!
ما أحب أبي الفراغ يوماً ،
عملٌ ونشاط على مدار الحياة ،
كان يحب الجدية ويكره الفراغ ،
فالجادون لم يكونوا يوماً ريشة في مهب الريح لتسير بهم الحياة في دروب من العشوائية .
فقد كان حرصه على كسب عمره يجعله في تحفز دائم ينساب بلا توقف ،
والطامح في جنة عرضها السموات والأرض كيف له أن يجلس على موائد الفراغ .
كان يقبلعلى الدنيا بعزيمة واعية ، يتقن فن المسؤولية ويمتلك طبيعةً مخلصة حتى في أصعب الأوقات .
شهدته يوماً مع التعب والمرض يمضي إلى الزاوية البعيدة من البيت ليطمئن إلى أن الأمور تسير بصورتها المرضية ،
أبي .. أيُّ إخلاص هذا في آداء حق الحياة !
كان يُحبّ استخدام لغة الخاصة في حديثه ،
فقد اعتاد أن يتوج كلامه ببعض الألفاظ الفصحى وكان يترفع عن الساقط منها ،
وكثيراً ما يرشدنا إلى الابتعاد عن ألفاظ السوقة أو عامة العامة ، وكأنه يقول :
إنّ نقاء الخارج يعكس نقاء الداخل .
ومع رجل رأى في الحياة مطية للآخرة ،
تضيء شرارة العمل والهمة ،فكان أبي يُبكر للصلاة ويستعد لها ،
يغدو ويروح وكأن الأمر جلل ، ثم يمضي إلى حيث تعلقت روحه ليجيب داعي الرحمن .
( حي على الصلاة ) : هذا المعنى الذي شق به عُباب الحياة .
رحمك الله ياأبي ، وغفر لك ، وأسكنك فسيح جناته ..
أمّنوا يرحمكم الله .