هل الفلاح المصري إلي زوال؟!
في دراسة لباحثين عن واقع الزراعة المصرية حالياً وجاءت بعنوان “نهاية عصر الفلاح” حذرت أن النمط التقليدي للزراعة في مصر في طريقه إلي زوال. وبما أن النمط التقليدي للزراعة عندنا محورها الرئيسي هو الفلاح الذي نال كل الإهمال من الدولة عبر العقود المختلفة حتي هجر الأرض الزراعية باحثاً عن وظيفة أخري يشعر فيها بأنه آدمي وفيها يحصل علي بعض من حقوقه التي فقدها في الزراعة وأهمها فقدانه لأسباب الحياة الكريمة وكذا عدم إحاطته بقاعدة صحية وخدمات تقدم له من خلالها حينما يحتاجها وأيضاً التطوير والنماء في القري التي هي البيئة التي يعيش فيها بطل الزراعة الأول.
هذه العوامل كانت السبب المباشر في تعرض قطاع الزراعة لضربات موجعة وتدهور كبير في جملة المحاصيل الزراعية وجودتها نتيجة لسياسات عشوائية وإهمال حكومي. بالإضافة إلي تآكل الرقعة الزراعية ونقص السماد وارتفاع أسعاره وكذلك البذور ومياه الري. فضلاً عن مشكلات التمويل والقروض والتسويق الأمر الذي أدي إلي انخفاض حصة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي. مما جاء الاستيراد ليتصدر قائمة المطروح في الأسواق. وبهذا يمكن الاستنتاج إلي أن الفلاح المصري إلي زوال. وهذا يمثل خطراً كبيراً علي القطاع وعبئاً ثقيلاً علي الاقتصاد الذي يكافح لبلوغ نسب نمو معقولة ومستقرة.
ومن هذا المنطلق فلسان الحال يقول.. كيف تعود الزراعة إلي سابق عهدها لتكون قاعدة إنتاج رئيسية وركيزة في اقتصادنا حيث إن الزراعة أحد أضلع أي اقتصاد يرغب في النماء.. وقبل الإجابة عن هذا التساؤل علينا أن نقرر أن 11.9% حجم مساهمات الزراعة في الناتج المحلي العام الماضي مقابل 21% قبل 3 سنوات. وأن قيراطين هما نصيب المواطن الآن من الأرض الزراعية مقابل 5.4 قيراط عام 1985. كذلك من الضروري أن نعترف أن الإنتاج الزراعي تراجع ويهدد الأمن الغذائي لمصر وهو ما يسهم في مزيد من ارتفاع الأسعار.
الفلاحون لهم رؤية يجب الاهتمام بها وأخذها في الاعتبار عند توفر النوايا في حل المشكلة الزراعية.. فهم يرون أن الدعم يحصل عليه المصدرون ويهمل الفلاح في هذا الجانب وهو ما يجعلهم يصرخون أن الدعم يجب أن يصل للمنتج وليس للمصدر أو يقسم بينهما لدفع الإنتاج المحلي إلي مزيد من النماء. يرون أيضاً أن من المشكلات أن الدولة لا توفر وسائل الإنتاج بأسعار مناسبة مما يدخل الفلاح في حلقات من المخاطر. فضلاً عن غياب منظومة التأمين الصحي يواجه من خلالها مخاطر الأمراض التي تحيط بيئياً به. وأيضاً وعدت الدولة بمنظومة معاش خاص بالفلاح تقيه تقلبات الزمن والظروف الطارئة لكنها لم تر النور بعد. وهناك أيضاً مشكلة التمويل التي تتحفظ بعض البنوك علي تمويل الزراعة.
المعروف أن قطاع الزراعة هو من القطاعات الأسرع نمواً ويمكنه إخراج مصر من أزمتها الاقتصادية وأهمها توفير النقد الذي يدخل في استيراد المواد الغذائية أهمها الزيوت التي نستورد منها ما يمثل نحو 90% من احتياجاتنا.. ومن الضروري التفعيل الحقيقي لمبادرة البنك المركزي ورصده لمبلغ 5 مليارات جنيه كقروض زراعية بفائدة 7% ورغم ذلك فالقطاع يشهد إحجاماً من قبل البنوك لعمليات التمويل بحجة أن مخاطر التمويل في المشروعات الزراعية مرتفعة.