هل الموتى يسمعون الأحياء
كتب/خالد طلب عجلان
يقول الداعية محمد الشريف : «اختلف العلماء حول سماع الأموات للأحياء ورؤيتهم لهم، فمنهم الذين قالوا إن الميت لا يسمع الحي، واستشهدوا على ذلك بقول الله تعالى: (وما أنت بمسمع من في القبور)، في حين قال آخرون أن الميت يسمع الحي بل ويراه ويحس به، كما جاء عند ابن القيم ــ رحمه الله.
إن الأخبار التي جاءت في قليب بدر، ونداء النبي – صلى الله عليه وسلم – إياهم، وما أخبر أنهم يسمعون كلامه – أخبار ثابتة توجب العمل والمحاسبة. ولكن الشيخ محمد المنجد يقول أن الحادثة التي سمع الأموات فيها الأحياء حينما خاطب النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ قتلى الكفار بعد معركة بدر وأسمعهم الله كلامه، مبينا أن هذه حالة خاصة كما ذكر العلماء ذلك.
أما الآيتان اللتان استدل بهما على رد ما ثبت في الحديث، فقد أجاب أهل االعلم عنها بعدة أجوبة:
أما الآية الأولى وهي قوله سبحانه وتعالى: «إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين»، قال الشنقيطي: “اعلم أن التحقيق الذي دلت عليه القرائن القرآنية، واستقراء القرآن أن معنى قوله: «إنك لا تسمع الموتى» لا يصح فيه من أقوال العلماء إلا تفسيران:
الأول: أن المعنى «إنك لا تسمع الموتى»؛ أي: لا تسمع الكفار الذين أمات الله قلوبهم، وكتب عليهم الشقاء في سابق علمه – إسماع هدى وانتفاع؛ لأن الله كتب عليهم الشقاء، فختم على قلوبهم، وعلى سمعهم، وجعل على قلوبهم الأكنة، وفي آذانهم الوقر، وعلى أبصارهم الغشاوة، فلا يسمعون الحق سماع اهتداء وانتفاع.
ومن القرائن القرآنية الدالة على هذا، أن الله – عز وجل – قال بعده: «إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون» (النمل:81)، فاتضح بهذه القرينة أن المعنى «إنك لا تسمع الموتى» أي: الكفار الذين هم أشقياء في علم الله إسماع هدى وقبول الحق، ما تسمع من ذلك الإ سماع «إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون»، فمقابلته – عز وجل – بالإسماع المنفي في الآية عن الموتى بالإسماع المثبت فيها، لمن يؤمن بآياته، فهو دليل واضح على أن المراد بالموتى في الآية موت الكفر والشقاء، لا موت مفارقة الروح للبدن.
التفسير الثاني: هو أن المراد بالموتى الذين ماتوا بالفعل، ولكن المراد بالسماع المنفي في قوله سبحانه وتعالى: «إنك لا تسمع الموتى» (النمل: 80) خصوص السماع المعتاد الذي ينتفع صاحبه به، وأن هذا مثل ضرب للكفار، والكفار يسمعون الصوت، لكن لا يسمعون سماع قبول بفقه واتباع، كما قال سبحانه وتعالى: «ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء» (البقرة:171)، فهكذا الموتى الذين ضرب بهم المثل لا يجب أن ينفي عنهم جميع أنواع السماع، كما لم ينف ذلك عن الكفار، بل قد انتفي عنهم السماع المعتاد الذي ينتفعون به، وأما سماع آخر فلا»