هل يجوز إعطاء الزكاة للأقارب؟
كتبت / عزه السيد
يسأل الكثير من الناس عن هل يجوز إعطاء الزكاة للأقارب فأجاب الشيخ عطية صقر رحمه الله وقال الأقارب هنا قسمان ، قسم تجب على الإنسان نفقته كالأبوين والأولاد والزوجة وقسم لا تجب عليه نفقته ، كالعم والخال والعمة والخالة .
وقد اتفق الفقهاء على جواز إعطاء الزكاة للقسم الثانى، بل هم أولى بها من غيرهم ، لأنها تكون زكاة وصلة رحم فى وقت واحد كما رواه أحمد وابن ماجه والنسائى والترمذى وحسنه ، وابن خزيمة وابن حبان فى صحيحيهما عن النبى صلى الله عليه وسلم “الصدقة على المسكين صدقة ، وعلى ذى الرحم ثنتان ، صدقة وصلة” .
أما القسم الأول : وهو من تجب عليه نفقته فالإجماع على أنه لا يجوز إعطاؤهم من الزكاة ، لأن المفروض فى المزكى أن ينفق عليهم النفقة الكافية التى لا تجعلهم فقراء ولا مساكين يستحقون الزكاة ، والمزكى عنده مال كثير زائد عن حاجته وحاجة من يعولهم فهم فى غير حاجة إلى الزكاة . فالوالدان لا يجوز إعطاء الزكاة لهما ، وكذلك الأولاد الصغار، أو البالغون إذا كانوا غير قادرين على الكسب ، فإن قدروا على الكسب فلا تجوز الزكاة لهم .
وكذلك الزوجة نفقتها واجبة على الزوج فلا يعطيها من زكاته ، لأنه لو أعطى هؤلاء الذين تجب عليه نفقتهم فهو يعطى نفسه ، لأن الزكاة ستخفف من عبء النفقة الواجبة عليه .
روى الأثرم فى سننه عن ابن عباس رضى اللَّه عنهما قال : إذا كان ذو قرابة لا تعولهم فأعطهم من زكاة مالك ، وإن كنت تعولهم فلا تعطهم ولا تجعلها لمن تعول “نيل الأوطار للشوكانى ج 4 ص 189 ” .
والشوكانى يرى جواز إعطاء الزكاة للقريب ، بصرف النظر عن كون نفقته واجبة على المزكى أو غير واجبة ، مستندا إلى حديث البخارى ومسلم فى شأن زينب امرأة عبد اللَّه بن مسعود الثقفى وشأن امرأة معها، حيث سئل النبى صلى الله عليه وسلم : أتجزى الصدقة عنهما على أزواجهما وعلى أيتام فى حجورهما؟ فقال “لهما أجران ، أجر القرابة وأجر الصدقة” وفى رواية البخارى عن أبى سعيد “زوجك وولدك أحق من تصدقت عليهم ” .
يقول الشوكانى فى وجه الاستدلال : إن النبى صلى الله عليه وسلم لم يستفصل عن الصدقة إن كانت واجبة أو تطوعا ، وترك الاستفصال فى مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم فى المقال ، والأصل عدم المانع ، فمن زعم أن القرابة أو وجوب النفقة مانعان من إجراء الزكاة فعليه الدليل ، ولا دليل .
وقد أجاز الشوكانى ذلك لأن الأم لا يلزمها أن تنفق علي ابنها مع وجود أبيه ، لكن قد يقال : إن الأيتام ربما لا يكونون أولادها فتصح الزكاة عليهم .
وقد روى عن مالك أن الممنوع من أخذ الزكاة هم الأب والأم والأولاد ، أما الجد والجدة ومن علا، وبنو البنين ومن نزل فيجوز صرف الزكاة إليهم ، أما غير الأصول والفروع ممن تجب نفقتهم -كالزوج والزوجة – فذهب مالك والشافعى إلى أنه لا يجزئ صرف الزكاة إليهم .
وقال أبو حنيفة وأصحابه يجوز ويجزئ ، وذلك لعموم الدليل فى التصدق على الأقارب ، حيث لم يفصل، بين قرابة وقرابة، ولا بين وجوب النفقة وعدم وجوبها ، كما وضحه الشوكانى . وهذا كله فى الصدقة الواجبة كالزكاة ، أما صدقة التطوع فالأقارب بوجه عام أولى بها كما سبق ذكره ، ومما يرغب فى ذلك أيضا حديث رواه مسلم “دينار أنفقته فى سبيل اللَّه ، ودينار أنفقته فى رقبة-يعنى تحرير رقبة من الرق -ودينار تصدقت به على مسكين ، ودينار أنفقته على أهلك ، أعظمها أجرا الذى أنفقته على أهلك لما وجاء في تفسير القرطبى “ج 8 ص 190 “جواز إعطاء الزوجة زكاتها لزوجها الفقير بناء على حديث زينب الثقفية، حتى لو كان يستعين بها على النفقة عليها كما كان يفعل ابن حبيب ، وقال أبو حنيفة لا يجوز، وخالفه صاحباه فقالا يجوز، وذهب الشافعى وأبو ثور وأشهب إلى إجازة ذلك إذا لم يصرفه إليها فيما يلزمه لها ، وإنما يصرف ما يأخذه منها فى نفقته وكسوته على نفسه ، وينفق عليها ماله .
وفى الفتاوى الإسلامية “مجلد 1 ص 115 ” لو دفع الزكاة إلى من تجب نفقته عليه جاز إذا لم يحسبها من النفقة، وذلك فى غير الزوجة والأبوين والفروع ، كما وضحتها فتوى فى المجلد الخامس ص 17.