وإسلاماه…..
بقلم/محمد الخمَّارى
الخلافُ شَرٌّ كلُّهُ بلْ كلُّهُ شَرٌّ، وما تمزقت الأمم السالفة والحاضرة فى العقائد والعبادات إلَّا لكثرة تعدد الآلهة فى الدين الواحد وذلك تبعاً لكثرة اختلاف علماء الدين، فلكلِّ عالِمٍ أو طائفةٍ من العلماء إلهٌ ومعبودٌ طبقاً لحدود إدراك عقولهم فهناك إلهٌ للعوام يعبدونه بعشوائيتهم وجهلهم وهناك إلهٌ للخاصة من العلماء وأيضاً هناك إلهٌ لخاصة الخاصة من الصفوة العارفين.
وبناءً على هذا التقسيم الذى صنفوا له وفيه تفرقت أنوار الحق وأصبح الحقُ مبعثراً بين دروب الأهواء والمصالح .وتحول الحق إلى حقوق ما أنزل الله بها من سلطان على أيدى ترزية الشريعة التى تتغير فتواهم بين الشمس وضحاها يحرمون الأحزاب السياسية بالليل فإذا بلهيب أشعةِ حزبهم تحرق النَّواصى مخالفاً لقوله تعالى { قل هذه سبيلى ادعوا إلى اللهِ على بَصيرةٍ أنا ومَنْ اتَّبَعَنِ } ولقوله تعالى { اللهُ ولىُّ الذين ءامنوا يُخْرجُهُم مِّنْ الظلماتِ إلى النُّور } .
فالحق الذى أراده الله واحدٌ لا يتعددُ ولا يتجزأُ وكذلك طريقُ الحق قصيرٌ مستقيمٌ لا عوجَ فيه، أمَّا إذا تنوعت هيئاتُ وصفاتُ الطاعاتِ والقرباتِ للعبادة الواحدةِ بلا دليلٍ صحيحٍ غيرِ منسوخٍ وأصبح كلُّ شيءٍ حلالاً مشروعاً مقبولاً وفى نفس ذات الوقت لنفس ذات الشئ عند أخرين حراماً مذموماً مردوداً وكان لكلِّ حلالٍ دليلٌ ولكلِّ حرامٍ تأويلٌ والعكسُ.
فقد مات الدينُ فينا قبل أن يولدَ، ناهيك عن دين الأفلام والمسلسلات الدرامية وأديانُ أنصافِ العلماءِ الذين يعلون منابرَ الشبكة العنكبوتية ( enter net) والسوشيال ميديا ولا تُعرف هويتُهم الدراسيةُ العلميةُ الشرعيةُ ولكنْ المتأكَّدُ منه هو دراستُهم لمحصولِ القمحِ والأُرزِ والفولِ بالآلات الزراعية عندنا فى الأرياف ( كناية عن كيفية جمع المحاصيل وقت الحصاد) ليتهم يلبسون مقاساتِ أحذيتهم المناسبةِ لأرجلهم ( كناية عن جهلهم) ليتهم سكتوا، وبسبب خراب عقولهم وضيق أُفُقِهم لاستنباط مراد الله القويم زُهِقتْ الأرواح واستُحِلَّتْ الفروج ونُهبتْ الأموال وكذلك مُلئتْ باحاتُ الخمَّارات ونوادى القِمار وشواطئُ العُراة بفتاوَى غير مُتزنة .
ولا سبيلَ للنَّجاة من هذه المنحدرات إلَّا بالرجوع إلى أصول الدين ومقاصدِهِ بفهم علماء أجلاء مخلصين يُميِّزُون بين صحيح الأخبار وسقيمها يحملون المطلقَ منها على التقييد والعامَ على الخاصِّ وربط المدلول بمناسبة المقال وأنَّ السُنَّةَ الفعليةَ تُبينُ السُنَّةَ القوليةَ فمَنْ أَوْلَى مِنْ رسولِ اللهِ فى تفسيرِ مرادِ اللهِ وكلامِهِ والعملِ به وأنَّ مسبباتِ الخلافِ بين العلماء قديماً قد تكونُ اليومَ معدومةٌ فلا داعى للادِّعاء لسهولة الرحلة والتِّرحال بين الأمصارِ ( البلدان) دون جَهْدٍ وحركةٍ عبر وسائل النقل الحديثة ( انترنت_ شبكات اتصالات هوائية ) .
فلا مانعَ من إقامةِ إجماعٍ حديثٍ معاصَرٍ للفصلِ فى مسائلِ الخلافِ التعبديةِ وقضايا المعاملاتِ الحديثة بين الناس سواءً المسلمين والغير مسلمين والقياس الصحيح الجلى المطرد على النظائر والحاق الفروع للأصول أو العكس وانتقال الأحكام ظنِّية الدلالة إلى ثبوتية قطعية والفصل فى قبول رواية الأحاد لطالما تحققت شروطُ صحةِ الحديثِ المتواترِ مِنْ إتصال الاسناد وسلامتِهِ مِنْ التدليس والانقطاع والعِلَّةِ والكذبِ ولا حاجةَ للعمل بالحديث الضعيف فى الزُهدِ والمواعظِ والرقائقِ وفضائلِ الأعمالِ فالاحاديث الصحيحة فيها الكفايةُ وهدايةُ الضالِّ حتى يجتمعَ الناسُ على كلمةٍ سواء ونُكَذِّبَ صاحبَ أُغنيةِ ( سألت الشيخ وقال حلال ) .
نعم لتجديد الخطاب الدينى