وصية الشهيد أبو بكر منفذ عملية تل أبيب
متابعة/ هاني حسبو.
بقلم بلون الدم، كتب كامل وصيته في فبراير الماضي، وتركها مع رفاقه في المخيم، وعلى ما يبدو فإن هذه الأشهر الخمسة مرّت ثقيلة عليه وهو يتجهز للانقضاض على هذا المحتل نصرة للمستضعفين والمظلومين، وهو يرى كل يومٍ جرائمه تترى، على مرأى ومسمع العالم الظالم الذي لا يحرك ساكنا، حتى استقرت روحه اليوم بعد أن نفذ عملية بطولية في قلب تل أبيب، قتل فيها مستوطنًا وأصاب آخريْن.
والشهيد كامل محمود أبو بكر (27 عاما) من بلدة رمانة غربي جنين شمال الضفة الغربية المحتلة، وكان مطاردًا للاحتلال منذ عام ونصف بعدما انخرط في حالة المقاومة مؤمنًا بها، فسلح نفسه من ماله الخاص، وبقي يقاوم حتى رحل شهيدًا بعد عملية بطولية.
يعبّر في وصيته عن فخره بالانتماء للإسلام العظيم، هذا الدين الذي يؤسس لقيم العدالة بين الناس، ويوحد على الحق قلوبهم، وينبذ طرائق الخلاف والشقاق والنزاع، ويريد للناس أن يكونوا على قلب رجل واحد في معركتهم مع الباطل، الذي يتمثل اليوم في بلادنا بهذا الاحتلال البغيض، الذي لا يقيم احترامًا لأيٍّ من قيم الإنسانية.
“يكفيني أنني مسلم”، منطلق البطل أبو بكر لتنفيذ هذا العمل البطولي الذي هزّ كيان الاحتلال، وفي أحد أكثر شوارعها حيوية، وفي خضم ثورة شعبية يقودها شباب فلسطين في كل أنحاء الضفة والقدس، صدًّا لجرائم الاحتلال، ووقوفًا في وجه مخططاته الخبيثة في المسجد الأقصى المبارك.
يبثُّ البطل أبو بكر في ثنايا وصيته نصيحة لأهله وإخوانه بضرورة الإخلاص في كل الأعمال لله تبارك وتعالى “فالله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصًا”، ويحذر من تسلل الرياء إلى النفوس بأي شكل من الأشكال.
ثم يعبّر بكلماته البسيطة الرقراقة، وبقَسَمٍ مغلَّظ، عن شوقه لربه، ورؤية وجهه الكريم، وأن هذا الشوق “أشد من شوق الناس جمعاء لهذه الدنيا الفانية”.
يضيف بطل جنين: “والله إن الأمر الذي يحزنني هو بقائي في هذه الدنيا، فأنا ارتضيت بالآخرة، وبعت روحي التي أعطاني الله إياها إليه جل في علاه”.
ثم يختم وصيته بالشهادتين، وبتوقيعه وقد اختار لنفسه كنية “أبو دجانة”، وأبو دجانة هو صحابي من الأنصار من بني ساعدة من الخزرج، شهد مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم غزوات بدر وأحد وخيبر وحنين، ثم شهد حروب الردة، وقُتل في معركة اليمامة، وكان من شجعان المسلمين، وكانت له عصابة حمراء يرتديها تُميّزه في المعارك.
وتأثر البطل كثيرًا بالجريمة التي اقترفها المستوطنون في قرية برقة شرق رام الله الليلة الماضية، التي أدت إلى استشهاد الشاب قصي معطان؛ فقرر أن يثأر ونجح بالوصول إلى وسط الكيان الصهيوني رغم أنه مطارد، لينفذ عمليته في صفعة مزدوجة تعكس هشاشة أمن الاحتلال.
وبعد استشهاد البطل أبو بكر استخرج الاحتلال من جيبه وصيةً أخرى تؤكد أنه نفذ عمليته ردًّا على جريمة المستوطنين بقتل الشاب قصي معطان في بلدة برقة شرق رام الله.
ونفذ البطل أبو بكر عمليته في تل أبيب بمسدس، وأطلق 5 رصاصات على عنصر الأمن الصهيوني، وأصابه في الجزء العلوي من جسده، وأصاب آخرين من المستوطنين قبل أن يصاب ويرتقي شهيدًا.
دلالات عالية القيمة حملتها وصية الشهيد البطل كامل أبو بكر، لتكون نبراسًا للأجيال الثائرة في أرضنا المحتلة، وهي تخوض غمار معركة الحق والحرية والانتصار للمسجد الأقصى المبارك