وقفات مع القرآن .. المُثل العليا وقيمتها
بقلم / مدحت مرسي
الناس في التعامل مع المُثل على ثلاثة أنواع
*من يكترثون لهذه المعان ويحفلون بها ويتعشقون لذاتها ويضحون في سبيلها حتى أنها أصبحت مبادئ بالنسبة لهم غاصت إلى أعماق نفوسهم
*وهناك أناس يقطعون مراحل حياتهم كما تستسيغها الحياة لهم لا كما هم يستسيغونها لأنفسهم وهؤلاء لا يعنيهم من الحياة إلا كما يعيشوا في نطاق من الراحة و الرخاء
هؤلاء لاهدف لهم يكافحون ويقاتلون بقوة من أجله
ولا هدف لهم إلا ما يتصل بالراحة و الرخاء
هؤلاء يحيون ويموتون ولا أثر لهم في الحياة
*وهناك من هم لا يرغبون في الحياة لمجرد الحياة فهم يكافحون كسابقيهم ولكن لا يهدفون من كفاهم تحقيق الرخاء و الراحة فهي ليست من حياتهم
إنما هدفهم أسمى و أجل فهم يعيشون في مُثل عليا فهؤلاء لا يموتون لأن مُثلهم العليا تهب لهم الحياة الأبدية الخالدة
إن الكثير من يقرأ القرآن ولكن القليل هو الذي يقرأه قراءة تدبيرية واستنتاجية وتحليلية قراءة استخلاص دروس وعبر.
وقد وردت في القرآن الكريم قصص تمثل رجال تمسكوا بقيمهم العليا وضحوا بانفسهم من اجلها ومنهم على سبيل المثال :
– مؤمن يسين كما وردت في سورة يسن الآيات (20 – 26 )
(وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ )
صفاتهم ( اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ )
وتأتي النتيجة المبشرة لمن يتمسكون بمبادئهم (قيل ادخل الجنة )
-مؤمن آل فرعون التي وردت قصته في سورة غافر ( 28 – 33)
(وقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِن آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إيمانَهُ أتَقْتُلُونَ رَجُلًا أنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وقَدْ جاءَكم بِالبَيِّناتِ مِن رَبِّكم وإنْ يَكُ كاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وإنْ يَكُ صادِقًا يُصِبْكم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكم إنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَن هو مُسْرِفٌ كَذّابٌ)
وتستمر الآيات في هذا الحوار البناء القوي المُتمثل في علو الهمة و القوة
(فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ )
وتأتي النتيجة المبشرة لمن يتمسكون بمبادئهم
(فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا ..)
إن المُثل العالية مجالها النفس تحلق في أجوائها لتجعل منها نفسا عالية