وقفات مهمة لفهم الأحداث المدلهمة (٢)
بقلم / الدكتور عبد العزيز مصطفى كامل
◆ رغم طول اسوداد ليل المسلمين بهيمنة قوى الشر الصليبية منذ الحرب العالمية الأولى فإن ذاك السواد أشبه بالظلمة التي تسبق بزوغ الفجر ، بحسب السنن الكونية والإلهية، فالله تعالى يقول : { وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} [ البقرة/٢٥١]
◆ وفضل الله على العالمين مقبل بعد إقبال العالم على حروب تصفيات حسابات، مدفوعة بدفع الله الناس بعضهم على بعض بتدبير العليم الحكيم، فالقوى العظمى تتخوف كل أطرافها وتخوف من تدحرج الكرة الأرضية نحو حرب عالمية، خاصة بعد عودة الحرب الباردة التي تشتد تحت لهيبها حرب الوكالة بين الشرق والغرب في أوكرانيا.
◆ ولأن قوى الشرق المتحالفة (الصين – روسيا – بلوروسيا – كوريا الشمالية – إيران) وغيرها مما يدور في فلكها؛ تصر كلها على إنزال كوكب الشر – أمريكا – من عليائها المتغطرس والمتفرد بقيادة العالم ؛ فإن تلك الأمريكا تقاوم بشراسة وشراهة للبقاء على تلك القمة وفق استراتيجية ( مشروع القرن الأمريكي) التي احتلت بموجبه العراق.
◆ ولأجل الاحتفاظ بالقطبية الواحدة المتفردة؛ بدأت أمريكا في إدارة حرب تكسير عظام مبكرة، لفض تحالف الشرق الساعي لعالم متعدد القطبيات، وكان لزاما أن تبدأ باستدراج روسيا أولا؛ باعتبارها الضلع الأول فيما تسميه( محور الشر) فكان أن ورطتها في حرب تستنزف قواها،بعد التلويح بقبول جارتها أوكرانيا عضوا في حلف الناتو الغربي المعادي، وهو ما جعل روسيا تضطر لدخول حرب الغرب بالوكالة على أرض أوكرانيا.
◆ وكانت الخطوة المتوقعة للولايات المتحدة الصهيو.نية بعد توريط روسيا؛ أن تعمد إلى استدراج إيران التي خرجت عن كل الخطوط الحمر بتحالفها مع روسيا والصين، مهددة مصالح الغرب في جزيرة العرب، فوكلت امريكا قاعدتها المتقدمة ( إسرا.ئيل) بإدخال طهران وحلفاءها في صراع اضطراري مصيري لا تخرج منه إلا مقطعة الأذرع ومقصقصة الأجنحة، في كل من فلسطين ولبنان، ثم سوريا والعراق واليمن، وذلك ريثما تتهيأ الظروف لاستهداف دولة إلفرس الشيعية لدفع أو دفن نواياها النووية..
◆ لكن لأن الله تعالى { كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [ الرحمن/٢٩] أي : يرفع أقوما ويضع آخرين؛ فإنه سبحانه له شأن آخر مع كل المعتدين، وهو الذي أنذرهم بالوحي قائلا..{ وَأُمْلِي لَهُمْ ۚ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} [ القلم/٤٥]
وكانت شرارة بدء الكيد المتين – كما نحسب – في غزة؛ موطن الصامدين الأعزة، ثم في حلب ،حيث حلت جنود الثأر والغضب..
وللحديث بقية.. إن شاء الله
الدكتور عبد العزيز بن مصطفى كامل
حاصل على ماجستير في الشريعة من جامعة الإمام بالسعودية، ودكتوراه في الشريعة من جامعة الأزهر