يقين ابني علّمني درسًا في الإيمان بالله

من اختيارات / عزة السيد
بداية القصة: مداعبة لم تسر كما توقعت
طلبتُ من ابني الأكبر أن يسبقني ويلقي كيس القمامة في الصندوق القريب بينما أُشغّل السيارة، على أن ألتقيه في الطريق بعد لحظات. وما إن بدأتُ التحرك، حتى رأيته قد أنجز المهمة وهو في طريقه إليّ.
خطرت لي فكرة عفوية، أردتُ أن أمازحه، فانطلقت بالسيارة مسرعًا نحوه قليلًا، ظننتُ أنه سيفزع ويجري مبتعدًا، فنضحك سويًا كما نفعل دائمًا… لكن ما حدث كان مختلفًا تمامًا.
ثبات لم أفهمه في البداية
فوجئت به واقفًا في مكانه، لم يتحرك، لم يهرب، لم يبدُ عليه أي مظهر من مظاهر الخوف.
ركب السيارة بهدوء تام، فسألته مندهشًا:
ـ ألم تخف يا بُني؟!
وكانت إجابته مفاجئة وبريئة وعميقة:
ـ لماذا أخاف؟!.. أنت أبي، وأنا على يقين أنك لن تضرني.
من يقين الابن إلى درس عظيم في الإيمان
في لحظة، أخذتني كلماته إلى عالم آخر…
يقينه بي، كأب، كان مطلقًا. لم يخطر بباله أنني قد أؤذيه، حتى ولو على سبيل المزاح.
وهنا وجّهت له حديثًا من القلب:
“يا بُني، لو أن ثباتك في وجه هذا الخطر الصغير نابع من ثقتك بأبيك،
فاجعل ثقتك بالله أعظم، وإيمانك بربك أقوى.
اثبت في الشدائد كما ثبتّ الآن، فإن الله يحب أن يراك قويًا صابرًا في وجه الابتلاء.”
حين يُختبر إيمانك في ميادين الحياة
1. في الرزق
قد تُختبر في رزقك، فتضيق بك السبل…
فلا تنحني لحاجة، ولا تتوسل لغير الله، ولا تتجه للحرام، بل خذ بالأسباب وافعل ما عليك، ثم اسأل نفسك:
هل تؤمن أن الله هو الرزاق؟
2. في المرض
قد تُبتلى في صحتك أو صحة من تحب…
فلا تيأس، واحتسب، واصبر، واعلم أن المرض يكفّر الذنوب ويرفع الدرجات.
فهل تؤمن أن الله هو الشافي؟
3. في المنصب والسلطة
قد تُختبر في قوتك أو سلطانك أو جاهك…
فلا تظلم، ولا تتجبر، واعلم أن الله أقوى منك وأعلم بك.
فهل تؤمن أن الله رقيب، عادل، قادر عليك في أي لحظة؟
لست مخيّرًا في نوع اختبارك
يا بُني…
لن تُمنح رفاهية اختيار اختبارك في الدنيا، ولن تُسأل: لماذا أنا؟ ولماذا فلان لا؟
كلنا نُختبر، لكن السؤال الحقيقي الذي يجب أن يُشغل قلبك هو:
هل أنت مؤمن بقدرة الله؟ وهل تثبت أمام البلاء كما ثبتّ أمام السيارة؟
الخاتمة: آية تهز القلوب
اعلم يا ولدي أن الله لم يترك الناس على قولهم “آمنا” دون امتحان، بل قال في كتابه:
﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ﴾
[سورة العنكبوت: 2]