كتب إبراهيم عوف
نظمت مكتبة ديوان حفل توقيع كتاب ، الإقتباس من الأدب للسينما ، للمؤلفان د. سلمى مبارك، أستاذ الأدب والفنون والأدب المقارن بجامعة القاهرة، و د.وليد الخشاب، أستاذ ومنسق الدراسات العربية بجامعة يورك – كندا، بحضور نخبة من المثقفين، السينمائيين، والكتاب، وأهل الفكر، وأساتذة الجامعة.
في البداية قالت د. سلمى مبارك :” الهدف من الإعداد الطويل كان أولا نشر ثقافة الدراسة السينمائية فى الجامعة ومنحها الجاذبية والشرعية اللازمة فى الوسط الأكاديمى، وتفكيك التسلسلات الهرمية والقضاء على بعض الأفكار المسبقة التى تجعل دراسة السينما تأتى أحيانا فى مرتبة تانية بعد التخصصات المختلفة الأخري مثل الأدب، والتاريخ، والفلسفة، وغيرها ..
وكذلك إثارة الفضول ورغبة بعض الأكاديمين المتميزين في تخصصات مختلفة تخصيص جزء من جهدهم البحثى لدراسة السينما.
علاوة علي تكوين قاعدة عريضة من الباحثين الشبان المهتمين بالدراسة البينية بين الأدب والسينما يكونوا نواة لمستقبل واعد بإذن الله.
وأكدت د. سلمي علي وجود عدد كبير من المشاركين من كبار المتخصصين فى مجالاتهم (الأدب الفرنسي – الأدب الإنجليزى – الدراسات العربية – القانون – الاقتصاد) إلى جانب المتخصصين فى الدراسات السنيمائية من مصريين وأجانب. وكذلك جود تنوع جيلي مابين الخبراء وشباب الباحثين. وايضا جود تنوع ما بين أقلام خبراء النقد السنيمائى وأقلام خبراء النقد الأكاديمى.
وأضافت لم تكن كل هذه الأقلام لتجتمع إن لم يكن الموضوع المطروح للبحث موضوع غنى وثرى وجاذب. نعلم إن السينما بدأت فى مصر من 1896 وإنها منذ الثلاثينيات شكلت صناعة متفوقة عبرت الحدود سواء بتجاه العالم العربى أو باتجاه أفريقيا أو حتى أمريكا اللاتينية. تفوق السينما المصرية بهذا الشكل يدين فى جانب منه للاقتباس أو تحويل الأعمال الأدبية إلى أفلام. قدم الأدب للسينما ما يقرب من 360 فيلمًا ما بين عامي 1930 و 2019.
أوضحت د.سلمي إن الكتاب يهدف إلي دراسة ظاهرة الإقتباس فى تاريخ السينما المصرية وآدابها، ورصد حركة تفاعل الفنيين منذ بدايات تيار الحداثة فى مصر. على مدار 12 فصل، تنوع ما بين الدراسات النظرية والتطبيقية لعدد من أبرز الباحثين والنقاد المصريين والأجانب فى هذا المجال، تجتمع الأبحاث حول محاور ثلاثة هي:
– اقتباس النوع بوصفه عملية انتقال لقيم الحداثة وإشكالياتها من خلال أعمال مثل ;زينب; و;البؤساء; و;الباب المفتوح; و;يوميات نائب فى الأرياف;.
– الإقتباس باعتباره عملية انتقال عبر ثقافى وما تستلزمه من مواءمات زمانية ومكانية فى أعمال ;أمير الانتقام;، و;نهر الحب; وفى اقتباسات ;الملك لير;، و;جنة الشياطين;.
– أعمال نجيب محفوظ بوصفها نموذجا استثنائيا لحركة ذهاب وإياب مكثفة بين الوسائط الفنية، نستحضرها من خلال اقتباس ;أفراح القبة; و;أهل القمة.
وأشارت د.سلمى إلي أن الكتاب يتناول العلاقات المتشابكة بين السينما المصرية والآداب التي اقتبست منها أهم أعمالها، من خلال مجموعة من الدراسات النظرية والتطبيقية. وساهم في هذا الكتاب مجموعة من الأساتذة الأكاديميين وشباب الباحثين والنقاد من أجيال مختلفة، ومن مصر والغرب، لا سيما فرنسا وإيطاليا وكندا. تشكل فصول هذا الكتاب تطويراً وتعميقاً لمداخلات مختارة قُدمت بالعربية والفرنسية إلى مؤتمر ;السينما والأدب في مصر. الاقتباس: محطات محورية في تاريخ مشترك; والذي عُقِدَ في جامعة القاهرة نوفمبر 2019 بتنسيق سلمى مبارك ووليد الخشاب. يعتبر ذلك المؤتمر الدولي المؤتمرَ الأول لشبكة آمون للباحثين في الأدب والسينما التي تديرها سلمى مبارك. ويُعَدُ ذلك المؤتمر الأول من نوعه الذي يعقد في جامعة مصرية ويكون محوره الدراسة الأكاديمية المتخصصة للسينما.
وأضافت أن الكتاب يتمد إطاراً نظريا مبنياً على الندية بين الأدب والسينما، ويرفض اعتبار أحد الوسيطين أكثر أهمية أو قيمة جمالية، بل ينشغل بالتفاعلات والعلاقات الدينامية بين الفنين، ويقر بتعايشهما وبالتأثير المتبادل بينهما منذ فوران بدايات الحداثة المصرية. لهذا يعنى الكتاب بدراسة الاقتباس من زاوية المقاربات البينية والتفاعلات الثقافية في سياق الثقافة المصرية. يطرق الكتاب المساهمون في هذا العمل عدداً من تلك المقاربات للاقتباس، ويتناولون الوسيط الأدبي والمسرحي والسينمائي، بل والتلفزيوني في تطبيقاتهم.
واوضحت د. مبارك أن أبحاث الكتاب تدور حول محاور ثلاثة هي: إقتباس النوع بوصفه عملية انتقال لقيم الحداثة وإشكالياتها من خلال أعمال مثل ;زينب; و;البؤساء; و;الباب المفتوح; و;يوميات نائب فى الأرياف.
– الإقتباس باعتباره عملية انتقال ثقافى وما تستلزمه من مواءمات زمانية ومكانية فى أعمال ;أمير الانتقام;، و;نهر الحب; وفى اقتباسات ;الملك لير;،
– أعمال نجيب محفوظ بوصفها نموذجا استثنائيا لحركة ذهاب وإياب مكثفة بين الوسائط الفنية، نستحضرها من خلال اقتباس ;أفراح القبة; و;أهل القمة;.
يشمل الكتاب مفتتحاً به مقدمة ومدخلان نظري وتاريخي ثم ثلاثة أقسام. في المقدمة، طرح محررا الكتاب تصوراً عن راهنية دراسات الاقتباس وتحررها من فكرة الأمانة في نقل العمل الأدبي وانفتاحها على الدراسات السردية والدلالية والثقافية. وعرضا في عجالة لبعض القضايا النظرية التي تحكم دراسات الاقتباس في العالم، ولمعالم تاريخ هذه الممارسة في مصر. ثم يقدم البروفسير ميشيل سيرسو مقاله الأكاديمي الأخير قبل أن يرحل عن عالمنا، ويفصل عرضاً تاريخياً لاقتباس الأدب -لا سيما الغربي- في السينما المصرية. يطرح تصوره عن لجوء المخرجين المصريين لإقتباس الأدب الغربي اعتماداً على شمولية أنماط الشخصيات الدرامية مثل ;الغانية طيبة القلب; و;الباحث عن العدالة; وصلاحيتها للنقل من السياق الغربي للسياق العربي، ويفحص فرضية اعتماد السينما المصرية على الاقتباس، ضمانا للقيمة الجمالية للأعمال، واستعادة للقيم الواقعية في الأدب بنقلها إلى الشاشة. يقدم البروفسير جان كليدر استعراضاً لمساهماته النظرية في دراسات الأدب.
أما القسم الأول في الكتاب فيتضمن أربع دراسات تحلل ارتباط الاقتباس بقيم الحداثة وبالعبور بين الأنواع الفنية. تحلل سلمى مبارك عناصر نوع حكاية الريف أو سردية الريف وملامحه الفنية في فجر تاريخ كل من الأدب والسينما في مصر. أما وليد الخشاب فيرسم ملامح تصوير الورشة والمصنع في السينما بتأثير الأدب الغربي ويرصد مواكبة هذا التصوير لبدايات الحداثة. وتقدم هالة كمال استعراضاً لملامح المرأة وتحررها المصاحب للتحرر الوطني، من زاوية الدراسات النسوية السينمائية في كل من رواية ;الباب المفتوح; للطيفة الزيات وفيلم بركات المقتبس عنها. ويخصص جان لوقا بارولين دراسته لنوع التحقيق البوليسي بين الأدب والسينما في كل من رواية ;يوميات نائب في الأرياف; لتوفيق الحكيم وفيلم توفيق صالح، ويتأمل تصور مؤسسات القانون الحديثة بعيون مؤسسة السينما المعاصرة لتلك الحداثة.
القسم الثاني يركز على جانب الانتقال عابر الثقافات في الاقتباس، حين يتضاعف تحول الدلالة بسبب الانتقال من الوسيط الطباعي للرواية إلى الوسيط السمعي البصري للفيلم، ويضاف إليه تحول ثقافي حين تُنْقَل الرواية من سياق غربي إلى آخر عربي مصري. في هذا القسم، تحلل رندة صبري الأبعاد السياسية والثقافية لتحول رواية إسكندر ديماس ;الكونت دي مونت كريستو; إلى فيلم ;أمير الانتقام; لبركات. ويقدم عصام زكريا مقارنة بين اقتباس شكسبير ورائعته ;الملك لير; تحديداً في السينما الغربية وفي السينما المصرية، حيث يغيب البعد السياسي تماماً على الشاشة المصرية. وتتأمل دينا قابيل تمرد رواية ليف تولستوي ;آنا كارنينا; على قيم المجتمع القيصري الروسي المحافظة، مقارنة باندراجها في سياق الخطاب الثوري ليوليو، بعد اقتباسها في فيلم ;نهر الحب; لعز الدين ذو الفقار. وتقدم داليا السجيني قراءة لاستيعاب الواقعية السحرية بأمريكا اللاتينية في السينما المصرية من خلال تحليلها لآليات تحويل المكان الواقعي إلى مكان مجازي مغاير، ومقابلة خطاب البرجوازية بتمرد الصعاليك في رواية جورجي أمادو ;الرجل الذي مات مرتين; وفيلم أسامة فوزي المقتبس عنه ;جنة الشياطين;.
ويختتم الكتابَ بقسمٌ ثالث يدور حول اقتباس السينما والتلفزيون لروايات نجيب محفوظ، الروائي العربي الوحيد الحاصل على جائزة نوبل، إلى يومنا هذا. فتقدم دينا جلال قراءة لاقتصاديات الإنتاج التلفزيوني ودوره في تنشيط صناعة الكتاب، من خلال تحليلها لاقتباس ;أفراح القبة; في مسلسل تلفزيوني من منظور اقتصادي. أما أماني صالح، فتقدم تحليلاً لمُتَصَل الزمان/المكان وتبدل دلالاته السياسية والاجتماعية في نقد خطاب الانفتاح الاقتصادي، عبر قراءة مدققة لقصة ;أهل القمة; واقتباسها في فيلم علي بدرخان بنفس العنوان.
أوضحت د. سلمي أن هذا ليس مجرد كتاب: بل هو نتاج لمشروع بحثى بدأ من 5 سنين عندما اجتمع عدد من أعضاء شبكة آمون للباحثين فى الأدب والسينما فى ليلة رمضانية من شهر يونيو 2016 فى منزلى بالمقطم وقرروا ان المشروع البحثى القادم اللى هيجمعهم هيكون عن موضوع الاقتباس فى السنيما المصرية.
ما بين تلك البداية والكتاب الذي نحتفل بصدوره اليوم، خطوات عديدة قربتنا من اللحظة التي نعيشها الآن. تضمنت تلك الخطوات أنشطة عديدة من سمينارات وورش وعروض سينمائية كانت تقام بشكل دورى على مدي السنوات الماضية داخل الجامعة. وأخيرا فى 2019 أقمنا مؤتمراً دولياً كبيرًا نظمته مجموعة آمون بقسم اللغة الفرنسية بجامعة القاهرة، تلك المجموعة التى أشرف بإدراتها.
نسق المؤتمر كل من د. وليد الخشاب ود.سلمى مبارك. كتاب اليوم هو عمل يضم عدد كبير من الأبحاث اللى قدمت في هذا المؤتمر.