ماري: ” دوري الصغير في فيلم ” قنديل أم هاشم ” كان نقطة تحول جذرية في حياتي
كتب إبراهيم عوف
قامت الممثلة الألمانية مارى كوليكوفسكي، والتي قامت بدور حبيبة شكري سرحان في فيلم ” قنديل ام هاشم ” مأخوذ عن رواية قنديل أم هاشم للكاتب يحيى حقي وسيناريو وحوار صبري موسى، من بطولة شكري سرحان وسميرة أحمد، ومن إخراج كمال عطية وتم عرضه عام 1968 .
ماري كانت نمساوية، نشأت فى أسرة مفككة أب وأم منفصلين، اخواتها اتجهوا للحرام – لكن ماري حاولت المحافظة على نفسها والعيش بالحلال – فاشتغلت جرسونة فى كافيتريا.. رأها احد المنتجين واخدها تمثل ادوار صغيرة “كومبارس ” بين ألمانيا والنمسا…لحد ما وصل فريق عمل فيلم “قنديل أم هاشم” لالمانيا لتصوير الفيلم وكانوا يبحثون على ممثلة ألمانية تقوم بهذا الدور وكلموا مكاتب الريجيسيرات .
تقدمت ماري فتقدمت للدور واتقبلت…وحكوا لها عن قصة الفيلم فابتدت تسأل عن حضرة السيدة زينب عليها الصلاة والسلام وأبتدوا يكلموها عن حضرتها و عن السادة آل البيت عليهم السلام…وكان طبيعى أنها تنجذب لهذا الكلام وتنبهر بمدى الطهر والنقاء للسادة آل البيت عليهم السلام، وتجد الأمن والسلام اللذان تفتقدهما فى حياتها.
ومع نهاية التصوير كان طبيعى إن فريق العمل يودعوها ويعودوا إلي مصر…لكن قلبها كان معاهم وبعد يومين جاءت إلي مصر بدون ترتيب لاى شيء- ليس معها الا تمن التذكرة، والقليل من النقود. كان هدفها زيارة السيدة زينب وآل البيت عليهم السلام.. وعندما وصلت المطار اخدت أول تاكسى وعلى مسجد ومقام السيدة زينب عليها السلام.وجدت العديد من الصعوبات، ناهيك عن انها لا تعرف أي كلمة عربى- حتى دورها فى الفيلم عملته كله باللغة الالمانية,
لكن الله يسر لها الأمر، والناس هناك بشهامة المصريين المعتادة تطوعوا لمساعدتها وعن طريق أهل الخير وصلت للفنان القدير عبد الوارث عسر أحد المشاركين فى الفيلم – فوجئ بها أمامه، رحب بها جدا واتفاجئ أكثر عندما قالت له: ” أنا عاوزة أشهر إسلامى “.
قال لها: “طيب أستريحى اليوم أنت لسه جاية من السفر”.
رفضت بشدة وأمام إصرارها اخذها إلي دار الإفتاء وهناك أشهرت إسلامها على يد مفتى الديار المصرية فى ذلك الوقت فضيلة الشيخ احمد عبد العال هريدى وسمت نفسها (زينب الحسين على) وأعطاها فضيلة المفتى نسخة من القرآن الكريم مترجمة باللغة الألمانية ورجعت مع الفنان عبد الوارث عسر، وطول الطريق وهي تقرا فى القرآن، وتبكى بكاءً شديداً.. وبمجرد وصلوها البيت قالت له: ” انا عايزة أروح أحج ”
قال الفنان عبد الوارث بصراحة أندهشت جدًا، ازاى هى عرفت الحج فنظر لقاها كانت فاتحة المصحف على ترجمة سورة الحج قدرا فعرف ان هذه إشارة من الله تعالي وراح بنفسه حجز لها التذكرة والتأشيرة، بمعظم الفلوس اللى كانت معها.. ويشاء العليم أن يقابل الفنان محمد توفيق – أحد المشاركين فى الفيلم أيضًا – كان يحجز للسفر هو وزوجته للحج، و عندما عرف قال تسافر معنا وتبقى مع زوجتي (الصحبة).
وتدهب زينب بعدها للأزهر الشريف وتطلب منهم يعلموها مناسك الحج وتفضل بين القرآن وتعلم مناسك الحج طول الأسبوع المتبقي على الحج – لدرجة انها كانت لا تنام تقريبا – ولا تريد ترك المصحف من يدها.. وجاء وقت السفر وسافرت معهم وقامت بالمناسك علي اكمل وجه، وقالت عنها زوجة الفنان محمد توفيق: ‘‘ أنها كانت مثل الفراشة ودائماً ما تسبقهم و لم يظهر عليها أي أعراض أرهاق أو تعب.. و بعد الحج ذهبوا إلي المدينة المنورة لزيارة حضرة سيدنا النبى صلى الله عليه وسلم.
قالت زوجة الفنان توفيق: ‘‘ لم تكن هذه المرة الأولي التي نحج أو نزور فيها- أنا ومحمد حجينا، واعتمرنا، وزرنا كتيرا- لكن هذه المرة كانت ميسرة بشكل عجيب.. لدرجة أننا بمجرد دخولنا الى حضرة سيدنا النبى صلى الله عليه وسلم حسينا إن الطريق بيتفتح لنا لحد ما لقينا نفسنا فى الروضة الشريفة أمام مقام المصطفي الشريف مباشرتا، وهنا حصلت حاجة غريبة جدًا، وجدت وجه زينب بينور بشدة، لدرجة أنى سألت نفسى هى دى زينب اللى دخلت معايا المسجد؟! ومرة وأحدة وجدتها تنظر بتركيز شديد للمقام وتنظر إلى كأنها تقول لى: ‘‘شايفة اللى انا شايفاه‘‘ …ومرة وأحدة لقيتها ضمت المصحف بشمالها على قلبها ورفعت يدها اليمني وقالت بلغة عربية سليمة تماما: ‘‘أشهد الا اله الا الله واشهد انك رسول الله‘‘.
ومرة واحدة وقعت…أفتكرنا أنها حالة إغماء، لكن وجدناها أنتقلت للرفيق الأعلي بسلام .. ومن كرامتها التي شهدت لها كل المتواجدات، أصرت السلطات السعودية علي دفنها فى البقيع .. وقد كان.
اللهم أرزقنا حسن الخاتمة