أراء وقراءات

(ضل راجل ولا ضل حيطة)…خطأ

من قراءات أ.د. نادية نعمان

(مع بعض التعديلات).
٢٠٢١/٦/٢٧
هل يعقل أن يفكر بشر فى أيامنا هذه بمنطق قديم عفا عليه الزمن و يبيع أحدهم ابنته لأول قادم لها حتى لو كبرها سنا لمجرد أنه ثري، ولن يكلف الأب شيئا بمنطق «ضل الراجل ولا ضل الحيطة» وكأن بيت والدى الذى نشأت فيه وأحسست مع حيطانه بالدفء والستر والأمان افتقد كل مقومات الحياة فيه من أمان وستر وبات ضله غير ذى قيمة أمام ضل الرجل القادم من بعيد يحمل فى يده صكا يشترى به أمة يستعبدها و يروى بها عطشه …لم أكن وحدى من يعيش هذه المأساة و لكن فتيات كثرا فى قريتنا شربن من نفس الكأس منهن من جاءها شيخ من بلاد النفط عاين بضاعته واشتراها زمنا وعادت بعده أشلاء إنسانة انتهكت روحها على قيد حياة إجبارية عاشتها بلا اختيار وهناك من الفتيات من كان نصيبهن أفضل بعض الشيء فالمشترى لم يأت من بعيد مغتربا و لكنه من أهل البلد تتوافر فيه شروط الثراء . وحكايتى واحدة من هؤلاء الفتيات، كنت أعيش فى بيت والدى واحدة من ست بنات يرى أبونا أننا «هم ما يتلم» ومن ذا الذى يمكنه تجهيز كل هذا العدد لذلك هو مضطر لأن يقبل بأى عريس جاهز و عندما طرق بابى رجل قارب السبعين
توفيت عنه زوجته ولديه بنات وصبيان فى مثل سنى ولكن ما بيدى شيء، قليلة الحيلة منكسرة تدفعنى أمى لحياتى الجديدة دفعا، ولسان حالها يردد بكرة الفلوس تجرى فى إيدك وعيالك حواليكى متتبطريش على النعمة لا تروح منك.

انقضت الصفقة وأغلق علينا باب لأجدنى أمام بقايا رجل أتى عليه الزمن وجاءنى محملا بكتلة أمراض وما على إلا تمريضه وخدمته، ويشاء السميع العليم أن أرزق منه بطفل ثم يرحل من بعد مجيئه بعامين فأترمل وتيتم ابنى وأنا بعد فى عقدى الثانى من عمرى وبالطبع ظن أهلى أنى سوف أرث ما يغنينى وابنى العمر كله لم يدر بحسبانهم سطوة وبطش أبناء زوجى الذين وضعوا يدهم على كل شيء و خيرونى بين أمرين إما أن أعيش مع ابنى فى بيت العيلة ولا أفكر أن أتزوج يوما و يتولوا هم نفقتى وتربية الولد وتعليمه وتسليمه ميراثه عندما يكبر بما يعنى أن تكون ولايته لأحدهم و إما أعود لبيت والدى دون ابنى وأحصل على حريتى فى أن أتزوج وأعيش حياتى كيفما أشاء ،وعندما لجأت لأسرتى لكى يقفوا إلى جوارى ويتصدوا لأبناء زوجى لم أجد فيهم معينا وطالبنى أبى أن أرضى بحالى وأترمل على ابنى و لا أرفص النعمة.

تمضى بى الأيام ثقيلة مملة أتجاوز عمرى أضعافا مضاعفة و لا يشعر بى أحد فأنا لست إلا خادمة بلقمتى فى بيت العيلة ليس لى رأى فى أي شيء يخصنى أو لا يخصنى ، سجينة قدرى لا أبرحه إلا لقبرى .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.