الصراط المستقيم

شخصيات لها تاريخ (٨ ) عثمان بن مظعون

كتب سعيد ناصف

عثمان بن مظعون أبوه مظعون بن حبيب بن وهب الجمحي وأمه سخيلة بنت عنبس بن أهبان بن حذافة بن جمح أم سائب وعبد الله وكنية عثمان أبو سائب.

زوجته أم حكيم خولة بنت حكيم الأنصاري وهي التي اقترحت على النبي (صلى الله عليه وسلم ) عائشة وسودة بنت زمعة بن قيسل لزواج بعد وفاة خديجة  ووهبت نفسها للنبي (صلى الله عليه وسلم)

ولعثمان بن مظعون ولدان هما عبدالرحمن وسائب.

أخته زينب بنت مظعون زوجة الخليفة الثاني عمر إذن عبد الله بن عمر وحفصة بنت عمر بن الخطاب وعبد الرحمن بن عمر أولاد حاله .

وكان عثمان بن مظعون أحد من حرم الخمر في الجاهلية وقال لا أشرب شرابًا يذهب عقلي ويضحك بي من هو أدنى مني ويحملني على أن أنكح كريمتي فلمَّا حرمت الخمر أتي وهو بالعوالي فقيل له يا عثمان قد حرمت الخمر فقال تبًّا لها قد كان بصري فيها ثاقب وفي هذا نظر لأنَّ تحريم الخمر عند أكثرهم بعد أُحد.

إسلامه

انطلق عثمان بن مظعون وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب وعبد الرحمن بن عوف وأبو سلمة بن عبد الأسد، وأبو عبيدة بن الجراح حتى أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فعَرَض عليهم الإسلام وأنبأهم بشرائعه فأسلموا جميعًا في ساعةٍ واحدةٍ وذلك قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم وقبل أن يدعو فيها وهاجر الهجرة الأولى إلى الحبشة في السنة الخامسة للبعثة

ولقد ربى النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه على الاهتمام بالمسلمين ومعايشة آلامهم وكان عثمان بن مظعون ممن تأثرت نفسه بذلك فرد جوار الوليد بن المغيرة وفضل أن يعيش كإخوانه المسلمين المستضعفين في جوار الله عز وجل ومستعينًا به

ويروي ابن إسحاق هذا الحدث الذي يدل على عمق التربية لدى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فعندما أشيع إسلام أهل مكة رجع من هاجروا إلى الحبشة ولما قربوا من دخول مكة علموا أن أهل مكة لم يدخلوا في الإسلام فرجع منهم من رجع إلى الحبشة ودخل البعض الآخر مستخفيًا والبعض دخل في جوار أناس من المشركين ودخل عثمان بن مظعون في جوار الوليد بن المغيرة ولما رأى عثمان بن مظعون ما فيه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من البلاء وهو يروح ويغدو في أمان من الوليد بن المغيرة قال والله إن غدوي ورواحي آمنًا في جوار رجل من أهل الشرك وأصحابي وأهل ديني يلقون من البلاء والأذى في الله ما لا يصيبني لنقص كثير في نفسي

فمشى إلى الوليد بن المغيرة فقال له يا أبا عبد شمس وفت ذمتك قد رددت إليك جوارك قال لم يا ابن أخي؟ لعله آذاك أحد من قومي؟ قال لا ولكني أرضى بجوار الله عز وجل ولا أريد أن أستجير بغيره قال فانطلق إلى المسجد فاردد علي جواري علانية كما أجرتك علانية قال فانطلق فخرجا حتى أتيا المسجد فقال الوليد بن المغيرة هذا عثمان قد جاء يرد علي جواري قال صدق قد وجدته وفيًّا كريم الجوار ولكني قد أحببت أن لا أستجير بغير الله فقد رددت عليه جواره ثم انصرف عثمان رضي الله عنه ولبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر في مجلس من قريش ينشدهم فجلس معهم عثمان فقال لبيد:

ألا كل شيء ما خلا الله باطل

فقال عثمان: صدقت فقال لبيد

وكل نعيم لا محالة زائل

فقال عثمان: كذبت نعيم الجنة لا يزول

فقال لبيد: يا معشر قريش والله ما كان يؤذى جليسكم فمتى حدث هذا فيكم فقال رجل من القوم إن هذا سفيه في سفهاء معه قد فارقوا ديننا فلا تجدن في نفسك من قوله فرد عليه عثمان حتى شرى أمرهما فقام إليه ذلك الرجل ولطم عينه فخضرها والوليد بن المغيرة قريب يرى ما بلغ عثمان فقال والله يا ابن أخي إن كانت عينك عما أصابها لغنية ولقد كنت في ذمة منيعة قال عثمان بل والله إن عيني الصحيحة لفقيرة إلى مثل ما أصاب أختها في الله وإني لفي جوار من هو أعز منك وأقدر يا أبا عبد شمس فقال له الوليد هلم يا ابن أخي إلى جوارك فعد قال لا.

صدق إسلامه وطاعته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأدائه للعبادات ليلاً ونهارًا

قال سعد بن أبي وقاص رد رسول الله صلى الله عليه وسلم التبتل على عثمان بن مظعون ولو أذن له لاختصينا وكان عابدًا مجتهدًا من فضلاء الصحابة وقد كان هو وعلي بن أبي طالب وأبو ذر رضي الله عنهم همّوا أن يختصوا ويتبتلوا فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ونزلت فيهم: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة: 93].

حياء عثمان بن مظعون

أتى عثمان بن مظعون النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إنّي لا أحبّ أن ترى امرأتي عورتي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولِمَ؟ قال أستحيي من ذلك وأكرهه قال صلى الله عليه وسلم إنّ الله جعلها لك لباسًا وجعلك لها لباسًا وأهلي يرون عورتي وأنا أرى ذلك منهم قال أنت تفعل ذلك يا رسول الله؟ قال نعم قال فمن بعدك فلمّا أدبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إنّ ابن مظعون لَحَييٌّ سِتّيرٌ”

 طاعته للرسول صلى الله عليه وسلم 

يقول أبو بردة دخلت امرأة عثمان بن مظعون على نساء النبي صلى الله عليه وسلم فرأينها سيئة الهيئة فقلن لها ما لك؟ فما في قريش أغنى من بعلك! قالت أما ليله فقائم وأما نهاره فصائم فلقيه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: “أما لك بي أسوة”

قال فأتتهن بعد ذلك عطرة كأنها عروس.

وعن حماد بن زيد قال حدثنا معاوية بن عياش عن أبي قلابة أن عثمان بن مظعون قعد يتعبد، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: “يا عثمان إن الله لم يبعثني بالرهبانية وإن خير الدين عند الله الحنيفية السمحة”

وفاتة

تُوفي عثمان بن مظعون رضي الله عنه وأرضاه في السنة الثانية للهجرة وقيل في السنة الثالثة وكان أوَّل من مات من المهاجرين في المدينة المنورة وأوَّل من دُفِن في البقيع وحزن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حزنًا شديدًا وبكى عليه وانكبَّ على جبينه يقبّله وقال رحمك الله يا أبا السائبِ خرجتَ من الدنيا وما أصبتَ منها ولا أصابتْ منك وكان رسول الله كثيرًا ما يذكره حتى أنَّه عندما ودَّع ابنته رقية عند وفاتها قال الحقي بسلفنا الخير عثمان بن مظعون

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.