المكاسب السيادية للتحول الرقمي

 

كتب احمد يسري جوهر

المسافة بين الاسكندرية و سواحل تركيا اقصر من المسافة بين الاسكندرية ومكة المكرمة  ، إلا انها مدينة مصرية عربية  يحج اهلها و يعتمرون و يتحدثون العربية وهي ليست في شيء من الهوية التركية ، و قد قامت الخلافة العثمانية و كان لها بمصر واليها منذ عام ١٥٢٤ م يورد لخزانة لامبراطورية العثمانية خراج مصر حتى استقلال محمد علي باشا الكبير عن العثمانيين ١٨٠٥ م .

ولهجة  وعادات سكان اي مدينة دور اساسي في الاستدلال على تفاصيل ماضيها. لم تتبدل الهوية العربية في مصر و ان مالت كل مدينة لثقافة او طبيعة ما بحكم موقعها ، لم تتبدل رغم تناوب دول و فترات الحكم الاجنبي عليها بما في هذه الهوية من لغة ، دين ، ثقافة و الاهم من الوسطية  المعتدلة التي هي اصل كلا من التماسك الاجتماعي و مواجهة المحتل .

في عالم يتخلله كثير من المتغيرات و المستجدات ، ما الذي يضمن لدولة تطل كل جهة من حدودها على ثقافة مختلفة ان  يظل اقصى جنوبها متماسكا اجتماعيا وثقافيا مع اقصى شمالها و شرقها مع غربها ؟

و من جهة اخرى ماذا يضمن استقرار الامن  في ظل تزايد عدد المدن الجديدة ؟

يمكن لنظام الحكومة الالكترونية تعزيز سيادة الدولة على اراضيها و يمكن له ان يقوم بادوار انفرادية في مجال مواجهة التطرف و خلايا الارهاب و رصد  التمويل الاجنبي ، ما كان لنظام حكومي بيروقراطي ان يؤديها .

إن المسألة الهامة ليست هل ستتبنى الدولة مشروع التحول الرقمي او ( رقمنة الاجراءات الحكومية ) ام لا . المسألة الهامة هي هل ستنظر له الحكومة كاداة بديلة للنظام البيروقراطي ،فتكون في المجمل لا تؤدي الا نفس عدد المهام ، ام ستنظر له كاداة اضافية بمكاسب اضافية مختلفة تنعكس على امنه و نشاطه المهني والولاء للوطن .

ان التحول الرقمي في احد مراحله يستدعي اعمال التوثيق  ثم الارشفة و التنظيم ثم تتدخل الدولة بالدور الخاص بها فتاخذ بما توفر لها من وثائق الكترونية ،

او يتقاعس موظف ما بجهاز ما فتتعطل المصالح وتتشوه مصداقية الدولة في سعيها للتطوير الحكومي بسبب احد الموظفين العموميين. ويكون هذا الموظف ثغرة انفلات امني في احد اطراف الدولة او مدنها يضعف من جديتها في تناول المسائل الامنية واهتمامها بأمن المواطن .

٤ / اكتوبر / ٢٠٢١

احمد يسري جوهر
باحث اقتصادي وسياسي
Exit mobile version