في الذكري لابد أن لا تموت الفكرة

بقلم / الدكتور  أحمد سمير 

تتكرر ذكري المولد النبوي الشريف في كل عام في اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول حيث يقوم المسلمون في كل مكان بإحياء ذكري رسول الله صلىى الله عليه وسلم وسماع سيرته العطرة لتتعلم الأجيال الجديدة منه ليتعرفوا أكثر عن شخصيته العظيمة كنبي للإسلام أرسله الله هدي ورحمة للعالمين وإن كان الاحتفال الصحيح  هي طاعته صلوات ربي وسلامه عليه على مدار العام وليس في يوم واحد فقط فمحبة النبي صلى الله عليه وسلم تكون بتحقيق سنته وليست قراءة سنته فقط لقوله تعالى:

{ قُلۡ إِن كُنتُمۡ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِی یُحۡبِبۡكُمُ ٱللَّهُ ويغفر لكم ذنوبكم } آل عمران ٣١

فليس من المعقول أن يكون نبينا خاتم النبين وإمام المرسلين ودعوة الإسلام دعوة عامة لكل من على الأرض وكتابنا أصح كتاب على وجه الأرض على مدار التاريخ والازمان فلم يكتفي بهذا فقط ولكنه حمل أمانة الدعوة ولواء الحق والعدل والأخلاق لينقلها إلينا بكل عزم وإصرار وحارب فيها كل قوي الشر فتجده صلى الله عليه وسلم يقول لعمه أبو طالب :

{ والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمرحتى يظهره الله أو أهلك دونه }

ولكن…. بعد هذا كله حري بنا أن نتبعه وأن تقوم هذه الامة المكلومة في هذا الزمان وتنفض غبار التفرق والتشرذم وتكبير أسباب التنازع والخلاف فنوحد شملنا ونجتمع في مثل هذه الأيام المباركة بأفرادها وعلمائها ومؤسساتها حول رسولنا الكريم والالتزام بما جاء في كتابنا من أمور أربع نجدها في قوله تعالي:

{ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}

﴿157﴾ الأعراف.

فالإيمان الصادق الذي لا يتزعزع والحب والتقدير الذي لا يقل أو يضعف والدفاع والنصرة التي لا تتقهقر وطاعة واتباع بلا انحراف أو تلون بهذه الامور وحدها تعود الأمة لتسلك طريق الرفعة ويحقق أفرادها الفلاح المنشود

فقد باتت الاعتداءات على المسلمين شائعة في كل أرجاء العالم دون أن تلقي سوي القليل من الإدانة من حكومات العالم أو المنظمات وهذا لا يدل إلا على أن الكراهية أصبحت طاغية وبات الاعتداء على المسلمين أمرا مستحبا كما يكافأ دعاة الكراهية على أفعالهم ومنها ما شاهدناه مؤخرا من أخبار مؤلمة عن حملة كبيرة في الهند تستهدف وجودهم بالتهجير والقتل مع التلويح بنزع الجنسية عن ملايين المسلمين لتجريدهم من حقوقهم ولتسهيل استباحتهم على أوسع نطاق على الرغم من أن عدد المسلمين في الهند حوالي 200 مليون نسمة وكأنها ثمن تمسك المسلمون الهنود بإسلامهم والحفاظ على هويتهم الإسلامية والوصول .إلى النجاح الذي قل نظيره في العالم الإسلامي كما أصبحت مدارسهم أهم نقطة إشعاع للثقافة الإسلامية واللغة العربية في جنوب شرق أسيا

فإلى متي يا أتباع رسول الله نهتم بالمظهر ولا نهتم بالجوهر؟! وهو من قال :

{ لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين }

فوالله لا يكون ذلك إلا بإحياء الجوهر وليس المظهر فقط ونحقق ما تركنا رسول الله عليه بقوله

{ تَرَكْتُكُمْ عَلَى المحجة الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا إِلَّا هَالِكٌ }

والمحجة البيضاء هو الطريق الواضح الذي مهده رسول الله صلى الله عليه وسلم ومات من أجله والتي سوف نحاسب عليها يوم القيامة إنها المحجة البيضاء أو قل باختصار شديد إنه الإسلام

ففي ذكري مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم لابد أن لا تموت الفكرة الذي حملها لنا ومات من أجلها

د.أحمد سمير
مؤسس ورئيس مؤسسة الحياة المتزنة العالمية
Exit mobile version