الصراط المستقيم

إجابة الرسول عن السؤال الواحد بعدة إجابات 

بقلم أ.د.نادية حجازي نعمان

من المدهش حقًا أن بعض الشيوخ يرفضون الاعتراف بأن هناك حالات خاصة تعامل معها الرسول على خصوصية الحالة والأمر جد خطير.

شدد القرضاوي ( حفظه الله ورعاه ) رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، على أن تغير الفتوى بتغير الزمان والمكان والحال والعرف يعد من العوامل المؤكدة على صلاحية الشريعة الإسلامية للخلود، موضحًا أن دائرة الأحكام المتغيرة أكثر من الأحكام القطعية التي لا يجوز اختراقها.

بمعنى ان الاحكام القطعية الواصلة إلينا كمسلمين…تمثل5% فقط من الأحكام مما يؤكد ان غالبية الأحكام متغيرة وقد اتفق العلماء على تغير الفتوى بتغير الزمان والمكان والحال والعرف وأوضح أن الفتوى قبل الابتلاء بالفعل، غير الفتوى بعد الابتلاء به، بمعنى أنه إذا ابتلي الرجل بالشيء فعلى المفتي أن يجد له مخرجًا.

و هذا ما حدث فى واقعة صلاة عمرو بن العاص رضي الله عنه بالمسلمين اثناء كونه فى حرب وكان جنبًا وصلى بهم متيممًا…وكان هو المرسل أمير للسرية فما كان من سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام إلا أن أقر له هذا …فالأمر قد حدث وسيدنا عمرو قد صلى بالفعل بالمسلمين ولا مناص من قبول الحدث فأقر الرسول له ذلك بعد ان تبسم وقال له:صليت بالمسلمين جنبًا متيممًا يا عمرو ابن العاص؟!

أقر الرسول بذلك فعل هذا الأمر فى ظروف مثل ظروف عمرو بن العاص ( حرب ) وليس للجالسون فى المنازل فلم يكن عمرو ابن العاص فى بيته وأقر الرسول فعله هذا .

الجنب وليس هناك ماء يتيمم ويصلي حتى لا يخرج الوقت ولكن أن يذهب المسجد ويصلي إمام بالمسلمين فهذا مكروة

فهو ليس عمرو بن العاص الأمير على السرية …كما أن حوله المسلمين فى المسجد كلهم أفضل حالًا منه لأنهم ليسوا جنب متيممين وكما يعلم المسلمون لابد ان يكون الإمام هو الأفضل حالًا فى عدة أمور.

الفتوى من الأمور التي عرفت منذ القدم، ومازال الناس حتى الآن يستفتون والعلماء يجيبون، ونود في البداية أن نعرف ما  الفتوى؟؟

الفتوى يراد بها بيان الحكم الشرعي في اجتهاد المفتي، أي كما يراه المفتي من خلال الإجابة عن سؤال، وهناك في بيان الأحكام نهجان، حتى في القرآن نفسه: بيان مبتدأ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ) وبيان إجابة عن السؤال (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ المَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي المَحِيضِ) (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ) إلى آخره.

كما ذكرت الكاتبة أن الفتوى تتغير بالزمان والمكان والعرف وهو عادات …والأعراف والعادات هي مجموعة يسمونها طبيعة ثانية، ولذلك فينبغي للمفتي أن يراعي تغير العادات والأعراف، ومن القواعد التي اتفق عليها الفقهاء قولهم: العادة محكمة، واستدلوا لهذا بقول ابن مسعود: “ما رآه المسلمون حسنًا، فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون قبيحًا فهو عند الله قبيح”، وبعضهم ظنه حديثًا مرفوعًا، والحقيقة أنه من كلام ابن مسعود، ولكن له أصل أن الشرع يعتبر رؤية المؤمنين معتبرة (فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ)، معناه أن رؤية المؤمنين لها أهمية، ومن أجل هذا يجب أن تراعى أعراف الناس؛ لأنهم ما تعارفوا على هذا الشيء إلا لأنهم يحتاجون إليه، وأنه يحقق لهم مصلحة، فرعايته معناها رعاية المصالح التي من أجلها كان هذا العرف سائدًا.

شريعتنا الإسلامة قوية جدًا و لن يستطع أحد أن يهزها مهما كان …شريعتنا لها دائرتان: دائرة ثابتة لا تقبل التغير ولا الاجتهاد، وهي دائرة القطعيات، بمعنى الأحكام الثابتة بسندها القطعي ودلالتها القطعية، فهذه تمثل وحدة الأمة العقائدية ، والفكرية، والتشريعية، والسلوكية، وهي تمثل الثوابت التي لا يجوز اختراقها، وهذه الدائرة محدودة جدًّا لكن مهمة جدًا وأرجوكم وضع مليون خط تحت جملة ( محدودة جدًا ) أما الدائرة الأخرى فهي واسعة جدا، وتشمل كما ذكرت مسبقًا فى هذا المقال…تشمل حوالي خمسة وتسعين بالمئة أو أكثر من أحكام الشريعة وهي قابلة  للتغير بموجبات التغير المختلفة.

يجب على الشيوخ الأفاضل الا يصدروا قرارًا بأن  كل حرف نطقه الرسول فهو

لا يتغير….من أين لكم هذا!!!!!

اذا كان كذلك فلماذا غير الرسول كلامه فى رده على نفس السؤال و كان رده إجابات مختلفة….هذا هو عنوان مقالي :لماذا غير سيدي الرسول عليه الصلاة والسلام…لماذا غير رأيه!!!؟؟؟

بعض الشيوخ الأفاضل يرفض تغير الفتوى بتغير المكان والزمان وقالوا إن ابن القيم انفرد بهذا، لكن هذا ليس بصحيح، ففي تراثنا الفقهي ذكروا أن عمر بن عبد العزيز كان يأخذ بالشاهد واليمين حينما كان أميرًا على المدينة، ولكن حينما وصل إلى الخلافة في دمشق، لم يكن يأخذ بهذا ولما سئل عن ذلك، قال: إنا رأينا الناس في الشام، على غير ما كان عليه الناس في المدينة.

الناس تقول ان الزمن تغير لكن إذا عملنا معًا تحليل لهذه الجملة فسنكتشف فورا الآن  أن المتغير الحقيقي، هو الإنسان، فكما تقول الخنساء: إن الجديدين في حال اختلافهما لا يفسدان، ولكن يفسد الناس، وكما قال الشاعر:

نعيب زماننا والعيب فينا       وما لزماننا عيب سوانا

فالإنسان هو الذي يتغير، ولكن مرور الزمن له أحكامه، حتى رأينا أصحاب أبي حنيفة يخالفونه في أكثر من ثلث المذهب، وهم لم يخرجوا عن أصول المذهب، ولكن قال الحنفية: أن اختلافهم هو اختلاف عصر وزمان، وليس اختلاف حجة وبرهان، رغم أن اختلاف زمان أبي حنيفة، وزمان أبى يوسف أكبر أصحابه كان في حدود 32 عاما، فهو ليس بالزمن البعيد، كما أن الحياة كانت في ذلك الوقت بطيئة التغير.

شيوخنا الأفاضل

(فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ).

استيقظوا لوجوب التغير

مع الزمان والمكان والعرف

2021/12/14

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.