احدث الاخبارالفن والثقافة

بين الماضي واطلال الحاضر “عجرود ملتقى طريق الحج القديم”

قلعة عجرود القديمة 1890

من اختيارات / محمود حسن

شهدت قلعة عجرود بالسويس أهم الصراعات التاريخية بين العثمانيين والمماليك كانت القلعة والطريق المؤدي إليها أهم المحطات التاريخية للحجاج في شمال أفريقيا تم تشييد القلعة عام 1509م وهي مستطيلة الشكل طولها 37 مترا وعرضها 15 مترا تبعد القلعة نحو 20 كيلو مترا عن مدينة السويس لم يتبق من الخان والقلعة سوى بقايا البئر القديم وأرض الخان اسم عجرود أصله كلمة يونانية وهي هجروت وتعني المكان القفر الذي لا زرع فيه ولا ماء.

لأنه أهم طريق تاريخيا للحجاج في شمال أفريقيا، كان الهدف الأول للعثمانيين عندما دخلوا مصر أن يسيطروا على طريق الحجاج في محافظة السويس، وخاصة قلعة “عجرود ” وبئر المياه بها، مصدر المياه الرئيسي للحجاج ولذلك هاجم العثمانيون القلعة فور دخولهم إلى مصر ليسيطروا على أهم الطرق الدينية.

وحسب تأكيد المؤرخين كانت من أهم طرق العثمانيين هو استخدام طريق الحجاج بالسويس، نظرا لقيمته الدينية، بجانب أنه الطريق المهم لسير القوافل التجارية التي تتحرك من دول شمال أفريقيا إلى قارة آسيا وصولا إلى البحر الأحمر.

الصورة وهى لاطلال قلعة العجرود الشهيرة بطريق القاهرة – السويس ملتقى طريق الحج القديم، والتى لم يتبقى منها حاليا الا بقايا البئر القديم الذى كان لسقاية الحيوان وكان لا يصلح لسقاية البشر، ارض القلعة تابعة حاليا للشركة العامة للبترول، وهى تبعد قرابة 20 كم عن مدينة السويس، كانت القلعة استراحة للحجيج يتزودون فيها بالغلال والماء قبل انتقالهم الى منطقة تل الحاج (جبلاية السيد هاشم حاليا)، ومن هناك يعبرون الى منطقة الشط ثم الى نخل داخل سيناء، وبعدها توقف طريق الحج بالقوافل عام 1858م بعد انشاء خط السكك الحديدية.

اسم عجرود اصله كلمة يونانية وهى هجروت، انشأ السلطان قلاوون خان للمسافرين وحفر بئر بها بعمق 40 متر وانشأ ربع تملأ بالمياه لشرب الحجيج ، يصف مائها الرحالة (محمد كبريت ) المتوفى عام 1070 هجريا ( ثم أتينا عجرود ذات الجفا والصدود، متعطشين إلى الما، متألمين من الظما، فشربنا من مائه الذي زاد على الملوحة بالمرار، ومن فقد العين تعلل بالآثار.

وكلمة عجرود تُعنى ” المكان الفقر الذى لا زرغ فيه ولا ماء” حيث يذكر الرحالة المغربى ابن عبد السلام الدرعى عن عجرود ” عجرود: ليس فى هذا البندر شجر ولا زراعة”، ووصفها أحد الرحالة قائلاً: ” لقد اتينا غلى عجرود ذات الجفا والصدود، مُتعطشين الى الماء، مُتألمين من الظمأ.

تنقسم المنطقة إلى العديد من المنشأت المعمارية المُختلفة ( البئر- برك المياة- الخان- القلعة- مساجد- ملحقات خدمية -جبانه لدفن الموتى).

البئر:
هى أقدم ما تم تشيده فى المنطقة وهى تأخذ الشكل الدائرى، طويت بمداميك من الحجر الجيرى الأصفر الصلب ويبلغ إرتفاع المدماك الواحد 40سم، وكان عمق البئر الأصلى حوالى 70,00 م وكانت تتم عملية إستخراج المياه من البئر عن طريق ساقية من الخشب هى وسيلة مُستخدمة منذ العصر المملوكى وإستمرت حتى القرن الثالث عشر الهجرى وكانت تلك السواقى تُدار عن طريق الأبقار والثيران والجمال التى كانت تأتى من القاهرة أثناء فترة الحج وتعود مرة أخرى بعد إنتهاء موسم الحج، وكانت المياة هى العامل الرئيسى وراء ازدهار وتطور المنطقة.

برك المياة:
شيد آل ملك الجوكندار الناصرى “نائب السلطنة بمصر اثناء فترة الناصر محمد” عدد أربع برك بمنطقة عجرود وهى تقع الى الجنوب الشرقى من البرج والتى كانت تملأ عن طريق ساقية مُركبة على البئر التى بداخل البرج ومُتصلة بالبرك من خلال قناة حجرية ويُحرك تلك الساقية مجموعة من الثيران.

بين الماضي واطلال الحاضر "عجرود ملتقى طريق الحج القديم" 12

الخان:

شُيد الخان فى خلال عهد السلطان المملوكى الناصر محمد بن قلاوون وهو السلطان محمد الأعظم، الملك الناصر، ابن السلطان الملك المنصور، سيف الدين الصالحى، من أعظم ملوك الآتراك، وهو السلطان العاشر فى دولة المماليك البحرية، وتحت إشراف الأمير الحاج سيف الدين آل مَلك الجوكندار الناصرى نائب السلطنة بالديار المصرية، ويقع الخان شرق قلعة السلطان قانصوه الغورى على مسافة 150 متر وتبلغ مساحة الخان 60×60 متر ويدعم أركانه عدد أربع ابراج وله بوابة توجد بالضلع الشرقى كان يكتنفها برجان أنصاف دوائروتوجد به حجرات خدمية مربعة ومستطيلة التخطيط وتوجد به ملحقات خدمية عبارة عن أفران لإعداد الطعام وطواحين لطحن الغلال وذلك بالضلع الشرقى من الخان كما كان ملحق به مسجد، وكان الهدف من إنشاء الخان للإقامة رجال الحامية والمسافرين وإيداع ودائع وأمانات الحجاج وايضاً كان يتم فيه ترتيب القافلة على النظام المعروف بالتقطير والتعقيب فى السير، كما كان الخان أحد الأسواق الكبيرة التى كانت تُنصب أثناء موسم الحج لتزويد الحجيج بما يحتاجونه أثناء الحج وكان يأتى إليه التجار من جميع الأماكن القريبة من عجرود مثل السويس وبلبيس.

القلعة:
شُيدت فى عهد السلطان الأشرف أبو النصر قانصوه الغورى “وهو السلطان المملوكي السادس والأربعون وهو العشرون من المماليك الجراكسة” وتحت إشراف الأمير خاير بك المعمار شاد العمائر السلطانية عام 914 ﻫ، وكان السبب فى إنشاء تلك القلعة هو حماية قوافل الحجاج خاصاً أنه كان هذا الطريق دائماً ما يعترضه قطاع الطرق لنهب قوافل الحجاج.
إتخذت القلعة شكل مستطيلى بطول 37متر وعرض 15متر وفى كل من الركن الشرقى والغربى يوجد برج.
ولكن تراجعت مكانة عجرود وفقدت ازدهارها بعد ان كانت الطريق الرئيسى لسفر المحمل وكسوة الكعبة فأصبحت لاشئ وذلك بعد إنشاء خط السكة الحديد بين القاهرة والسويس عام 1856 ثم ميناء السويس وإهملت بشكل كبير فى عهد الخديوى إسماعيل.
وكان يوجد بالمنطقة مجموعة من الجنود دائمون الإقامة فى المنطقة لحراستها ولحراسة ايضاً درب الحج مقابل مال يُصرف لهم من بيت المال.

بين الماضي واطلال الحاضر "عجرود ملتقى طريق الحج القديم" 13

الأثار المُكتشفة بالمنطقة:
1- تم العثور بمنطقة عجرود على مجموعة من الوثائق الإدارية والكشوف الحسابية التى توضح النظام الإدارى والتجارى بالقلعة والخان وهم محفوظون بمتحف السويس القومى بقاعة المحمل “فاترينة المكتبة”.

بين الماضي واطلال الحاضر "عجرود ملتقى طريق الحج القديم" 14

2-خطاب شخصى مؤرخ 15 شهر صفر 1240ﻫ محفوظ بمتحف السويس القومى ويُذكر فيه:

“السلام التام والتحية والإكرام نخص بذلك حضرة محبنا العزيز حسين ابو على الشربينى ومحمد ابو نادى اعزهم الله امين. بعد مزيد السلام عليكم مع كثرة الاشواق عليكم على انك يا حسين ترسل لنا دراهم بسيونى ابو سليمان لأنه متبقى علينا واستلفناهم وسديناه وكذلك يا محمد يبوا نادى ترسل لنا الأربعة ريال لأن الأمر لازم اللهم قوى فلبى فلبى من ارسال كامل الدراهم الذى طرفكم وقد عرفناكم والله تعالى يحفظكم والسلام عليكم من عند على ابو شاهين”.

بين الماضي واطلال الحاضر "عجرود ملتقى طريق الحج القديم" 15

3- راية من موكب المحمل الشريف محوفظة بمتحف السويس القومى بقاعة المحمل.

4- بعض الأوانى الفخارية والحلى والأدوات التى توضح اسلوب الحياة الإجتماعية فى منطقة عجرود وهى ايضاً محفوظة بمتحف السويس القومى.

5- مجموعة من الشُبك وهى اشهر ادوات التدخين مصنوعة من الفخار والحجر الطبيعى والمعادن.

بين الماضي واطلال الحاضر "عجرود ملتقى طريق الحج القديم" 16

6- جزء من ورقة تحتوى على مجموعة من الحروف الغير مفسرة.

7- قطعة اخرى من الورق تحتوى على بعض الحسابات لأحد الرجال الحامين للقلعة.

8- قطعة تحتوى على بعض المخربشات واسم لأحد الأشخاص يُدعى الشيخ مصطفى.

هذا غير كميات كبيرة من الفخار المتناثرة فى ارجاء القلعة وهذا ما يدل على ان المنطقة غنية بالقطع الأثرية.

وهذه الوثائق محفوظة بمتحف السويس القومة، قاعة المحمل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.