الفقر لايمنع من إطعام الطعام لدخول الجنة
بقلم / الدكتور محمد النجار
ما أكثر الجوعى والمنكوبين والمساكين في عالمنا العربي والإسلامي،وقد تزايدت أعداد النازحين واللاجئين. فكيف نعالج أزماتنا نحن المسلمين؟
لنا في ديننا الإسلامي العظيم توجيهات ربانية تسمو بالإنسان وترفع درجاته ، وتساهم وتخفف من أزمات الانسانية وعلى رأسها “أزمة الجوع والحرمان” .
جاء أَعرابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ : عَلِّمْنِي عَمَلًا يُدْخِلُنِي الجنة! فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:
((أطْعِمِ الْجَائِعَ وَاسْقِ الظَّمْآن )) رواه أحمد
ومن أحب الأعمال وأفضل الطاعات عند الله “إطعام الطعام”،فإنه من أسباب دخول الجنة ، قال الله تعالى : (((وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا. إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا. إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا. فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا. وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا)) (الإنسان:5-12
وقال الله تعالى : (((أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ. يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ. أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ. ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ. أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ)))البلد:14-18
فقير استضاف رسول الله على عصيدة
عن عبدالله بن بسر قال : بعثني أبي إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أدعوه إلى الطعامِ ، فجاء معي “الرسول” صلى الله عليه وسلم . فلما دنوتُ المنزلَ أسرعتُ فأعلمتُ أبويَّ ، فخرجَا فتلَقَّيا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ورحَّبا به ، ووضعا له قطيفةً ، فقعد عليها ، ثم قال أبي لأُمِّي : هاتِ طعامَكِ ، فجاءت بقصعةٍ فيها دقيقٌ قد عصدَتْهُ بماءٍ ومِلحٍ ، فوضعتْه بين يدي رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال : خُذوا باسمِ اللهِ من حوالَيها ، وذَروا ذروتَها فإنَّ البركةَ فيها ، فأكل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وأكلْنا معه ، وفضلَ منها فضلةٌ ….
ماذا كان طعام ضيافة النبي ؟؟
لم يكن ضمن الطعام الذي تم استضافة النبي عليه أنواع شتى من الطعام والمشويات والمقليات ، بل كان حسب نص الحديث ((قصعةٍ فيها دقيقٌ قد عصدَتْهُ الصحابية الجليلة بماءٍ ومِلحٍ ، فوضعتْه بين يدي رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ”
فلم يمنع ضيق حال هذا الصحابي من أستضافة النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يخجل من تقديم هذا الطعام البسيط لخير الأنبياء والرسل ، وإنما قدمه بحب وإخلاص للنبي صلى الله عليه وسلم ، ففازت الأسرة باستضافة خير البشر ، كما فازت بالدعاء العظيم الذي دعا لهم به النبي صلى الله عليه وسلم :
دعاء النبي لصاحب البيت وعائلته
ثم دعا النبي صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ :
((اللهمَّ اغفرْ لهم وارحمْهم وبارِكْ عليهم ووسِّعْ عليهم في أرزاقِهم))
أليس لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة ؟
وفي صحابته الكرام الذين تربوا تحت عينيه ، وفازوا برضاه ورضى الله الكريم؟
فالمسلمون في العالم العربي خاصة يمرون بأزمة انسانية ، كثيرون منهم مهاجرون ، ومقهورون ، وجوعى وعطشى وعرايا ، فهل نعود لديننا العظيم ونطعم الطعام ونساهم في حل أزمة الانسان في عالمنا الذي نعيش فيه؟
الدروس المستفادة:
- الفقر وضيق الحال لايمنع من إطعام الطعام،بل يقدم الإنسان الطعام حسب طاعته .
- النية في اطعام الطعام لوجه الله وليس للمنظرة والاختيال.
- عدم رد الدعوة ولو كانت على دقيق وخبز ، فقد قبل النبي صلى الله عليه الدعوة ، ودعا لأصحابها .
- عدم احتقار الطعام الذي يقدمه الداعي، فقد تكون كسرة خبز من فقير أكثر بركة ونفعا وعلاجا من أشهى طعام غني.
- الدعاء لصاحب الدعوة بالمغفرة والرحمة وتوسعة الرزق .
- تعليم النبي اصحابه آداب الطعام والأكل من حوالي الطعام وليس من ذروته ، وهذا أدعى للبركة في الطعام.
د.محمد النجار
الإثنين 14 مارس 2022
الموافق 11شعبان1443هـ