بقلم / دكتورة وفاء الشيخي
منذ سنوات تغيبت المسلسلات الدينية والتاريخية عن الدراما الرمضانية فلم نعد نرى اي مسلسل ديني او تاريخي يدخل السباق الرمضاني على رغم الكم الهائل من المسلسلات المتنوعه التي يعرضها سوق الدراما العرببه خلال شهر رمضان المبارك سواء أكانت اجتماعية ،رومانسية ، معاصرة ،بدويه او كوميدية. والتي في اغلبها تعكس حالة من التهربج والتفاهة والسطحية وتفتقر للكوميديا الحقيقية.
علامات استفهام
الأمر الذي يطرح الكثير من علامات الاستفهام والاستغراب ويثير العديد من التساؤلات , فهل يتجاهل صناع الدراما العربية عن عمد هذه النوعية من المسلسلات التي من شأنها ان تعزز الثقافة التاريخية والاسلامية والهوية العربيه؟ ام ان تكاليف الانتاج الضخمة لهذه الاعمال والتي عادة ما يبتعد عنها القطاع الخاص وتتولاها جهات رسمية عزفت منذ زمن عنها ولم تعد تعيرها اهتمام ؟ ام انه ندرة وغياب المختصين الذين يجيدون لغة الكتابة الدرامية لهذه النوعية من الاعمال ؟ ام انها كل هذه الاسباب مجتمعة ؟ .
مجهر التقييم و النقد
فإذا ما وضعنا معظم ما يعرض ويبث على فضائياتنا العربية وقنواتنا التلفزيونيه خلال الخمس سنوات الماضية تحت مجهر التقييم و النقد نجده يحتاج الى كثير من المراجعة والتنقيح . فإن كان الهدف من الأعمال الفنية الدرامية وغيرها الإرتقاء بذوق المشاهد الجمالية وإثراء حصيلته المعرفية والثقافية والتحليق به في سماء الإبداع والخيال والجمال فنجد أن كثير من الاعمال الدرامية العربية فشلت في تحقيق هذا الهدف ابتداء من النصوص الركيكه وسطحية الأفكار والاداء غير المقنع والتتفيذ الاستهلاكي وغياب الرؤية الاخراجيه الواضحة وضعف المقومات الفنية والجمالية والانتاجية, والتكرار وعدم القدرة على الابتكار والتجديد والابداع , ناهيك عما تحتويه بعض هذه المسلسلات من ألفاظ بذيئة وإيحاءات مبتذلة، ومشاهد تخدش الحياء لاتمت لمجتمعاتنا العربية والاسلامية بصلة !!.
بارقة أمل
ولكن يبدو ان رمضان هذا العام 2022 يأتي ببشرى وبارقة أمل وضوء نهاية النفق وحضور درامي تاريخي مستحق انتظرناه طويلا يتمثل في المسلسل الملحمي ” فتح الاندلس” الذي يخرجه وينتجه المخرج الكويتي محمد سامي العنزي وقد تم رصد ميزانية لإنتاجه قدرت بحوالي 3.3 مليون دولار أمريكي.
ويتوقع أن يحقق المسلسل نجاحا باهراً ونسبة مشاهدة عالية خلال شهر رمضان القادم .
والجدير بالذكر ان هذة النوعية من المسلسلات الى جانب تكلفتها الباهضة تحتاج الى مراجعة تاريخية دقيقة من قبل مختصين وخبراء حتى لاتدخل في جدلية تزوير التاريخ وتزييف الحقائق, وفي هذا الجانب يؤكد العنزي أنه تمت مراجعة النص وما يحمله بين طياته من وقائع تاريخية من قبل جهات مختصة رصدت بوعي ونزاهة تفاصيل العمل حيث تدور أحداث المسلسل في الفترة التاريخية الواقعة ما بين
(89هـ وحتى 96هـ / 709م وحتى 715م).
وتحكي قصة القائد الإسلامي طارق بن زياد خلال رحلة الفتح الإسلامي للأندلس أثناء ولاية أمير افريقيا موسى بن نصير في عهد الدولة الأموية، مستعرضًا الصعوبات والمعوقات التي واجهها لتحقيق هذا الفتح ضمن فترة التحضير لعبور البحر من أجل فتح الأندلس.
وقد تمت كتابة المسلسل بصور جمالية عبرت عن الوجدان والحس الإنساني في سياقه الدرامي ، مسلطة الضوء على احداثه التاريخية و شخصياته البطولية موثقة كافة تفاصيله
بعمق مؤثر لتساهم في ترسيخ الامجاد وبطولات الاجداد في عقل ووجدان المشاهد العربي وتشعره بالانتماء والفخر لتلك الشخصيات وتخلدها في ذاكرة النشئ والاجيال القادمة .
وقد اشترك في كتابة المسلسل ستة من الكتاب العرب هم : مدين الرشيدي من الكويت , صالح السلتي وإبراهيم كوكي ومحمد اليساري من سوريا ، أبوالمكارم محمد وصابر محمد من مصر .
ويضم العمل اكثر من 250 ممثلا وممثلة من جميع الدول العربية على رأسهم الممثل السوري سهيل الجباعي الذي يجسد شخصية البطل الاسلامي طارق بن زياد, و هشام بهلول من المغرب في شخصية شداد ذراع طارق بن زياد الايمن وقائد جيوشه، ورفيق علي أحمد من اللبنان الذي يجسّد شخصية موسى بن نصير، والممثل الأردني عاكف نجم في شخصية أبو بصير شيخ طارق بن زياد ، والممثل اللبناني بيار داغر في شخصية جوليان حاكم سبتة، والفلسطيني تيسير إدريس الذي يجسّد شخصية لوذريق حاكم طليطلة , قام بدور طريف بن مالك الممثل الاردني خالد الغويري ، كما يشار في العمل جيني اسبر, والعديد من نجوم العرب المعروفين.
وقد تم تصوير العمل بالكامل في لبنان في بيروت / الجبيل / الباروك .
وسيعرض المسلسل على عدة قنوات فضائيه منها قناة ام بي سي , وتلفزيون الكويت وغيرها من القنوات .
فهل سيكون فتح الاندلس بداية فتح جدبد لعالم الدراما التاريخية ؟.