الصراط المستقيم

تعرف على حكم تسجيل المكالمات الهاتفية في الشرع والقانون

بقلم / د.  محمد رجب

تنوعت وسائل الاتصالات في حياتنا المعاصرة وأصبحت المسائل متشابكة ، ومتداخلة و اختلط كلام الناس فيها ،  ولابد من بيان الحكم الشرعى و القانونى في هذه المسألة .

ومن المعلوم أن تسجيل المكالمات لا يقع غالبا إلا لإسماعها لغير من أجريت معه،  وهذا إن لم يأذن به صاحبه أو يُعلم من حاله أنه لا يكرهه ففيه تعدٍ ونوع خيانة، وهو من عظائم الأمور.  وبقصد الافساد والضرر وإحداث الفتنة بين الرجل وزوجته أو  أولاده أو عائلته أو زملائه،  أو بين العدو والصديق،  أو لتحقيق مصلحة أو ضغط علي الناس في بعض الأحيان..

وإذا كان المنقول مما يفسد ذات البين فإسماعه للغير يدخل في الغيبة و النميمة المحرمة .

ومما يتناول هذه القضية بصفة عامة قول النبي صلى الله عليه وسلم:(  إذا حدث الرجل الحديث ثم التفت فهي أمانة).

وعن جندب بن عبدالله رضي الله عنه  قال،  قال:   رسول الله صلى الله عليه وسلم:  (  من سمع سمع الله به،  ومن يرائى يرائى الله به )  مسلم حديث رقم 2987.

وحديث جابر مرفوعا:( المجالس بالأمانة).

قال االإمام المناوي في كتابه  فيض القدير  : أي لا يشيع حديث جليسه إلا فيما يحرم ستره من الإضرار بالمسلمين ولا يبطن غير ما يظهر.

وقال في موضع آخر: أي إن المجالس الحسنة إنما هي المصحوبة بالأمانة أي كتمان ما يقع فيها من التفاوض في الأسرار فلا يحل لأحد من أهل المجلس أن يفشي على صاحبه ما يكره إفشاؤه.

ومن الأمانة:  أن لا تُسجَّل مكالمة إنسان يُعلم من حاله أنه يكره ذلك ولا يأذن فيه، ولا سيما إذا كان فيها إلحاق ضرر بأحد أو هتك ستره.

فعن ابن عمر قال: ( صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فنادى بصوت رفيع فقال: يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله ) .

وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: ((لا ضرر ولا ضرار )).

فإذا علم أن المتصل لا يكره تسجيل مكالمته فلا حرج في ذلك، وإذا شك في كراهته لهذا فليسأله وليستأذنه.

أو كنوع من توثيق مهام العمل، مثل الاخطارات الورقية التي تثبت ما يطلب من موظف من مهام، فيجوز تسجيل مكالمة المهام للرجوع إليها وقت الحاجة.

بعد هذا البيان نبين حكم تسجيل المكالمات شرعا وقانونا : 

اذا أجريت بدون علم من  أجريت معه فهى حرام شرعا.

وامام القانون المصرى:  تكون العقوبة الحبس سنة ، لكل من اعتدى علي حرمة الحياة الخاصة للمواطنين،  مادة 309 مكرر من قانون العقوبات.

ونصت المادة 57 من دستور عام 2014  أن تسجيل المكالمات يدخل في نطاق المراسلات البريدية والالكترونية والبرقية ويشمل المحادثات التليفونية وغيرها من وسائل الاتصالات المختلفة.

وذلك:  بأن استرق السمع أو سجل أو نقل عن طريق جهاز من الأجهزة أيا كان نوعه محادثات جرت في مكان خاص أو عن طريق التليفون….

و بناء عليه كفاه تحذيرا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (  من سمع الناس بعمله سمع الله به سامع خلقه،  وصغره،  وحقره )  أي أن من أعلن عيوب الناس و فضحهم،  ولم يستر عليهم،  يفضحه الله ويكشف ستره،  في الدنيا ويوم القيامة أمام الخلائق…

فليحذر  كل انسان أن  يقع تحت طائلة الشرع  والقانون،  ويعتدى علي حرمات الله،  وحرمات الناس  فالعقاب وخيم،  والعاقبة سيئة  ..

. هدانا الله جميعا  إلي سواء الصراط وخسن المقال وجميل الفِعٓال…  والحمد لله رب العالمين….

د.  محمد رجب

مدير إدارة الفتوى بوزارة الأوقاف المصرية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.