القلق على الرزق

بقلم / د. محمد رجب
بدأ القلق ينتشر في أوساط كثير من الناس بسبب المخاوف من قلة الرزق ، وضعف الناحية الاقتصادية ، بسبب ما يحدث من قرارات تتعلق بالرواتب، ورفع الأسعار وغيرها.
فأحببت أن أذكر نفسي وإخواني بما يلي:
* من توحيد الله أن تعتقد أن الله هو الخالق الرزاق المالك { إنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} الذاريات / 58
و مدبر الأمر قال تعالى : وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} هود/ 6.
لذا المعصية من أجل الرزق نقص في توحيد الربوبية الذي كان يؤمن به كفار قريش.
* اعلم علم اليقين أن رزقك وأجلك قد كتبا لك وأنت في رحم أمك بعد نفخ الروح فيك وأنك لن تموت حتى تستكمل رزقك وأجلك.
* خذ بالأسباب واحرص على إتقان عملك، ومهنتك ، وتطوير ذاتك ، وحسن الخلق مع العاملين معك.
* عليك في الإنفاق بتنفيذ قوله تعالى:{ وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا الإسراء / 29
المعاصي سبب للحرمان من الرزق:
1* اعلم أن المعاصي سبب للحرمان من الرزق وأن الطاعة سبب للبركة في الرزق وزيادة الخير.
قال تعالى عن القرية التي يأتيها رزقها من كل مكان: { وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ ءَامِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍۢ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ ٱللَّهِ فَأَذَٰقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلْجُوعِ وَٱلْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ} النحل / 112
وقال تعالى:{ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْقُرَىٰٓ ءَامَنُواْ وَٱتَّقَوْاْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَٰتٍۢ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَٰهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} الأعراف / 96.
أسباب شرعية للرزق:
* الرزق ليس قاصرا على الأسباب المادية من الحرفة والوظيفة بل هناك أسباب شرعية للرزق علينا الحرص عليها ومنها:
– التقوى:
فقد قال سبحانه:{ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا.} {الطلاق:2-3}.
– إقامة الصلاة:
قال تعالى: { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ۖ لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُكَ ۗ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ} طه/132.
– التوكل على الله:
عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «لو أنكم كنتم توَكَّلُون على الله حق توَكُّلِهِ لرزقكم كما يرزق الطير، تَغْدُو خِمَاصَاً، وتَرُوحُ بِطَاناَ». صحيح، رواه الترمذي وابن ماجه واحمد
– الاستغفار:
قال تعالى :{فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} سورة نوح /10-12.
– المتابعة بين الحج والعمرة
:{ تابِعوا بينَ الحجِّ والعمرةِ ، فإنَّهما ينفِيانِ الفقرَ والذُّنوبَ ، كما ينفي الْكيرُ خبثَ الحديدِ والذَّهبِ والفضَّةِ وليسَ للحجِّ المبرورِ ثوابٌ دونَ الجنَّةِ} صحيح. النسائي : حسن صحيح، أخرجه الترمذي (810)، والنسائي (2631) واللفظ له، وأحمد (3669).
– صلة الرحم:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:{ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ له فِي رِزْقِهِ، وأَنْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ, فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ} . أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ.
واحبنا:
* علينا بث التفاؤل وحسن الظن بالله واليقين في الناس، ولكم في هاجر -عليها السلام- أسوة حسنة حيث تركها زوجها في مكان موحش ، لا يوجد معها من مقومات الحياة إلا جراب فيه تمر وسقاء فيه ماء ، ولما سألت زوجها إلى من تتركنا؟ ولم يرد عليها، قالت: آلله أمرك بهذا ؟ قال: نعم. قالت: إذن لن يضيعنا.
فجاءها رزق الله سريعا من نبع زمزم وصارت خطواتها بين الصفا والمروة ركنا من أركان الحج والعمرة.
* من أعظم أسباب عدم القلق الرزق تأمين مستقبل الأولاد قال تعالى:{ سورة النساء قول الله سبحانه وتعالى { وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيدًا } النساء / 9 ،
* حسن العمل {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا} الكهف /30
* سداد القول حيث يتكفل الله لك بأولادك صيانة ورعاية ورزقا وحفظا. والله أعلم…
والله يتول الصالحين في أنفسهم، وذرياتهم، وتصريف احوالهم، وارزاقهم .
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا……
د. محمد رجب
مدير إدارة الفتوى بوزارة الأوقاف