الجيش السوداني يطلق المرحلة الثانية للسيطرة على الخرطوم وانهيار أمني جنوب العاصمة

✍ كتبت / د. هيام الإبس
أطلقت القوات المسلحة السودانية خطتها العسكرية الثانية بعد استعادة القصر الجمهوري ومناطق وسط الخرطوم، وبدأت التوسع نحو شرق وجنوب العاصمة، بهدف إحكام السيطرة الكاملة على المدينة.
ضربات جوية شرق الخرطوم وتقدم ميداني
أكد مصدر ميداني أن القوات المسلحة قصفت تجمعات قوات الدعم السريع في أحياء شرق الخرطوم منذ منتصف الليل وحتى صباح الثلاثاء، ضمن خطة إنهاك القوات المتمركزة هناك.
ووفقًا للمصادر، فقد استعادت القوات المسلحة أجزاءً من حي البراري قرب القيادة العامة، كما أطلقت عملية عسكرية للتقدم إلى أحياء الرياض، امتداد ناصر، الطائف، أركويت، الجريف غرب، المعمورة، وجامعة أفريقيا العالمية، وفقًا للمستجدات الميدانية.
يُذكر أن هذه المناطق لم تشهد عمليات عسكرية مكثفة طوال العام الماضي بعد سيطرة قوات الدعم السريع عليها منذ منتصف أبريل 2023، وهو تاريخ اندلاع القتال في السودان.
الجيش يقترب من السيطرة الكاملة على الخرطوم
بات الجيش السوداني أقرب من أي وقت مضى لإعلان العاصمة الخرطوم خالية من قوات الدعم السريع، مستغلًا الزخم المعنوي عقب استعادة القصر الجمهوري، والتحولات العسكرية التي شهدتها المدينة.
ويعاني المدنيون في هذه الأحياء من أوضاع إنسانية قاسية نتيجة توقف الأسواق والمستشفيات، مع اعتماد الآلاف على المطابخ الجماعية لتوفير الطعام للمحاصرين داخل الأحياء السكنية.
يُذكر أن الحرب في السودان تسببت في نزوح قرابة 15 مليون شخص داخليًا وخارجيًا، حيث تتهم القوات المسلحة قوات الدعم السريع باحتلال المنازل والمرافق المدنية، مما أجبر المواطنين على الفرار.
انسحاب قوات الدعم السريع من حي بري
أعلنت غرفة طوارئ بري شرق العاصمة الخرطوم عن انسحاب قوات الدعم السريع من المنطقة يوم الثلاثاء، وذلك بعد انتهاكات جسيمة شملت القتل، الاختطاف، الاعتقالات، والعنف الجسدي.
وأكد عبد الرحمن “البرجدال”، عضو غرفة الطوارئ، أن المنطقة خالية تمامًا من قوات الدعم السريع، حيث انسحبت المليشيات بالعربات القتالية والمدنية، تاركة أسلحة وذخائر خلفها.
وأضاف أن الشباب المحليين تفقدوا جميع أحياء بري والصَّفا ولم يجدوا أي أثر لقوات الدعم السريع، إلا أن الجيش لم يصل بعد إلى المنطقة رغم انسحاب المليشيات.
وأشار إلى أن المعتقلين من سكان بري لم يتم إطلاق سراحهم بعد مغادرة المليشيات، موضحًا أن بعضهم محتجز في حي الرياض وسوبا دون توفر معلومات عن مصيرهم.
وكانت غرفة الطوارئ قد كشفت سابقًا عن مقتل 25 مواطنًا على يد قوات الدعم السريع منذ سيطرة الجيش على محلية شرق النيل في 9 مارس الجاري، فيما عاش الآلاف في بري ظروفًا إنسانية حرجة وسط اشتداد المعارك الأخيرة.
الانهيار الأمني جنوب الخرطوم ونهب المواطنين
بالتزامن مع تقدم الجيش في جنوب وشرق الخرطوم، شهدت مناطق جنوب العاصمة انهيارًا أمنيًا واسعًا، حيث انتشرت مجموعات مسلحة من قوات الدعم السريع ومارست أعمال نهب ضد المدنيين.
وأفادت مصادر ميدانية أن أعمال النهب شملت:
🔹 السوق المركزي
🔹 السلمة
🔹 الأزهري
🔹 الإنقاذ ومايو
وأشارت التقارير إلى أن مسلحين أجبروا المواطنين على تسليم مقتنياتهم وهواتفهم وأموالهم، مما دفع السكان إلى الاحتماء داخل منازلهم مع خلو الشوارع من المارة والمركبات.
كما توقفت خدمات الإنترنت “ستار لينك” بسبب عمليات النهب، وتعرضت عشرات المتاجر جنوب الحزام للسرقة تحت تهديد السلاح.
تحليل استراتيجي: هل حُسمت معركة الخرطوم؟
يقول الباحث في الشؤون الاستراتيجية محمد عباس، إن قوات الدعم السريع فقدت معظم خطوط إمدادها في الخرطوم، ولم يعد أمامها سوى الانسحاب أو التحصن في مواقع معزولة، مؤكدًا أن سيطرة الجيش على العاصمة باتت مسألة وقت.
وأضاف أن معركة القصر الجمهوري كانت نقطة تحول، حيث أجبرت قوات الدعم السريع على التراجع، مشيرًا إلى أن بعض المجموعات المتبقية تحاول تأمين خروجها بالاحتماء في المباني المدنية.
ويأتي هذا التطور بعد إعلان الجيش السوداني يوم 22 مارس الجاري استعادة مقار حكومية ومدنية وعسكرية وسط الخرطوم، في أعقاب معارك استمرت لأيام ضد قوات الدعم السريع.
الوضع الإنساني في تدهور مستمر
مع استمرار الاشتباكات وانعدام الأمن، يواجه سكان العاصمة أوضاعًا إنسانية متفاقمة، خاصة في ظل توقف غالبية الخدمات جنوب الخرطوم، حيث لم يتبقَ إلا مستشفى بشائر وبعض الأسواق التي توقفت عن العمل خلال الشهرين الماضيين.
في ظل هذه المعطيات، يرى المراقبون أن معركة الخرطوم أوشكت على نهايتها، مع تضييق الجيش الخناق على آخر معاقل الدعم السريع، وسط توقعات بإعلان العاصمة خالية من المليشيات المسلحة خلال الأيام القادمة.