تقارير وتحقيقات

كاتب امريكي: خطة ترامب للسلام تجعل الدولة الفلسطينية سرابا

تقرير: المحلل السياسي

أكد الصحفي الأمريكي جوناثان كوك، أن بنود وثيقة “صفقة القرن” التي تم تسريبها تمثل ترخيصاً أمريكياً لعمليات سرقة الأراضي بالجملة من قبل إسرائيل وتحويل المناطق الفلسطينية إلى كانتونات أو كيانات صغيرة معزولة.

وقال جوناثان كوك في مقال نشره موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، إن إسرائيل حققت تقدماً كبيراً في الوصول إلى جميع أهدافها دون أن تضطر إلى الاعتراف علانية بأن الدولة الفلسطينية باتت سراباً.

وأضاف: “إسرائيل حققت معظم أهدافها، وأبرزها: سرقة الأراضي، وضم المستوطنات، وتكريس هيمنتها الحصرية على القدس، وممارسة الضغط على الفلسطينيين حتى يغادروا ديارهم ويستقروا في الدول المجاورة، دون أن تعلن بشكل رسمي أن تلك هي الخطة التي تسعى لتنفيذها على الأرض”. وأشار الكاتب الامريكي في مقاله، إلى أن “أسوأ ما في الأمر بالنسبة لإسرائيل هو أنه بمجرد أن يدرك الفلسطينيون والعالم المراقب لما يجري أن الواقع الحالي الكارثي بالنسبة للفلسطينيين لا يقل سوءاً عما ستؤول إليه الأوضاع من بعد، متوقعا أن يحدث حينها مفعولاً رجعياً يتمثل في انهيار السلطة الفلسطينية، أو انطلاق انتفاضة فلسطينية جديدة.

وأضاف: “وما يسمى بالشارع العربي قد يكون أقل ترحيباً بالخطة من حكامه أو مما يأمل ترامب، وسيكون ذلك بمثابة حقنة منشطة كبيرة في ذراع قضية نشطاء التضامن في الغرب، بما في ذلك في صفوف حركة المقاطعة”.

وتابع: “وفي نفس الوقت سيكون من المستحيل أن يستمر المدافعون عن إسرائيل في نفي قيام إسرائيل بتنفيذ ما أطلق عليه الأكاديمي الإسرائيلي الراحل باروخكيمرلينغ عملية “القتل السياسي” أي تدمير مستقبل الفلسطينيين وحقهم في تقرير المصير وكيانهم كشعب واحد”.

وفيما يلي نص المقال كاملا:

صفقة القرن: مباركة من الولايات المتحدة لقيام إسرائيل بسرقة الأرض وحصار الفلسطينيين

يبدو أن فريق ترامب المكلف بالشرق الأوسط بدأ بتنفيذ الخطة على مدى الثمانية عشر شهرا الماضية دون إذاعة نص الصفقة.

التقرير الذي نشرته هذا الأسبوع صحيفة إسرائيل اليوم، والذي بدا مسرباً لتفاصيل خطة ترامب المعروفة باسم “صفقة القرن” أشبه ما يكون بخطة للسلام مؤلفها تاجر عقارات أو بائع سيارات. وعلى الرغم من أنه لا يمكن إثبات صحة الوثيقة، بل وهناك من ينفي صحتها تماماً، إلا أنه توجد أسباب وجيهة تدفع نحو التصديق بأنها تمهد للتوجه الذي قد يتضمنه أي إعلان صادر عن إدارة ترامب في المستقبل.

إسرائيل الكبرى

أقل ما يقال فيها أنها تمثل معظم طموحات اليمين الإسرائيلي في إقامة إسرائيل الكبرى مقابل بعض الفتات الذي يُرشى به الفلسطينيون، ومعظمه له علاقة بتخفيف القبضة الاقتصادية الإسرائيلية الخانقة الممسكة برقبة الاقتصاد الفلسطيني.

وهذا بالضبط هو ما أخبرنا به جاريد كوشنر في العرض التمهيدي الذي قدمه الشهر الماضي عن ما ستكون عليه “صفقة القرن”. الشيء البارز في الأمر هو وسيلة الإعلام التي نشرت التسريب، وهي صحيفة إسرائيل اليوم، الصحيفة التي يملكها شيلدون أديلسون، الملياردير الأمريكي مالك أندية القمار، والذي يعتبر واحداً من أهم المتبرعين للحزب الجمهوري والمساهم الرئيس في تمويل حملة ترامب للانتخابات الرئاسية.

كما أن أديلسون واحد من أقوى حلفاء رئيس الوزراء بنجامين نتنياهو، لدرجة أن صحيفته كانت أشبه بالناطق الإعلامي باسم حكومات نتنياهو القومية المتطرفة خلال العقد المنصرم.

هل يقف نتنياهو وراء التسريب؟

تتوفر لدى أديلسون وصحيفته إسرائيل اليوم مفاتيح بوابات الإدارتين الأمريكية والإسرائيلية في نفس الوقت، وقد ذاع على نطاق واسع أن ما من شيء مهما تضاءلت أهميته إلا ويحظى قبل نشره في الصحيفة بموافقة نتنياهو أو موافقة مالك الصحيفة الذي يعيش فيما وراء البحار.

شككت الصحيفة في أصالة وصدقية الوثيقة التي انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بل وذهبت إلى القول بأنه “من المحتمل أن تكون الوثيقة مزورة” وأن وزارة الخارجية الإسرائيلية تتحقق من أمرها. وكان البيت الأبيض قد أشار، بعد تأخير استمر لزمن طويل، إلى أنه ينوي أخيراً الكشف عن “صفقة القرن” في الشهر القادم، بعد انقضاء شهر رمضان، شهر الصيام عند المسلمين. كما صرح للصحيفة مسؤول في البيت الأبيض لم تفصح عن اسمه بأن التسريب من وحي الخيال وأنه غير صحيح، وهذا نفي من النوع الذي قد يفهم منه أن ما ورد في التقرير في واقع الأمر صحيح إلى حد بعيد. إذا كانت الوثيقة أصلية وصحيحة، فلا مفر من أن يكون نتنياهو هو المسؤول عن التسريب، فقد أحكم قبضته على وزارة الخارجية لسنين، بينما صار يشار إلى صحيفة إسرائيل اليوم، وعلى نطاق واسع، من قبل الإسرائيليين بأنها “بيبيتون” أو صحيفة بيبي، نسبة إلى اسم الشهرة الذي يعرف به رئيس الوزراء.

اختبار رد الفعل المحتمل

ما من شك في أن الوثيقة المزعومة، وكما جاءت في صحيفة إسرائيل اليوم، ستكون كارثية على الفلسطينيين.

وعلى فرض أن نتنياهو هو الذي سمح بتسريب الوثيقة، فقد لا يكون صعباً جداً إدراك دوافعه من ذلك. ترى إحدى وجهات النظر أن تسريب الوثيقة قد يكون وسيلة ناجعة من قبل نتنياهو وإدارة ترامب لاختبار رد الفعل المحتمل، أي بمثابة إطلاق بالون اختبار لمعرفة ما إذا كان بإمكانهم اتخاذ الخطوة الجريئة بنشر الوثيقة كما هي أم أنهم بحاجة إلى إدخال بعض التعديلات عليها قبل الإعلان عنها بشكل رسمي. إلا أن الاحتمال الآخر هو أن نتنياهو لربما خلص إلى أن ثمة تكلفة غير مرحب بها سيتم تكبدها من خلال الحصول بشكل رسمي وعلني على ما فتئ يكسبه حتى الآن خلسة – وهي التكلفة التي يفضل تجنب تكبدها في الوقت الراهن.

وهنا يطرح سؤال. هل يقصد من التسريب إثارة معارضة استباقية للخطة، من داخل إسرائيل كما من قبل الفلسطينيين ومن داخل العالم العربي، على أمل أن يؤدي ذلك إلى إحباط مشروع نشرها بشكل رسمي؟ وقد يكون المرجو من ذلك هو أن التسريب، وما يمكن أن يتمخض عنه من رد فعل، سيجبر فريق ترامب المكلف بالشرق الأوسط بتأجيل نشر تفاصيل الخطة تارة أخرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.