حق يوسف يتحول إلى حق الجميع في الحماية من الطلقات الطائشة
إصرار أم يوسف على العدالة يجبر القتلة على التسليم بعد الهروب عامين
كتبت : هدير عبد المنعم
الموت نهاية ، ولكن في بعض الأحيان قد تكون نهاية حياة شخص جرس إنذار لإنقاذ حياة كثيرين بعده ، وهذا ما حدث ،في حادث مقتل الطفل يوسف العربي – 13 عاما- بطلق ناري طائش في الرأس أثناء وقوفه بأحد المحلات . تبين بعد التحقيقات أنها أطلقت من حفل خطوبة بالحي الأول بمدينة 6 أكتوبر منذ عامين،أدت إلى تسليط الضوء على عادة إطلاق النار بالأفراح ،هذه العادة السيئة المتأصلة بالمجتمع المصري ،التي قد تؤدي إلى كوارث ، مثل كارثة إنهاء حياة الطفل يوسف!.
حق يوسف
منذ وقوع الحادثة 18 مايو 2017 ووفاة يوسف بعدها بأيام ،ووالدته مروة قناوي بدأت رحلة “حق يوسف” ، وبالصدفة فإن المتهمين بإطلاق النار بالفرح الذي توفي بسببه يوسف ،أحدهم ضابط مفصول والآخر ابن احد نواب مجلس الشعب ، مما ساعد بهروبهم وعدم التمكن من القبض عليهم ،رغم حكم القضاء عليهم بالسجن 7 سنوات بمايو 2018، وهو ما أكسب القضية شعبية وتعاطف كبيرين .
الجوع من أجل العدالة
ظلت الأم”مروة قناوي ” تطالب بالقبض على المتهمين قرابة العامين ،حتى قررت الإضراب عن الطعام لمدة 45 يوماً كوسيلة لتسليط الضوء على القضية والإسراع بضبطهم ،لينتشر الأمر بين وسائل الإعلام ويصل للمسئولين،ويتحول الأمر من مجرد وفاة طفل ،إلى قضية يهتم بها الكثيرين ،حتى أن البعض قام بتظاهرات لدعمها بعدة دول مثل تونس وبريطانيا واليونان، وآخرون دشنوا حملة لمنع إطلاق النار بالأفراح ،وانتهى كفاح أم يوسف بتسليم المتهمين أنفسهم يوم 15 مايو الحالي،وذلك بعد أن قضت محكمة جنايات الجيزة، المنعقدة بالتجمع الخامس، بتأييد حكمها بالسجن 7 سنوات لـ 4 متهمين بقتل “الطفل يوسف”، نظرا لتغيب المتهمين عن حضور جلسة إعادة إجراءات محاكمتهم، وهو ما أقرت به المحكمة باعتبار الحكم الغيابي على المتهمين قائم .
طلقات تقلب الأفراح لمآتم
وجدير بالذكر أن هناك العديد من الأفراح تحولت إلى مآتم بسبب هذه العادة ، ومنها مقتل الطفل «السعيد» إثر إصابته بطلق ناري طائش في حفل زفاف بمدينة الرحمانية في البحيرة، من سلاح كان بحوزة شخص ابتهاجاً بحفل عرس أحد جيرانه، فأصاب الطفل، وتحول الفرح إلى سرادق عزاء، كما أصيبت طالبة تدعى «دعاء قاعود» بطلق ناري في الظهر، نتيجة إطلاق النيران بشكل عشوائي احتفالاً بخطوبة شاب جامعي بمنطقة الحي الأول بأكتوبر.
وقد يكون المتضرر أصحاب العرس أنفسهم ، ففي الشرقية دخل العريس السجن بدلا من أن يدخل عش الزوجية،حيث ألقت أجهزة الأمن القبض على عريس بقرية بني شبل مركز الزقازيق، بعد مقتل طفل بطلق خرطوش بالرأس، وإصابة آخر بخرطوش باليد، بطريق الخطأ، أثناء تواجدهما بحفل عرس.
حملات توعية ..وتشريعات لتغليظ العقوب
ونتيجة لكل هذه الحوادث ،كان لا بد من تحرك ، ولأن لكل شيء حكمة ،فموت يوسف كانت حكمته لفت النظر والتحرك لوقف هذه الطلقات الطائشة التي تقتل أبرياء، فبالإضافة إلى الحملة التي تم إطلاقها على مواقع التواصل الاجتماعي لوقف إطلاق النار ، تستعد لجنتا الشؤون التشريعية والدستورية، والدفاع والأمن القومي، بمجلس النواب، لنظر مشروع قانون مقدم من النائب محمد فؤاد، بتعديل القانون رقم 394 لسنة 1954 بشأن الأسلحة والذخائر، بهدف تغليظ العقوبة على إطلاق النار في المناسبات العامة.
سيرته أطول من عمره
وبذلك تكون استطاعت مروة بالصبر والمثابرة أن تحول الحادثة إلى قضية تهم المجتمع والتوعية بخطورة هذه العادة المؤذية والتي ليست من الفرح في شيء ، وتصبح سيرة يوسف حقا أطول من عمره.