هل تقبل شهادة مربي الحمام؟
كتبت / عزه السيد
س / ما حكم تربية الحمام ولماذا لا تقبل شهادة مربي الحمام؟
فأجاب الشيح خالد عبد المنعم العالم بالعلوم الشرعية وقال إنَّ تربية الحمام يدخل في جُملة المباح، إذا كان بقصْد مباح؛ كالاستئناس والابتهاج بها، أو الأكْل منها، أو لإنتاج البيض والفراخ، أو حتَّى اللعب المباح، أو ما شابه. أمَّا إن كان بقصْد إضاعة الوقت في اللَّعب معها، أو كانت تأكل زُروع النَّاس، أو تجرّ حمامًا آخر مَملوكًا للغَير، فتفرخ فيه، فيأكل ويَبيع هذه الأفراخ، وهي ملْك غيره – فلا يجوز. قال ابن قدامة: “واللاَّعب بالحمام يُطيرها لا شهادة له؛ لأنَّه سفاهة ودناءة وقلَّة مروءة، ويتضمَّن أذى الجيران بطيْره، وإشرافه على دورِهم، ورمْيه إيَّاها بالحجارة”. وقال السرخسي في “المبسوط”: فأمَّا إذا كان يُمسك الحمام في بيتِه يستأنس بها ولا يطيرها عادة، فهو عدْل مقبول الشَّهادة؛ لأنَّ إمساك الحمام في البيوت مباح، ألا ترى أنَّ النَّاس يتَّخذون بروج الحمامات ولم يمنع من ذلك أحد؟!”. اهـ. وفي “الفتاوى الهندية”: “إلاَّ إذا كانت تجرُّ حمامات أُخر مملوكة لغيره، فتفرخ في وكْرِها، فيأكل ويبيع منه”. اهـ. قال في “الآداب الشرعيَّة”: يُكْرَهُ اتِّخَاذُ طُيورٍ طيَّارَةٍ تَأكُلُ زُرُوعَ النَّاسِ، وتُكْرَهُ فِرَاخُهَا وبَيْضُها، ولا تُكْرَهُ المُتَّخَذَةُ لِتَبْلِيغِ الأخْبَارِ فَقَط، قالَ المَرُّوذِيُّ: قُلْت لأبِي عبداللَّه: ما تَقُولُ في طَيْر أُنْثَى جَاءَتْ إلى قَوْمٍ فأزْوَجَتْ عِنْدَهُمْ وفَرَّخَتْ، لِمَن الفِرَاخُ؟ قالَ: يَتْبَعُونَ الأُمَّ، وأظُنُّ أنِّي سَمِعْته يَقُولُ في الحَمَامِ الَّذِي
يَرْعَى الصَّحْرَاءَ: أكْرَهُ أكْلَ فِرَاخِها، وَكَرِهَ أنْ تَرْعَى في الصَّحْرَاء، وقَالَ: تَأْكُلُ طَعَامَ النَّاس. وقالَ حَرْبٌ: سَمِعْتُ أحْمَدَ قال: لا بَأْسَ أنْ يَتَّخِذَ الرَّجُلُ الطَّيْرَ في مَنْزِلِه، إذَا كَانَتْ مَقْصُوصَةً لِيَسْتَأْنِسَ إلَيْها، فَإنْ تَلَهَّى
بها، فإنِّي أكْرَهُهُ، قُلْت لأحْمَدَ: إن اتَّخَذَ قَطِيعًا مِن الحَمَامِ تَطِيرُ؟ فكَرِهَ ذَلِكَ كَرَاهَةً شَدِيدَةً، ولم يُرَخِّصْ فِيه إذا كَانَتْ تَطِيرُ، وذَلِكَ أنَّهَا تَأْكُلُ أمْوَالَ النَّاس وزُرُوعَهُمْ. وَقَالَ مُهَنَّا: سَأَلْت أبا عَبْداللَّه عَن بُرُوجِ الحَمَامِ الَّتِي تَكُونُ بِالشَّامِ، فكَرِهَها وقَال: تَأْكُلُ زُرُوعَ النَّاسِ”. اهـ. أمَّا ما ورد في حديثِ أبِي هُرَيْرة رضِي الله عنْه: أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليْه وسلَّم رأى رجُلاً يتْبع حمامةً فقال: “شيطان يتْبع شيطانة” (أخرجه البُخاري في “الأدب المفْرد”، وأحمد وأبو داود وغيرُهم). فقد صحَّحه ابن حبان والألباني وغيرهما، وأعلمه الدارقطني وصوَّب إرساله. وأخرج البخاري في “الأدب المفرد” وغيرُه عن الحسن البصري رحمه الله قال: سمعت عثمان يأمر في خطبته بقتل الكلاب وذبح الحمام. قال صاحب “عوْن المعبود”: “إنَّما سمَّاه شيطانًا لمباعدتِه عن الحقِّ، واشتِغاله بما لا يَعنيه، وسمَّاها شيطانة؛ لأنَّها أورثتْه الغفلة عن ذكْر الله، قال النَّووي: “اتّخاذ الحمام للفرْخ والبيض، أو الأنس، أو حمْل الكتب – جائز بلا كراهة، وأمَّا اللَّعب بها للتطيُّر، فالصَّحيح أنَّه مكروه، فإنِ انضمَّ إليْه قمار ونحوه، ردَّت الشهادة “. ولاتقبل شهادته.