أراء وقراءات

كورونا وتحدياته .. التعليم (1)

بقلم / د. أمين رمضان

الهلع العالمي بسبب كورونا يعيد تشكيل حياة كثر من المجتمعات، المتقدمة والمتخلفة، ويكشف عن الواقع الذي تعيشه الأمم المختلفة في قارات العالم.
نعم هي أزمة، ومن أهم عوامل النجاح في العالم، بعد أن زادت تعقيدات الحياة وعلاقاتها، هو القدرة على إدارة الأزمات ومواجهتها وعبورها بسلام، ولا يستطيع ذلك بكفاءة إلا من يكون مستعداً لها، ومدركاً أنها تحتاج لثقافة وعقول ووعي يختلف عن إدارة الحياة بدون أزمات.

سيميز كورونا بين الشعوب المطحونة في إدارة الحاضر، واجترار أحزان الماضي وآلامه وصراعاته، والشعوب التي تصنع المستقبل في حاضرها.
كذلك سيكشف كورونا بين من سيقفون بجانب شعوبهم لعبور الأزمة، وبين من سيستغلونها لمص دمائهم وأموالهم.
لكن…
هذه الأزمة يمكن أن تكون مفيدة وتدفع لصناعة خطوات ضخمة تجاه مستقبل انفصلنا عنه وخاصمناه في جوانب حياتنا كلها تقريباً.

أحب أن أركز حديثي عن التعليم، لأنني عشت داخل رحاب الجامعة في مصر السعودية وبريطانيا من عام ١٩٧٤م إلى عام ٢٠١٨م، وبعد تركي للجامعة منذ ما يقرب من عام ونصف، ازداد اهتمامي بتقديم كورسات أونلاين، وتعرفت أكثر على ما وصل إليه الغرب والشرق في “صناعة المعرفة Information Industry”، ووجدت أعداد كبيرة من الناس تقدم المعرفة خارج إطار مؤسسات التعليم، ويجنون الملايين من برامجهم المختلفة، والتي تقدمها منصات تعلم أكثر من أن تحصى، يحضر برامجها الملايين من الناس، متغلبين على حواجز المكان والزمان واللغة في أحيان كثيرة.

صحيح أن هناك منصات عربية، ولها نجاح ظاهر لكنها متواضعة، ولا تصل إلى ١٠٪ من مستوى المنصات العالمية (كما عبر لي عن هذا الرقم مؤسس المدرسة الرقمية العربية والتي تحتوي على ٢٥٠٠ منهج تعليمي).

والآن…
جاءت الأزمة، وقررت وزارات التعليم في دول عربية عديدة تعليق الدراسة في المدارس والجامعات وتحويل التعليم من أن يكون مباشر إلى أن يكون أونلاين، وهذا القرار بكل تأكيد اضطراري لأنه بعد الأزمة، فأصبحنا في حالة بحث عن العلاج، لأننا لم نستعد بالوقاية.

والآن…
في ظل الوضع القائم في معظم الدول، يصبح الكثير من الأسئلة مطروحاً مثل…
هل نمتلك القدرات الكافية للنجاح في هذه النقلة؟
ما الذي نحتاجه ليساعدنا على النجاح؟
ما هي العقبات التي يمكن أن تواجهنا أو ستواجهنا فعلاً؟
ما هي الفرص التي صنعتها الأزمة ويتحتم علينا أن نتمسك بها ولا ندعها تفلت من أيدينا؟

هل العقليات التي كانت تدير التعليم سابقاً تصلح لمواجهة هذا التحدي المعقد؟
كيف يمكن أن يدفعنا هذا التحدي للأمام، وكيف يسبب تراجعنا للخلف؟
هذه الأسئلة وغيرها سأطرحها في مقالات قادمة، وأتمنى أن أعرف تعليقاتكم وآرائكم، خصوصاً التي تتمحور على الجانب الإيجابي في الأزمة وكيف نجعلها سبب لطفرة في التعليم على مستوى الوطن.

الدكتور امين رمضان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.