الصراط المستقيم

شخصيات لها تاريخ( ١٢) أول من صاح بالقرآن عبد الله بن مسعود

كتب /سعيد ناصف

 

يُعدُّ عبد الله بن مسعود من أوائل الذين اعتنقوا الإسلام حيث إنَّه يُعتبر سادس ستَّةٍ في الإسلام

نسب عبد الله بن مسعود وفضله

هو عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذلي يُكنَّى أبا عبد الرحمن حليف بني زهرة وأمه أم عبد بنت الحارث بن زهرة

كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُلقِّبه بابن أم عبد أسلم قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم

ويُخبرنا عبد الله بن مسعود عن سبب إسلامه فيقول: كنت أرعى غنمًا لعقبة بن أبي معيط فمرَّ بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر فقال: يَا غُلَامُ هَلْ مِنْ لَبَنٍ؟ قلت: نعم ولكنِّي مؤتمن قال: فَهَلْ مِنْ شَاةٍ لَمْ يَنْزُ عَلَيْهَا الْفَحْلُ؟ فأتيته بشاة، فمسح ضرعها فنزل لبن فحلبه في إناء فشرب وسقى أبا بكر ثم قال للضرع اقْلِصْ فقلص قال: ثم أتيته بعد هذا فقلت يا رسول الله علِّمني من هذا القول قال: فمسح رأسي وقال: يَرْحَمُكَ اللهُ، فَإِنَّكَ غُلَيِّمٌ مُعَلَّمٌ فأسلم وحسن إسلامه

كان عبدالله بن مسعود الصحابي الجليل رجلا نحيفا قصيرا وكانت قدمه تتعرى إذا صعد النخل لجلب التمر لرسول الله وذات مرة ضحك الصحابة لدقة ساقيه فقال الرسول لَرِجْلُ عبدالله أثقل في الميزان يوم القيامة مِن جبل أُحُد وهو صاحب نعل رسول الله وكان حسن الصوت وذلك حين كان يتلو القرآن وإذا هدأت العيون قام فسمع له دويٌ كدوي النحل

حال عبد الله بن مسعود مع القرآن

كان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حسن الصوت بالقرآن[ وهو أوَّل من جَهَر به بمكة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان رضي الله عنه عالمـًا به وبتفسيره فعن مسروق قال: قال عبد الله رضي الله عنه: والله الذي لا إله غيره ما أُنْزِلت سورةٌ من كتاب الله إلَّا أنا أعلم أين أُنْزِلت ولا أُنْزِلت آيةٌ من كتاب الله إلَّا أنا أعلم فيم أُنْزِلت ولو أعلم أحدًا أعلم منِّي بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه

وقد مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بابن مسعود وهو يقرأ القرآن حرفًا حرفًا فقال: مَنْ سرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ غَضًّا كَمَا أُنْزِلَ فَلْيَقْرَأْهُ عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُود

وعن قربه لرسول الله قال المؤرخون إنه ما كاد ليعلن إسلامه حتى بدأ عهدا مع نفسه وهو القرب من الرسول فكان كما قال أبو موسى الأشعري لقد رأيت رسول الله وما أرى ابن مسعود إلا من أهله وقال القاسم بن عبد الرحمن كان ابن مسعود يُلبس رسول الله نعليه ثم يمشي أمامه بالعصا حتى إذا أتى مجلسه نزع نعليه فأدخلها في ذراعيه وأعطاه العصا فإذا أراد رسول الله أن يقوم إلى نعليه ثم مشى بالعصا أمامه حتى يدخل الحجرة قبل رسول الله وكان يوقظ رسول الله إذا نام ويستره إذا اغتسل وكان صاحب سواكه ووسادته ونعليه

حظي ابن مسعود بمكانة عالية عند الرسول وربه وعن سعد بن أبي وقاص قال: كنا مع رسول الله ونحن ستة فقال المشركون اطرد هؤلاء عنك فلا يجترئون علينا وكنت أنا وابن مسعود وغيرنا فوقع في نفس النبي ما شاء الله وحدث به نفسه فأنزل الله تعالي (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي

 

أخذ ابن مسعود من الرسول 70 سورة وكان الأكثر شغفا بالقرآن حتى عُرف بأنه أول من جهر بالقرآن بمكة وقال: من أحب أن يسمع القرآن غضا كما أنزل فليسمعه من ابن أم عبد وشهد له علي بن أبي طالب حينما قال: لقد قرأ القرآن فأحل حلاله وحرَّم حرامه فقيه في الدين عالم بالسنة وعن الشيخين في صحيحيهما والترمذي قد رويا من حديث لعبد الله بن عمرو قال لما ذكر عنده ابن مسعود فقال ذاك رجل لا أزال أحبه بعدما سمعت رسول الله يقول استقرئوا القرآن من أربعة ابن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل حيث لم يكن بن مسعود عالما فحسب فقد قال القلوب أوعية فاشغلوها بالقرآن وقال أيضا ليس العلم بكثرة الرواية ولكن العلم الخشية

 

عمر بن الخطاب يثني على ابن مسعود

وَلِي ابن مسعود رضي الله عنه على قضاء الكوفة وبيتِ مالها لعمر بن الخطاب وصدرًا من خلافة عثمان ولمـَّا سيَّره عُمر رضي الله عنه إلى الكوفة كتب إلى أهلها إنِّي قد بعثت إليكم عمار بن ياسر أميرًا وعبد الله بن مسعود معلِّمًا ووزيرًا وهما من النجباء من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم من أهل بدر فاسمعوا

وقد جعلتُ ابن مسعود على بيت مالكم فاسمعوا فتعلَّموا منهما واقتدوا بهما وقد آثرتكم بعبد الله على نفسي

وترك “ابن مسعود” دررا من أقواله خالدة حتى يومنا هذا فقد نقلت عنه بعض أقواله مثل “ما دمت تذكر الله فأنت في صلاة وإن كنت في السوق”

و”من كان عنده علم فليقل به ومن لم يكن عنده علم فليقل الله أعلم فإن الله قال لنبيه (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ)”

و”أعظم الخطايا الكذب وسب المؤمن فسوق وقتاله كفر وحرمة ماله كحرمة دمه ومن يعف يعف الله عنه ومن يكظم الغيظ يأجره الله ومن يغفر يغفر الله له ومن يصبر على الرزيّة يعقبه الله خيرا منها

وإنَّ الله بقسطه وعدله جعلَ الرَّوحَ والفرح في اليقين والرضا وجعل الهم والحزن في الشكِّ والسخط”

 

وفاة عبد الله بن مسعود

 

تُوُفِّي عبد الله بن مسعود في المدينة سنة اثنتين وثلاثين من الهجرة

توفي ابن مسعود ولم يعلم عثمان بن عفان بأمر دفنه فعاتب الزبير بن العوام على ذلك وكان عمر عبدالله بن مسعود يوم توفي بضع وستين سنة ولما مات ابن مسعود نعي إلى أبي الدرداء فقال ما ترك بعده مثله ودفن بالبقيع عام 32 هجريا

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.