شخصيات لها تاريخ(١٣).. بهاء الدين قرقوش

كتب/سعيد ناصف
بهاء الدين قرقوش والي عكا اسم مرتبط في الأذهان بالخيانة.
فهل هو من ألقى السلاح في البئر ليسمح للإفرنجة بدخول عكا بسهولة؟.
ومرتبط بالمشهد الهتاف فى فلم الناصر صلاح الدين “أين السلاااااااااااااااح ؟ خيااااااااااااااانة”
ويظهر بعدها ممسكا الخمر ليصب لملوك الإفرنجة وهم يضحكون ويتندرون بسهولة الاستيلاء على عكا.
وأتذكر مقولة الملك ريتشارد “معركة عكا كانت نزهة عسكرية لا حرب بالمعنى الصحيح”.
ولكن كل ماسبق افتراء على هذا الوالى وأحببت أن أعرفكم على أمير عكا (بهاء الدين قراقوش)
كان من قادة صلاح الدين المقربين وكان شجاعا مقداما.
ومع استقرار الأمور في مصر واستتباب السلطة لصلاح الدين الأيوبي قام بتفرغ قراقوش لتنفيذ مجموعة من المشاريع العمرانية المهمة ومن أهمها بناء سور حول القاهرة وتشييد قلعة الجبل لتصبح مركزًا للدفاع عن العاصمة هذا بالإضافة إلى بعض المشروعات ذات الأثر الاقتصادي المهم ومنها بناء قناطر الجيزة.
ولم يكتفي قراقوش بالتفوق في المضمار المعماري فحسب بل إنه مارس كذلك العمل الإداري وشؤون السلطة كنائب لصلاح الدين في حكم مصر في الأوقات التي كان يخرج فيها لقتال الصليبيين في بلاد الشام ومن جهة أخرى قاد بهاء الدين بعض الحملات العسكرية المهمة ومنها حملته في 571ه على برقة الواقعة غربي مصر والتي تمكن فيها من التوغل داخل البلاد الليبية وتوسيع رقعة الدولة الأيوبية.
ونظرًا لكفاءة قراقوش ومهاراته المتعددة قام صلاح الدين بتعيينه واليًا على عكا بعد استخلاصها من يد الصليبيين وقام حينها قراقوش بتحصين المدينة وتقوية أسوارها غير أن ذلك لم يمنع من سقوطها بيد قوات الحملة الصليبية الثالثة.
وله واقعة أثناء الحصار أنه قرر الخروج بجميع الجنود حينما اشتد الحصار وباغت الافرنجة الذين فوجئوا بهذا الخروج العجيب من بلد محاصر بشدة ويضرب بالمنجنيق ونَجَم عن الهجوم مقتل سبعين فارسا وأسر الكثير.
يقول القاضى ابن شداد (قاضي صلاح الدين الأيوبي) في كتابه النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية
عن معركة حريق المنجنيقات :وذلك أن العدو لما أحس في نفسه بقوته بسبب توالي النجدات عليهم اشتد طمعهم في البلد وركبوا عليه المنجنيقات من كل جانب وتناوبوا عليها بحيث لا يتعطل رميها ليلاً ولا نهاراً وذلك في رجب من سنة ست وثمانين وخمسمائة.
ولما رأى أهل البلد ما نزل بهم من مضايقة العدو لهم حركتهم النخوة الإسلامية وكان مقدموه حينئذ أما والي البلد وحارسه الأمير الكبير بهاء الدين قراقوش وأما مقدم العسكر الأمير الكبير حسام الدين أبو الهيجاء وكان رجلاً ذا كرم وشجاعة وقدمة (أي مقدَم) في عشيرته ومضاء في عزيمته.
فاجتمع رأيهم على أنهم يخرجون إلى العدو فارسهم وراجلهم على غرة وغفلة منهم ففعلوا ذلك وفتحت الأبواب وخرجوا دفعة واحدة من كل جانب. ولم يشعر العدو إلا والسيف فيهم.
حاكم عادل وسهم قدر الله وقضائه فيهم نافذ خاذل. وهجم الإسلام على الكفر في منازله وأخذ بناصية مناضله ورأس مقاتله. ووقع قراقوش نفسه في الأسر إلى أن تم إطلاق سراحه في 588ه بعدما دفع صلاح الدين الفدية. ففرح به السلطان فرحًا شديدًا وكان له حقوق كثيرة على السطان وعلى الإسلام والمسلمين واستأذن في المسير إلى دمشق ليحصل مال إقطاعه فأذن له.
وفاء قراقوش
ولما توفي صلاح الدين الأيوبي ظل قراقوش على وفائه مع ابنه العزيز يحمي عرش مصر والشام ثم كان وصيًّا على عرش المنصور ومارس كل مهام السلطنة في بهذه الصفة إلى أن أعفاه منها الملك العادل شقيق صلاح الدين
بعد اعفاء قراقوش من جميع مهامه ومناصبه لزم بيته حتى توفي يرحمه الله في عام 597هـ/ 1201م