صناعة الخوف لخدمة الأنظمة الإستبدادية
بقلم :عبير الحجار
الخوف هو عاطفة فطرية توجد عند الإنسان والحيوان ، يحدث الخوف نتيجة التهديدات التى يتعرض لها ، وتكرار التهديدات يجعل من الخوف العاطفة المسيطرة على الانسان وهو مؤشر خطير يجب الانتباه إليه بل والوقوف عنده .
ويرى بعض العلماء أن جزء كبير من الخوف الذى نعيشه غريزة بشرية ليس وليدة الانظم السياسية الحديثة ، لكن يتم إساءة استغلاله وتوظيفه فى خدمة الاستبداد والابقاء على أخلاقيات وعادات تؤدى دورا سلبيا فى حياة الافراد والمجتماعات وتجعلهم يقدسون عادات عتيقة تزيدهم بؤسا وينتخبون افراد سلطويين كاذبين .
ويقول بروفيسور العلوم الاجتماعية فى جامعة سكيدور الأمريكية شلدون سولومون أن : “الرعب (الخوف) الذى ينجم عن وعى الانسان بالموت يدفعه إلى احتضان القادة المستبدين وتسمى تلك العملية “نظرية إدارة الرعب”.
وقالت ناعومي وولف في مقال مطول لها بجريدة الجارديان عام 2007 أن صناعة الخوف تعد امتدادًا طبيعيًّا لقاعدة ميكافيللي الذهبية التي يبدو أن سياسيي العالم يعرفونها جيدًا “من الأفضل أن يهابك الناس على أن يحبونك”.
وفى ضوء ما سبق يجب طرح سؤالا مهما:
هل توجد صناعة للخوف ؟؟.
عندما يخاف الناس فانهم يكونوا أكثر إستعدادا وتقبل لإجراءات تنقص من حرياتهم . وهذه الاستراتجية منذ القدم ، ولكنها مازالت تستخدم حتى الان من بعض الانظمة الديكتاتورية لإخضاع الشعوب لقرارتهم القمعية ،ولأن الناس لديهم الاستعداد للتضحية بقدر كبير من حرياتهم إذا شعروا أنهم فى خطر حقيقى ، لذلك يتم نشر الخوف بعد تجسيده فى صور أعداء فى الداخل والخارج ،ويستمر العزف على وتر الخوف من أعداء الوطن ليقتل من يقتل ويسجن من يسجن وتخرس الألسنة المعارضة .
وهناك كثير من العوامل الأساسية لنجاح صناعة الخوف أهمها: السيطرة على المؤساسات الدينية وأن لم تستطيع الانظمة السيطرة عليها كاملة توجه بشن حملة تشويه وهدم لما لها من دورا مؤثرا وقوى في نفوس المجتمع حتى تصبح تلك المؤساسات أداة فى ايدى السلطة تحركها كما تشأ ويصبح الدين سلعة يتاجر بها . ثم يأتى بعد ذلك استهداف الرموز المعارضة للنظام وتشويه تلك الرموز والتى تنال الاحترام والتقدير من المجتمع . وثالثا السيطرة على الإعلام وتوظيفه كى يخدم السلطة فقط ويعرض وجهة نظر واحدة دون الاخرى .
ورابعا إستخدام سيف الخيانة حيث تحرص الانظمة القمعية أن تظل تهمة الخيانة تلاحق جميع المعارضين السياسين والمفكرين وأصحاب الرأى المخالف ،ويعتمدون في ذلك على عدم تعاطف الناس مع خائن لوطنه يعمل ضد مصلحة البلاد .
ثم يأتى البند الأخير من بنود خطة صناعة الخوف وهو فرض القوانين الاستثنائية (قانون الطوارئ) والذى تتخذه السلطات ستارا لتمرير أى اجراءات من الممكن أن تكون فى صالح بقاء هذه السلطات .
فجميع ما تم ذكره هم العوامل التى تقوم عليها صناعة الخوف وللأسف تقوم هذه الصناعة بكل إحترافية وإتقان تام فى غالبية الدول العربية والاسلامية .