حتى وإن اعتمرت وحججت فأنت مرتشٍ مفلس في النار
بقلم / الدكتور محمد النجار
يتنافس المتنافسون على الحج والعمرة ويدفعون الأموال الضخمة للسفر ويتكبدون المشاق إلا أنه وللأسف فإن بعض الحجاج والمعتمرين يأكلون الحرام سواء من الرشوة أو أكل حقوق الناس بالباطل ، والنصب والإحتيال، ومعهم لصوص الأموال العامة وحرمان الشعوب منها!!
والسؤال : هل أمثال هؤلاء ينتفعون من الحج والعمرة؟؟.
والحقيقة أن أمثال هؤلاء بعيدون عن رحمة الله،فقد حرموا الضعفاء من الحصول على حقوقهم إلا بدفع الرشاوى بغير وجه حق.
لا تُستجاب دعوة آكل وشارب ولابس من الحرام
يقول النبي ﷺ:
(((أَيُّها النَّاسُ، إنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إلَّا طَيِّبًا، وإنَّ اللَّهَ أمَرَ المُؤْمِنِينَ بما أمَرَ به المُرْسَلِينَ، فقالَ:”يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ))) سورة المؤمنون51.
وقالَ ((( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ”(البقرة172) ،
ثُمَّ ذَكَرَ:”الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعَثَ أغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّماءِ، يا رَبِّ، يا رَبِّ، ومَطْعَمُهُ حَرامٌ، ومَشْرَبُهُ حَرامٌ، ومَلْبَسُهُ حَرامٌ، وغُذِيَ بالحَرامِ، فأنَّى يُسْتَجابُ لذلكَ؟!)رواه مسلم
الرشوة من كبائر الذنوب
إن الباحث في أحكام الشرع الإسلامي يجد أن الرشوة من كبائر الذنوب قال الله تعالى:
(((سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ)))المائدة42
قال الحسن وسعيد بن جبير: السُحت هو الرشوة.
وقال تعالى:
(((ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون)))البقرة:188.
النبي يلعن الحُكام والولاة والمسئولين المرتشين
الحديث ::
((( لَعَنَ رسولُ اللهِ ﷺ الراشِيَ والمرْتَشِيَ في الحكْمِ))) رواه الترمذي.
وهذا الحديث يقصد الرشوة الَّتي يأخُذُها الحُكَّامُ وأولياءُ الأمرِ لِقَضاءِ أمرٍ وإتمامِه على خِلافِ ما يَجِبُ أن يكونَ، ويشمل أيضا مغتصبي الأموال العامة والميزانيات الحكومية ، والمستغلين نفوذهم لتحقيق مكاسب مادية على حساب الشعوب المقهورة والفقيرة .
وفي رواية :((لعنةُ اللهِ على الرّاشِي والمُرْتَشِي)))
أخرجه أبوداود،والترمذي،وابن ماجه،وأحمد.
اللعنة تشمل الرائش
واللعنة تشمل الشخص الوسيط بين الراشي والمرتشي ، فهو الذي يفتح الطريق بين الراشي والمرتشي ، وقد رُوِيَ “والرَّائِشَ”، وهذا كلُّه على وَجهِ العُمومِ في التَّحريمِ.
معنى اللعنة من الله
واللعن: هو الطرد من رحمة رب العالمين سبحانه، فإذا لعن الله أحداً فيكون قد حكم عليه بأنه مطرود من رحمته سبحانه، فاللعن: هو البعد عن رحمة الله سبحانه.
اللعنة لاتشمل صاحب الحق الباحث عن حقه
في حال غياب العدالة في بعض المجتمعات ، ولا يستطيع صاحب الحق الوصول الى حقه إلا بدفع مبالغ لأصحاب النفود ، فإن اللعنة لاتشمله بإذن الله ، ولكن تشمل المرتشي الذي حال بين وصول الحق إلى صاحبه إلا إذا دفع تلك المبالغ.
أقوال السلف الصالح في الحث على الأكل الحلال
لقد حرص السلف الصالح على تحري مصدر طعامهم وشرابهم وملبسهم وكل حياتهم.
- عن ميمون بن مهران رحمه الله(من العلماء الأربعة في زمن هشام بن عبد الملك: مكحول والحسن والزهري وميمون بن مهران .) أنه قال :
(((لا يكون الرجل تقيا حتى يعلم من أين ملبسه، ومطعمه، ومشربه ” .
- ويقول يحيى بن معاذ ، وهو أحد علماء أهل السنة والجماعة ومن أعلام التصوف السني في القرن الثالث الهجري، وصفه الذهبي بأنه «من كبار المشايخ،قال :
(((الطاعة خزانة من خزائن الله ، إلا أن مفتاحها الدعاء، وأسنانه لقم الحلال))) .
فهل يرعوى المرتشي بعد هذه اللحظة التي تصيبه في الدنيا ، وتستبعده عن رحمة الله بعد موته ؟؟
نسأل الله الإخلاص في القول والعمل وأن يرزقنا الحلال في مطعمنا ومشربنا وملبسنا وكل حياتنا .. اللهم آمين .
د.محمد النجار 26-06-2023م الأحد 8 ذو الحجة 1444هـ