عن إبراهيم الخليل”1″…تخليد ذكره بالقرآن

مع ذكريات الحج وأيام منى وعرفات تتجدد في حياة المسلم ذكريات حياة أبي الأنبياء إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام,ذلك النبي الكريم الذي كانت حياته مليئة بالصراعات والمواجهات الصعبة التي قلما يتحملها بشر لذلك قال الله عنه في القرآن:
“وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ “
أي : قام بهن . قال : ( إني جاعلك للناس إماما ) أي : جزاء على ما فعل.
بدأت هذه المواجهات بأن ابتلاه ربه بأبيه مشرك لا يريد الإنصياع ولا الاستجابة لدعوته للإسلام لكنه صمد وثابر في دعوته واحتفظ ببره لأبيه وهو يدعوه للإسلام … يحكي القرآن هذا المشهد الفريد فيقول الله سبحانه:
“إذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئاً * يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً * يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيّاً * يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً“مريم 45:42
ثم مواجهة أخرى مع قومه أدت إلى نتيجة لم تكن في الحسبان وهي إلقاءه في النار ونجاه الله منها .وفي هذا يقول القرآن:
“فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ (58) قَالُوا مَن فَعَلَ هَٰذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ (59) قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ (60) قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَىٰ أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ (61) قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَٰذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ (62) قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَٰذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ (63) فَرَجَعُوا إِلَىٰ أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ (64) ثُمَّ نُكِسُوا عَلَىٰ رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَٰؤُلَاءِ يَنطِقُونَ (65) قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ (66) أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ ۖ أَفَلَا تَعْقِلُونَ(67) قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ (68) قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ (69) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (70) وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ (71) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً ۖ وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ“الأنبياء من 71:58
وعند مواجهة النمرود بجبروته وطغيانه كان لنبي الله إبراهيم جولة رائعة في هزيمة الباطل والدعوات الباطلة فأفحمه بالحجه والبرهان فكان بهتان وهزيمة النمرود نتيجة حتمية لهذه المعركة الفكرية الراقية:
“أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ” سورة البقرة(258
لذا استحق إبراهيم ذكرا وتخليدا في كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ومن خلفه ,الكتاب الذي تكفل الله بحفظه إلى يوم الدين واستحق هذه المنزلة العالية:
“وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا“النساء125
والخلة منزلة أعظم من منزلة المحبة يهبها الله للمخلصين من عباده.
واستحق عليه الصلاة والسلام أن يكون بمثابة أمة بأكملها فقال الله عز وجل:
“إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120) شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ ۚ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (121) وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً ۖ وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (122) سورة النحل.
بل وأمر الله نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بأن يتبع ملة وهدي أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام:
“ ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۖ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ“النحل 123
بل وأمر الله جموع المسلمين أن يصلوا عليه وعلى آله في كل صلاته إعلاءا من شأنه ومكانته وليعرفوا قدره عند الله عز وجل.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم.
وللحديث بقية إن شاء الله وقدر.