بقلم/ إيمان أبو الليل
وكما تنتهي الأسرة من سرد الحواديت حول موقد الحطب، في ليلة شتاء بارد، ويغلب النعاس الجفون، فتتطاير شرارة النيران فتشتعل من جديد، كان هذا هو حال أمريكا مع المستعمر الانجليزي.
كلما هدأ الوضع، عادت من جديد الثورات، واشتعلت الحرب، وخيم ظلام الدخان السماء.
فقد كان الملك فيليب يتجول وسط القرى الأمريكية، ويدوس على الأرض برفق، كأنه يتحدث إليها، ولسان حاله يقول: أبدا لن أسمح المستعمر الإنجليزي بسرقة أرضي، حتى وإن أريقت دماء عروقي وأصبحت سقيا لزهرة الحرية.
خاصة وأن علاقة السكان الأصليين كانت في البداية تتميز بالهدوء النسبي، واعتمد الهنود الحمر على السلع الإنجليزية، من الغذاء والحبوب وأساسيات الحياة اليومية.
الجدير بالذكر أن الملك فيليب أو (ميتاكوم ) ولد لرئيس قبيلة ويمبانوج في قرية سومز، وكان والده صديقا مقربا من المستعمر الإنجليزي، وكانت الحياة اليومية تسير كما يريد المستعمر وكما تريد القبائل، والتعامل الإقتصادي كان هو سيد الموقف.
روايات الإستعمار
ولكن دائما في جميع روايات الاستعمار، نجد المستعمر يطمع في الأرض، ويريد الاستحواذ على خيرات البلاد، فكشر المستعمر الإنجليزي عن أنيابه، وأصبح ينتهز كل فرصة للسيطرة على الأراضي الزراعية.
ولهذا شعر فيليب بالخطر، وأن بساط الهدوء والتعايش سيسحب من تحت أقدام الهنود الحمر، وأن هناك مؤشرات بدمار قادم سيطيح باستقرار سكان أمريكا الأصليين.
ورأى الملك فيليب أن أسلوب وتعاون والده مع المستعمر الإنجليزي، لم تجد رواجا كما كانت من قبل، وفي ظل التراجع الإقتصادي الجديد زادت العلاقات سوءا.
وظل فيليب يفكر في طريقة للتخلص من هذا الكابوس، حتى قرر أن يجوب القرى ليقوم بعمل تحالفات مع رؤساء تلك القبائل يستطيع من خلالها مقاومة المستعمر الإنجليزي.
ثورة الملك فيليب
وفي سنة ١٦٧٦ ميلادي قاد الملك فيليب محاولة للقضاء على المستعمر الإنجليزي، وعرفت بإسم حرب أو ثورة ميتاكوم أو حرب الملك فيليب.
كان ميتاكوم (الملك فيليب) يترأس قبيلة لسكان أمريكا الأصليين، بصفته ابنا لقائد القبيلة الذي تولى بعده ابنه الأكبر، ثم ميتاكوم أو فيليب من بعدهما.
ولأن فيليب هو كبير القوم، شعر بالمسؤولية، وأنه لابد من تحرك للتخلص من المستعمر الإنجليزي، حتى ينعم الناس بالهدوء والحياة بسلام، وبالفعل قام بالتجهيز لتمرد كبير، وانقلب التمرد لثورة دموية ضخمة، استمرت ١٤ شهر.
ووقف الملك فيليب ليعلن عن ضرورة عمل تحالفات مع جميع القبائل في القرى الأمريكية، وخطب فيهم بضرورة إجلاء المستعمر وصد محاولاته للسيطرة على أراضيهم، ولن يحدث هذا إلا بالتعاون فيما بينهم، فالإتحاد هو القوة الحقيقية.
المخلص والخائن
ولأن جميع البلاد بها المخلص كما أن هناك الخائن، كانت القبائل أيضا بها المخلص الذي وافق وانضم إلى فيليب، وبها من رفض وأعلن انضمامه لمعسكر المستعمر الإنجليزي.
وحاربت قبيلتي موهجان وموهوك بجانب الإنجليز ضد الملك فيليب وباقي قرى التحالف.
وكانت تلك القبائل الخائنة، هي خنجر مسموم في ظهر الملك فيليب، وأثناء تحرك الملك فيليب ووضع خططه مع باقي القبائل، قام أحد أفراد القبائل الموالية للمستعمر، ويدعى جون ساسمون، بتسريب معلومات عن خطة الملك فيليب لمهاجمة مستعمرات الإنجليز.
ولأن الخيانة عقابها القتل، وجد المستعمر جثة جون ملقاة على قارعة الطريق، بعد أن سرب إليهم الخبر، وبرغم أن الإنجليز لم تأخذ تسريب خبر الهجوم بجدية.
وتم القبض على قاتلي جون وحكم عليهم بالإعدام، فغضب فيليب وكانت بداية لشرارة حرب جديدة بين فيليب والمستعمر الإنجليزي.
معركة بلودي بروك
وفي شهر يونيو ١٦٧٥ تم الهجوم على المستعمرات الإنجليزية، وكان من الطبيعي أن يرد الإنجليز الضربة لقرى فيليب وحلفائه في معركة بلودي بروك.
التي كانت سببا في سفك دماء الأطفال والنساء مع برودة الشتاء القارص، ما وجد فيليب غير الهجوم على مزرعة بليموث وإجبارهم على الذهاب إلى الساحل للمشاركة في الحرب.
لكن محاولة فيليب باءت بالفشل، فقد أنهكت الحرب الهنود الحمر، وبحلول صيف هذا العام، استسلم بعض الهنود، وكان ضعف فيليب أثره على السكان، فاستشعروا الهزيمة، وقام الإنجليز ببيعهم كعبيد، وهرب حلفاء الملك فيليب
وكما يطلق النار على الأسد عندما يصاب بالضعف، تم إطلاق النار على الملك فيليب في ٢٠ من شهر أغسطس سنة ١٦٧٦.
وبموت فيليب انتهت الحرب، وتم توقيع معاهدة سنة ١٦٧٨ وهي معاهدة كاسكو.
إيمان أبو الليل
كاتبة صحفية وعضو اتحاد كتاب مصر