زيادة الإنتاج وقود قطار النهضة

بقلم/ محمد ممدوح ابو الفتوح*
مما لاشك فيه أن هناك فجوة كبيره بين ما ينتجه المصريون وما يستهلكونه ، وبالتالي استقرار الأسواق سيكون أمرا محالا، لأنه وجود هذه الفجوة الكبيرة بين الإنتاج والاستهلاك ، التى يتم سدها من خلال الاستيراد، يرتبط بهما دوما ظواهر اقتصادية سلبيه مثل، ونقص العملات الأجنبية الاغراق والاحتكار.
والاغراق يعنى قيام بعض المستوردين بطرح كميات كبيرة من سلع بعينها مجلوبة من الخارج بشكل شرعى بأسعار متدنيه للغاية، فتكون بمثابة التهديد الخطيرللمنتجات المحليه، فيما يكون الاحتكار بأن يتحكم تاجر واحد أو أكثر فى مصير سلعة بعينها، سواء كانت مستوردة وهو فى الغالب اومنتجه محليا ، فيكون قادرا على التحكم فى اسعارها، وبالتالي فإن زيادة الإنتاج المحلى هو الحل الوحيد، لكى يكون السوق قادرا على التماسك ومحصن دون هذه المؤثرات الداخليه والخارجيه، ولن يكون ذلك الا من خلال شراء المنتج الوطنى، اى تشجيع المستهلكين فى مصر على شراء المنتجات المصرية بدلا من مثيلاتها المستورده، وبذلك نرتقى بالناتج المحلى الاجمالى، ويمكن أن يكون انخفاض سعر الجنيه داعما لهذا التوجه، لأن ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه يعنى ارتفاع أسعار السلع المستوردة.
فمن غير الممكن تحمل طول الوقت زيادة الاسعار باسواقنا المحلية لإرتباطها بالأسواق العالمية والازمات الحادثه بالدول المصدرة العالمية خاصة السلع الاستراتيجية كالقمح والسكر، لاعتمادها على الخارج فى توفير هذه السلعة .
انه من الضرورى أن يتحرك الاقتصاديون والحكومه لوضع الخطط التى تقلل من اعتماد السوق المصرى على الخارج وهذا لن يتحقق الا بزيادة الإنتاج المحلى، ولابد من فك الارتباك ب “الأسواق الدولية”،ولا بد أن يتزامن مع جهود زيادة الإعتماد على الذات أن يتم البحث عن أسواق يمكن أن توفر لنا احتياجاتنا بأسعار اقل فاللحوم مثلا يمكن الحصول عليها من السودان، والمنسوجات من دول اسيا، إنه من الاهميه الان العمل على تكثيف الاستثمار الاجنبى، وتشجيعه فى مجالات كثيرة دون الاقتصار على الإنتاج الغذائى، فلا بد أن يتوسع فى مجال المنسوجات وصناعة المكائن الزراعية التى تحتاجها افريقيا، كذلك يحتاج السوق إلى أحداث طفرة فى مجال صناعة أجهزة معالجة وتدوير المخلفات للتخلص منها وللحد من التلوث البيئى، وأنه من الضروري أيضا العمل على تطوير الصناعات الدوائيه الصيدلانية لحل مشكلة على سبيل المثال مرضى الكبد الوبائي الذى تفشى بين المصريين وغيرها من الأمراض.
وعلينا ان نعترف بوجود صعوبات بالغة لزيادة هذا الإنتاج لارتفاع تكلفة إنتاج السلعة فى الداخل، فتراجع معدلات التشغيل فى الاقتصاد بسبب تراجع معدلات الاستثمار والادخار ،فضلا عن مغالاة القطاع الخاص فى الربح، وأنه بمجرد احساس المنتج بأنه هناك نقص فى الأسواق يبادر إلى استغلال المستهلك بشتى الصور
لذلك نطالب بضرورة العمل على ترشيد التكاليف والعمل على تحديد هوامش الأرباح المناسبه لنصل بالمنتج المحلى لان يباع بسعر أقل من المنتج المستورد مع ضرورة أن نركز على الجودة.
زيادة الإنتاج تستوجب عنصرين :
الأول العمل على زيادة إنتاجية العامل المصرى كما اى عدد الوحدات وكيفا اى المهارة والتقنيه وهذا يتحقق من خلال الاهتمام بالتعليم الفنى.
المشكله تكمن فى مصر فى عنصرين الأول أن عنصر العمل المصرى غير تنافسى واجره مرتفع وقدراته الإنتاجية ضعيفه بالمقارنة بالدول التى تصدر معظم إنتاجها للخارج كدول النمور الاسيويه واليابان وتايوان وكوريا، فهم لديهم قدرات بشريه وفنية ومهنيه وعمليه، وبالتالي المقارنة لن تأتى فى صالحنا، وأن تحرير التجارة والسماح للأستيراد من الخارج يجعل من مصلحة المستهلك أن يشترى السلع المستوردة لأنها ارخص وجودتها أعلى.
والعنصر الثانى، يتمثل فى عنصر رأس المال، الذى يعانى ضعفا بينا لأنه ليس لدى مصر استثمارات ضخمة تدعى إلى جانب المستثمرين بالمقارنة بدول العالم، فبالمقارنه مع دولة الهند، التى من المفترض انها دولة دخلها اقل من مصر حتى الان لكنها حافظت على زيادة معدل نموها بنسبة ٨%على مدار ١٠ سنوات، وليس أمامها سوى السنوات المعدودة لتسبقنا، فمصر لديها معدل نمو ضعيف جدا، اما ما يتعلق بهيكل الأنتاج ليس لدى مصر فرص انتاجية، فالمشكلة تكمن فى اننا نركز ونتجه إلى قطاع البترول عن مجال الصناعات التحويليه والتحويليه والانتاج ،فالصناعات التحويليه البترولية هى المسيطرة فى مصر ،ومعظم استثماراتنا تتوسع فيها، وذلك على الرغم منانه عنصر ناضب بفعل الاستنزاف المتو اصل ، وبالتالي لن يخلق هيكل انتاجى يمكن أن يستمر لمدة أعوام قادمة.
لذلك يجب على الحكومة تعزيز مهارات القوى العاملة لا سيما وأن ٤٢%من ٢٢ مليون عامل هم اما أميين وأما شبه أميين، ويمكن تصنيف غالبيتهم بأنهم فقراء تجمدت اجورهم الفعلية على مدى العقود الثلاثه الماضيه، ويعيشون تحت خط الفقر الرسمى، وهذه العوامل تفسر سبب تدنى وتراجع إنتاجية العامل المصرى، وبالتالي لا بد من بناء قدرات بشريه، وهذا لن يحدث الا بالتعليم اولا، لأن مصر تحتاج الى خلق طبقه عاملة متعلمة ليس فقط فى القراءة والكتابه لكن فى تنمية القدرات الذهنية والابتعاد عن الأسلوب التلقينى وهذا سيحتاج على الاقل ٢٠ عاما.
اننا ندعو إلى ضرورة أحداث استقرار سياسى، لأن مناخ الاستثمار أصبح مترديا، وأنه هناك شركات يتم تصفيتها، لابد أن تسعى الحكومة لتوفير جو ملائم للاستثمار ، وأن تحرص على أن تستثمر فى أكثر من مشروع لأن نجاح المشروع الأول سيساعد المشروعات الأخرى على النجاح.
*الأمين العام لحزب الشعب الديمقراطي