شادية إعتزلت النجومية وإختارت خدمة الفقراء

كتبت عزه السيد
إحتلت الفنانه القديرة شاديه مكانة رفعية في نفوس الجمهور، ليست كمجرد فنانة شاملة أمتعت الجمهور العربي بعشرات الأعمال الفنية، وإنما لكونها علامة في تاريخ مصر، تحظى بحب الجميع واحترامهم، حتى بعد اعتزالها الفن في أوج تألقها، وقد حاول الكثيرون معرفة أخبارها او بعض أخبارها بتصريح صحفي أو مقابلة تليفزيونية، لكنها إحتجبت تماما، ولم يظهر لها سوى بعض الصور المسربة من مناسبات عائلية، وأخيراً صوتها وهي في غرفة العناية المركزة بعدما أصابتها جلطة في المخ، وهو الأمر الذي أثار دهشة أسرتها.
ونحاول هنا أن نركز الضوء على بعض اللحظات في حياة “دلوعة السينما المصرية”، الفنانة شادية.
إسمها الحقيقي بالكامل “فاطمة أحمد كمال الدين شاكر”.
ولدت في 8 فبراير 1934، بمنطقة الحلمية الجديدة في حي عابدين، وترجع أصولها إلى محافظة الشرقية.
-كان والدها يعمل مهندسا زراعيا، وقد تطلب عمله الإنتقال إلى القاهرة على بعد خطوات من قصر عابدين، حيث نشأت “شادية”.
لها شقيقة تدعى “عفاف”، عملت ممثلة ثم إعتزلت المجال الفني.
بدأت مسيرتها الفنية في العام 1947، على يد المخرج أحمد بدرخان، عندما كان يبحث عن وجوه جديدة، فتقدمت إليه وأدت وغنّت ونالت إعجاب كل من كان في استوديو مصر، فشاركت بفيلم “أزهار وأشواك”.
أول بطولة سينمائية لها كانت من خلال فيلم “العقل في إجازة”، أمام الفنان محمد فوزي، ما جعله بعد ذلك يستعين بها في عدة أفلام منها “صحاب الملاليم، وبنات حواء، والروح والجسد”.
حققت نجاحا وإيردات عالية للمنتج أنور وجدي في عدة أفلام منها: “ليلة العيد” العام 1949 و”ليلة الحنة” العام 1951، وتوالى نجاحها في أدوارها الخفيفة مع كمال الشناوي التي حققت إيرادات كبيرة للمنتجين، وعلى حد تعبير كمال الشناوي نفسه “إيرادات بنت عمارات وجابت أراضي”.
مرت بعدد من المحطات الفنية الهامة في حياتها، أولها في فيلم “المرأة المجهولة”، عام 1959، وهو من الأدوار التي أثبتت قدرتها العالية على تجسيد جميع الأدوار، وحينها كانت تبلغ 25 عاما، كما استطاعت أن تقدم مجموعة أدوار كوميدية من المخرج محمود ذو الفقار مثل دورها في أفلام “مراتي مدير عام، كرامة زوجتي، عفريت مراتي”، كما تألقت في تجسيد روايات الكاتب نجيب محفوظ مثل: “اللص والكلاب، وزقاق المدق، والطريق، وشيء من الخوف، وميرامار”.
قدمت الفنانة شادية على مدار تاريخ فني يمتد إلى ما يقارب أربعين عاما، نحو 112 فيلماً و10 مسلسلات إذاعية ومسرحية واحدة هي “ريا وسكينة”، التي حققت نجاحا ساحقا، واستمر عرضها لثلاث سنوات داخل مصر وخارجها، وشاركها البطولة فيها كل من: “عبد المنعم مدبولي، وسهير البابلي، وأحمد بدير”.
عند بلوغها سن الخمسين، فاجأت الجمهور بقرار اعتزالها وارتداء الحجاب، وعن ذلك قالت: “لأننى في عزّ مجدي أفكر في الاعتزال، لا أريد أن أنتظر حتى تهجرني الأضواء بعد أن تنحسر عني رويداً رويداً… لا أحب أن أقوم بدور الأمهات العجائز في الأفلام في المستقبل بعد أن تعوّد الناس أن يروني في دور البطلة الشابة، لا أحب أن يرى الناس التجاعيد في وجهي ويقارنوا بين صورة الشابة التي عرفوها والعجوز التي سوف يشاهدونها”.
تزوجت شاديه ثلاث مرات، الأولى من المهندس عزيز فتحي، والثانية من الفنان عماد حمدي لمدة ثلاث سنوات، ثم تزوجت من الفنان صلاح ذو الفقار، إلا أنها انفصلت عنه في عام 1969، ولم تنجب منه أبناء.
جمعتها علاقة عاطفية بكل من الفنان الراحل كمال الشناوي، الذي أحبها لكنه تزوج شقيقتها، والفنان فريد الأطرش الذي كاد يتزوجها لولا علاقاته النسائية وسهراته التي حالت دون إتمام المشروع.
بعد إعتزالها في عام 1986، تفرغت للأعمال الخيرية، وقد قدمت للفقراء دار للأيتام ومسجد ودار لتحفيظ القرآن، تم بناؤهما في شارع الهرم، وأيضا شقة كانت تمتلكها في منطقة المهندسين قامت بالتبرع بها لصالح جامع مصطفى محمود وهو ما أكده العالم نفسه في أحد البرامج التلفزيونية لافتا إلى أنها كانت تساوي وقتها ربع مليون جنيه.
آخر ظهور إعلامي لها كان من خلال مداخلة مع الإعلامي عمرو الليثي في برنامج “واحد من الناس”، وذلك أثناء فترة ثورة 25 يناير، والتي قالت فيها: “أنا بادعى ربنا يعقل الولاد دول اللى بيضربوا فى بعض، ربنا يعلم الواحد حاسس بإيه، دى مصر يا خبر أبيض، لازم نحافظ على مصر، دى اسمها فى القرآن”.