الموسيقى وتأثيرها على حياة الإنسان

بقلم: ممدوح الشنهوري*
لطالما كانت الموسيقى مرتبطة بجملة شهيرة: “الموسيقى غذاء الروح”، مما يدفع الكثيرين للتساؤل: ما الذي تفعله الموسيقى للإنسان حتى تستحق هذا الوصف العميق؟ هل حقًا لها هذا التأثير الروحي والنفسي القوي، بحيث تعيد التوازن الفكري والنفسي للإنسان؟ وهل يمكن لكل أنواع الموسيقى أن تؤدي هذا الدور، أم أن هناك أنماطًا محددة تحقق ذلك؟
أكد العلماء والدارسون أن الموسيقى، جنبًا إلى جنب مع الفنون الأخرى، تُسهم في ارتقاء الروح. تعمل الموسيقى على خلق حالة من الصفاء النفسي والتأمل في الحياة وأحداثها. ويظهر هذا الدور بوضوح عندما يختار الإنسان نوعًا من الموسيقى يلائم احتياجاته الروحية ويعزز إحساسه بالهدوء والسكينة.
تتميز الموسيقى الكلاسيكية، التي تعتمد على الآلات الموسيقية مثل البيانو، الجيتار، الكمان وغيرها، بقدرتها على تحقيق التأمل الروحي والفكري دون الحاجة إلى كلمات. فهي لا تركز على إيصال رسالة معينة أو استثارة مشاعر محددة، بل تهدف إلى تنقية الذهن وإعادة التوازن النفسي.
على النقيض، تحمل الأغاني التي تجمع بين الكلمات والألحان رسالة واضحة ترتبط بمشاعر محددة، مثل الحب، الحزن، أو الشوق، مما يجعلها تخاطب الإنسان على مستوى مختلف. لذا، يُنظر إلى الموسيقى الكلاسيكية كوسيلة فريدة تهدف إلى الصفاء الروحي، بعيدًا عن أي تشتيت عاطفي أو فكري.
أصبحت الموسيقى وسيلة علاجية يستخدمها الخبراء النفسيون للتخفيف من ضغوط الحياة. تساعد الموسيقى الكلاسيكية على تحسين التركيز وتعزيز الأداء الوظيفي، مما دفع العديد من المؤسسات المالية، الصحية، والسياحية إلى دمجها في بيئات العمل لتوفير أجواء هادئة ومحفزة للإنتاجية.
في المجتمعات ذات الطابع الإسلامي، تُثار نقاشات حول الموسيقى ومشروعيتها. وبينما لم تُحرَّم الموسيقى بشكل مطلق في الإسلام، فإن الضوابط الموضوعة لسماعها ساهمت في تهدئة الجدالات حول تأثيرها. ومع ذلك، يبقى هناك وعي متزايد بأهمية اختيار الأنواع المناسبة من الموسيقى التي لا تؤثر سلبًا على القيم أو السلوكيات.
لا يمكن إنكار أن هناك أنواعًا من الموسيقى قد تضر بالإنسان نفسيًا وسلوكيًا، مثل موسيقى “الشيطان” أو غيرها من الأنماط التي تروج للسلوكيات المنحرفة. هذه الأنواع تسلب الإنسان صفاء ذهنه وقد تؤدي إلى إدمانها مع تأثيرات سلبية على السلوك.
على الأفراد أن يكونوا واعين عند اختيار نوع الموسيقى التي يستمعون إليها، لأن الموسيقى تشكل جزءًا من هوية الإنسان وتؤثر على مستقبله. كما أن تنشئة الأجيال القادمة على أنواع محددة من الموسيقى تسهم في بناء شخصيات متزنة ومستقرة نفسيًا، قادرة على مواجهة تحديات الحياة.
*كاتب صحفي و وعضو المنظمة المصرية والدولية لحقوق الإنسان