شنبو في المصيدة
بقلم/ أيقونة الاتزان السفير د. أحمد سمير
الشنب هي تلك القطعة من الشعر الذي تنبت فوق الشفة العليا وهي من علامات البلوغ عند الذكور والرجولة والسيطرة في بعض المجتمعات والتي تصل الى درجة أن يٌحلف به .أما عن عنوان المقالة فهي استعارة لاسم فيلم مصري قديم للفنان فؤاد المهندس (شنبو في المصيدة) وسبب التسمية هو التصور الذي وصلني لوضع رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو بعد اتفاقية وقف إطلاق النار بين حماس والكيان المغتصب
وهذا ما ظهر لي جليا بسبب هشاشة النظام السياسي لائتلاف رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي سعى طوال الـ 15 شهرا الماضية للظهور بمظهر متماسك، مستندا في ذلك إلى سياسة الإبادة الجماعية التي مارسها ضد أهل غزة، وحملات العدوان التي شنها على لبنان وسوريا اليمن والمنطقة بأكملها؟.
أزمة سياسية داخلية غير مسبوقة
فمع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، سقط في المصيدة حيث سيواجه أزمة سياسية داخلية غير مسبوقة منها اعلان وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير استقالته من منصبه احتجاجا على الصفقة، وتبعه في الاستقالة وزير الشتات عميحاي شيكلي من حزب الليكود كما أصدر حزب “عوتسما يهوديت” بيانا شديد اللهجة، معتبرا الاتفاق بأنه “استسلام لحماس” معلنا عزم الحزب الخروج من الائتلاف وهذا ما يضع رئيس الوزراء الإسرائيلي في موقف حرج، حيث سيتقلص ائتلافه من 68 إلى 63 مقعدا إلى جانب تزايد الغضب الشعبي داخل إسرائيل ضده لاسيما من أهالي الأسرى المحتجزين لدى حماس وتراجع شعبيته خاصة بين قاعدته اليمينية التي ترى في الاتفاق خضوعًا لشروط حماس
نتياهو ينتظر نفس مصير جولدا مائير وبيجن
كما أنه سيدخل المصيدة خلال شهر فبراير 2025 حيث عقد جلسة استماع لحكومته حول قضية فشل السابع من أكتوبر، والتي ستؤدي إلى محاكمته بالتقصير، وسيتم الإطاحة به كما حصل لجولدا مائير عام 1973، ومناحيم بيجن عام 1982 على إثر الاجتياح الإسرائيلي للبنان.
كما أنه ينتظره مصيدة أخري وهي المثول أمام المحكمة للتحقيق في تهمة الرشاوى والفساد المالي والإداري والتي نجح في التهرب منها مؤقتاً بدعوى انشغاله في قيادة الحرب، لكن مع بطلان حجته سيواجه تهديد العزل من السلطة بعد سقوط حكومته.
مخاوف من غدر النتنياهو
من أجل هذا الفشل أصر رئيس الوزراء الإسرائيلي على شرط يحتفظ لقواته بحق استئناف القتال في قطاع غزة حيث لا يعبأ بأي شيء ولا حتى بمصالح إسرائيل. ولا يعنيه سوى حماية مستقبله السياسي، ولو شعر في أي لحظة أن مسار الهدنة ستهدد بقاءه في الحكم فلن يتوانى عن إيجاد مخارج لخلط الأوراق والعودة للحرب التي تؤدي إلى توتر المنطقة مرة أخري وهذا ما أتوقعه ليخرج شنبو من مصيدة العزل والسجن والانعزال السياسي فلنحذر قال تعالي:
(ٱلَّذِينَ عَٰهَدتَّ مِنۡهُمۡ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهۡدَهُمۡ فِي كُلِّ مَرَّةٖ وَهُمۡ لَا يَتَّقُونَ) سورة الأنفال (56)
السفير د. أحمد سمير
عضو هيئة ملهمي ومستشاري الأمم المتحدة
السفير الأممي للشراكة المجتمعية
رئيس مؤسسة الحياة المتزنة العالمية