قاعة الصداقة.. مبنى التحولات السياسية والثقافية فى السودان
معارك عنيفة وانفجارات ضخمة .. الجيش السودانى فى طريقه للقصر الرئاسى

كتبت : د.هيام الإبس
شهدت قاعة الصداقة التى تبعد أقل من 2 كيلو متر من القصر الرئاسى بالعاصمة الخرطوم، اشتباكات عنيفة بين قوات الجيش السودانى وقوات الدعم السريع؛ أسفرت عن وقوع انفجارات ضخمة، وسط تصاعد حدة المعارك بالقرب من -جسر سوبا- شرق العاصمة.
وتعد قاعة الصداقة فى الخرطوم، واحدة من أهم معالم المدينة، وأبرز الأمثلة على العمارة الحديثة فى السودان.
وافتتحت القاعة رسمياً فى عام 1976 بدعم من جمهورية الصين الشعبية، لتصبح مركزاً للمؤتمرات والفعاليات الوطنية والدولية.
وتقع القاعة فى موقع استراتيجي عند ملتقى النيلين الأزرق والأبيض، مقابل جزيرة توتى، ما منحها حضوراً مميزاً فى مدينة الخرطوم.
موقع إستراتيجى
أقيم مجمع قاعة الصداقة فى موقع إستراتيجى على شارع النيل بمنطقة المقرن، غرب القصر الجمهورى القديم، فى المساحة التى كانت تشغلها سابقاً حديقة الركابى، والتى انتقلت ملكيتها لاحقاً إلى هيئة الأوقاف القومية الإسلامية، ويحد الموقع من الغرب مبنى كان يستخدم سابقاً كمصنع للسكر، حيث تم تحويله إلى مستودع لتخزين السكر قبل شحنه عبر النيل إلى وجهاته المختلفة.
كما كانت هناك ساحة مجاورة للمصنع يستغلها أطفال حى المقرن لممارسة كرة القدم، وتولت شركة صينية تشييد المجمع، وهى ذات الشركة التى أشرفت على بناء القصر الرئاسى الجديد فى الخرطوم، والذى افتتح عام 2014.
وتشغل قاعة الصداقة موقعاً بارزاً فى قلب منطقة سياحية واجتماعية وسياسية حيوية بالخرطوم، حيث يجاورها من الشرق فندق كورنثيا الخرطوم (المعروف سابقاً بفندق برج الفاتح)، بينما يقع غربها متحف السودان القومى وحدائق 6 أبريل وفندق كورال الخرطوم (هيلتون سابقاً) وجسر النيل الأبيض المؤدى إلى أم درمان، وفى الشمال، تطل القاعة على مرسى عبّارة جزيرة توتى، أما فى الجنوب فتقع عدة مكاتب لشركات وبعثات دبلوماسية أجنبية.
معمار قاعة الصداقة
جاءت فكرة إنشاء القاعة عقب زيارة الرئيس السودانى الأسبق جعفر نميرى إلى الصين، حيث طُرح المشروع استجابةً لطلب سودانى بإنشاء قاعة مؤتمرات متعددة الأغراض،وتولى تصميم المشروع المعمارى الصينى وانج دينجزينج بالتعاون مع معهد شنغهاى للعمارة المدنية، فيما أشرفت وزارة البناء والأشغال العامة السودانية على تنفيذه، بمساعدة مئتى فنى صينى.
امتد العمل على المشروع من عام 1972 حتى افتتاحه رسمياً عام 1976 بحضور الرئيس نميرى ووفد صينى، وكانت القاعة جزءاً من سلسلة مشاريع مماثلة نفذتها الصين فى كل من غينيا وسريلانكا، فى إطار تعزيز علاقاتها الدبلوماسية مع الدول النامية.
توسعات وتجديدات عديدة
وشهدت قاعة الصداقة عدة توسعات وتجديدات عديدة، أيضاً بدعم صينى، وقد بُنيت وفق نهج معمارى حداثى مستوحى من مدرسة باوهاوس، مع تكامل بين التصميم الهندسى المتناسق ومتطلبات الأداء الوظيفى المتعدد، ويبرز ذلك فى توزيع القاعات والمساحات الداخلية، حيث تشتمل على قاعة مؤتمرات رئيسية، وصالة معارض ومسرحاً وسينما مغلقة ، وقاعة احتفالات ومرافق ضيافة.
فى السياق، ذكر مصدر مطلع، إن الجيش يسعى لاستعادة قاعة الصداقة، الخاضعة لسيطرة الدعم السريع، إلى جانب بعض الأبنية، والتقدم نحو القصر الرئاسى بوسط العاصمة الخرطوم، فى الوقت الذى شوهدت أعمدة دخان تتصاعد من القاعة.
من أشعل النيران فى قاعة الصداقة؟
ووفقاً لتقارير إعلامية سودانية، فقد أشعلت قوات الدعم السريع، النيران فى قاعة الصداقة، بهدف التغطية على انسحاب قواتها من جزيرة “توتى”، وبرج الفاتح، فى الخرطوم، لذلك لجأت إلى هذا “العمل التخريبى”، لكى تحجب الرؤية عن قناصة الجيش الموجودين فى منتزه المقرن.
وقد ارتفعت وتيرة المعارك وسط العاصمة السودانية الخرطوم، بين الجيش وقوات الدعم السريع، بعد أيام من الهدوء الحذر، كان الجيش خلالها يعمل على التقدم نحو العاصمة من الجنوب والشرق، عبر محور جياد، وصولاً إلى الباقير، والمدخل الغربى لجسر سوبا، ومحور شرق النيل وصولاً إلى المدخل الشرقى للجسر.
30 مليون سودانى بحاجة إلى المساعدة
فى الأثناء، حذرت الأمم المتحدة من أن الوضع فى السودان يزداد سوءاً مع استمرار الصراع ونزوح مزيد من الناس وازدياد الاحتياجات الإنسانية، مشيرةً إلى أن حوالى 30 مليون شخص يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية.
وحذر نائب مدير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية فى السودان، إدمور توندلانا، من أن الوضع فى البلاد يزداد سوءاً مع استمرار الصراع ونزوح مزيد من الناس وازدياد الاحتياجات الإنسانية.
وأشار “توندلانا”، إلى أن هناك “أزمة حماية فى السودان بسبب الثمن الباهظ الذى يتعين على الناس دفعه” بسبب الصراع. وفقاً “لموقع أخبار الأمم المتحدة”
وعن ظروف المجاعة التى تم الإعلان عنها بالفعل فى بعض المناطق، أشار إلى أن الوضع يتفاقم بسبب القتال المستمر فى تلك المناطق بما فيها مناطق فى ولايات دارفور وكردفان والجزيرة، مضيفاً “لم نتمكن من الوصول إلى الأشخاص الذين كان ينبغى لنا أن نوفر الاستجابة لهم بشكل فعال”.
وقال توندلانا: “الوضع فى السودان ليس جيداً. إنه يزداد سوءاً يوماً بعد يوم، و لدى السودان بعض من أعلى الاحتياجات الإنسانية فى العالم، حوالى 30 مليون شخص يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية، وهذا فى الواقع يعنى 5 ملايين شخص إضافى مقارنة بالعام السابق”.
وأضاف أن السودان لديه فى الواقع أعلى عدد من النازحين، وهو ما يقرب من 9 ملايين شخص فروا من منازلهم، وهو ما يضيف إلى ما بين مليونين وثلاثة ملايين آخرين نزحوا بالفعل قبل ذلك، أى أن حوالى ربع السكان، أو 12 مليوناً لم يعودوا فى منازلهم حتى الآن.
ودعا المسؤول الأممى إلى “احترام الحياة”، مشدداً على أنه “بدون سلام، فإن الجهود الإنسانية التى نحاول القيام بها هنا تظل مقيدة بشدة”، مشدداً كذلك على ضرورة الوصول الإنسانى دون عوائق وتعزيز الجهود الدبلوماسية والمحاسبة عن الجرائم الفظيعة التى ارتكبت ضد المدنيين.
وفى ديسمبر الماضى، عبر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، عن القلق إزاء تدهور حالة الأمن الغذائى بسرعة فى السودان، حيث يستمر تدهور القدرة على الوصول إلى الغذاء والتغذية لملايين الأشخاص فى جميع أنحاء البلاد وفقاً للتصنيف المرحلى المتكامل للأمن الغذائى.
وخلال الشهر ذاته، أعلن تقرير لجنة مراجعة المجاعة بالتصنيف المرحلى المتكامل للأمن الغذائى عن تفشى المجاعة فى 5 مناطق على الأقل فى السودان، متوقعاً أن تواجه 5 مناطق إضافية المجاعة بين ديسمبر 2024 ومايو 2025، وكشف التقرير كذلك أن خطر المجاعة يهدد 17 منطقة إضافية.
