السودان

حكومة موالية لحميدتى.. أسئلة المقر والشرعية تلوح فى الأفق

الهادى إدريس والتعايشى من أبرز الداعمين للحكومة الموازية

كتبت : د.هيام الإبس 

 

 

حكومة موالية لحميدتى.. أسئلة المقر والشرعية تلوح فى الأفق

مع اقتراب إعلان الحكومة الجديدة من العاصمة نيروبى غداً الثلاثاء، على الأرجح، يبقى السؤال قائماً عما إذا كان هذا التطور سيقود إلى تقسيم البلاد، إلى جانب أسئلة متعلقة بالشرعية والمقر.

وفى مقابلة مع قناة الجزيرة القطرية مساء الأحد، قال عضو مجلس السيادة السابق وقائد قوات المجلس الانتقالى، الهادى إدريس، إن الحكومة المرتقبة ستباشر عملها من داخل الخرطوم، وإن تعذر ذلك، فهناك بدائل أخرى.

 

وسبق إعلان الحكومة الجديدة الموالية لقوات الدعم السريع انقسام تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم”، حيث أنهى الانشقاق التحالف رسمياً إلى جسمين سياسيين مختلفين، وذكرت قيادات من الجانبين إن فك الارتباط جاء ودياً، حيث قسُمت الحكومة الجديدة الكتلة السياسية، وربما فى طريقها لتقسيم البلاد.

 

فى السياق، يقول الباحث فى مجال الديمقراطية والسلام، مجاهد أحمد، تعليقاً على سؤال حول مصير هذه الحكومة التى قد تتخذ من غرب البلاد مقراً لها: “إن هذا التطور خطير على مستقبل السودان، وقد يقود بمرور الوقت إلى ترسيخ ذهنية الانفصال داخل أروقة المجتمع الإقليمى والدولى، أو إبقاء الوضع على ما هو عليه وفق حكومتين فى بورتسودان وإقليم دارفور، والتعامل معهما من الحد الأدنى دون الاعتراف بهما، مع إمكانية استخدامهما لمصالح بعض الدول”.

 

وتابع: “قوات الدعم السريع تقف بشكل علنى وراء تكوين الحكومة وإعلانها من نيروبى خلال الساعات القادمة، وهى مثل شخص يخوض عمق المياه بغرض الاختبار، فقط تريد المغامرة، على أن تعتمد على التطورات حول الاعتراف الإقليمى والدولى مستقبلاً”.

 

وأضاف: “قد لا تحصل الحكومة المرتقبة على اعتراف إقليمى ودولى فور إعلانها، لكن فى الوقت ذاته، الأمور فى مثل هذه المناسبات تعتمد على عامل الوقت والتحولات الإقليمية والدولية”.

 

من الواضح أن قوات الدعم السريع خططت لتنفيذ هجوم برى واسع النطاق على مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور، لتكون موقعاً سياسياً للحكومة الجديدة، وعندما فشلت العملية العسكرية، اضطرت لإعلانها من خارج البلاد، على أن تضع الآمال على عامل الوقت لتنفيذ هجوم جديد على المدينة، وفق مجاهد أحمد.

ومع اقتراب إعلان الحكومة الجديدة، قالت وسائل إعلام إن قائد قوات الدعم السريع، الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتى”، وصل إلى نيروبى الأحد الماضى.

 

أما فى أروقة الحكومة القائمة فى بورتسودان، العاصمة المؤقتة، فلم يعلق قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة الانتقالى، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، على الحكومة المرتقبة غرب البلاد، وقال مخاطباً فعالية خاصة بوزارة التربية والتعليم في بورتسودان، امس: “إن القوات المسلحة ستستمر فى حربها لإنهاء التمرد فى جميع أنحاء البلاد”.

 

ونُقلت مقترحات لتكوين مجلس سيادة وحكومة ومجلس تشريعى إلى الحكومة المرتقبة من قبل أعضاء سابقين فى الحكومة الانتقالية، أبرزهم محمد حسن التعايشى ، عضو مجلس السيادة الانتقالى 2019-2021، والهادى إدريس، عضو مجلس السيادة 2020-2023.

 

وحول الحصول على شرعية دولية للحكومة المرتقبة، يرى الباحث فى الشؤون الدبلوماسية، عمر عبد الرحمن، أن أى حكومة قائمة داخل السودان لم تحصل على الاعتراف الإقليمى والدولى، بما فى ذلك الحكومة القائمة فى بورتسودان.

 

وأضاف عبد الرحمن ، “الاتحاد الأفريقى يعلق عضوية السودان منذ 25 أكتوبر 2021 بسبب الانقلاب العسكرى على الحكومة الانتقالية، ولم تحصل الحكومة التى انتقلت من الخرطوم إلى بورتسودان خلال الحرب على الاعتراف الدولى”.

وأضاف: “الاتحاد الأفريقى اشترط العودة لمسار الانتقال، أى إلى ما قبل 25 أكتوبر 2021، لرفع عضوية السودان عن قائمة التجميد، بالتالى فإن حكومة الدعم السريع قد تكون فى ذات الخانة، وربما فى موقف أسوأ.

ويقول عمر عبد الرحمن إن تصريحات الهادى إدريس، أحد الداعمين للحكومة الجديدة غرب السودان، حول الحصول على ضمانات من بعض الدول، غير صحيحة ومجرد استهلاك سياسى، لأن الواقع يقول عكس ذلك.

 

وأردف: “إذا لم يعترف بك العالم، لن يساعدك، وإذا لم يساعدك، لن تحصل على الأموال وتحقيق التنمية، ومع عدم القدرة على توظيف الموارد الوطنية، فإن الحكومة المرتقبة الموالية للدعم السريع لن يسمح لها العالم بوجود منطقة مضطربة بسبب الفقر والنزاعات المسلحة والعرقية”.

 

ولم يتطرق مؤيدو الحكومة الجديدة من داخل اللجان المكونة لهذا الغرض إلى الحديث عن مستقبل العملة والبنك المركزى، ضمن الأدوات المطلوبة لأى حكومة، طالما أن الاقتصاد هو الملعب الرئيسى لها.

وعمد البنك المركزى السودانى من مقره فى بورتسودان إلى استبدال جزئى للعملة، مع تحجيم التداول فى إقليم دارفور بسبب الوضع الأمنى، وتوقف البنوك عن العمل قرابة العامين.

ويستخدم مواطنو إقليم دارفور العملة القديمة فى التعاملات الشرائية والبيع، وفق إجراءات صدرت من قوات الدعم السريع، السلطة العسكرية المسيطرة على أربع ولايات من جملة خمس ولايات، كما لوّح متعاملون فى الأسواق فى هذه المدن إلى إمكانية استخدام عملات دول الجوار.

ويعتقد الباحث فة الشأن الاستراتيجى، محمد عباس، أن الأطراف المتحمسة إزاء تكوين حكومة تنطلق من غرب السودان أو خارج البلاد، لا تبحث عن الشرعية فى الوقت الراهن.

مشيراً أن “هناك مسائل متعلقة بالاقتصاد، والبحث حول أزمة العملة بالنسبة للحكومة المرتقبة، إلى جانب الحصول على تمثيل ولو ضئيل فى الإقليم، أو مخاطبة الدول عبر إيفاد ممثلين باسم الحكومة للحصول على قرارات حظر الطيران”.

وقال: “لا يمكن الجزم بأن الحكومة المرتقبة فى مناطق سيطرة قوات الدعم السريع لن تحصل على الاعتراف، والدليل سماح السلطات الكينية بإعلان الحكومة من أراضيها”.

ويقول عباس إن الأمور المتعلقة بالعملة والبنك المركزى والنفط، ربما تدفع الأمم المتحدة إلى تكرار النموذج الليبى، عندما تمكنت من جمع الحكومتين فى طرابلس وبنغازى حول هذه المسائل.

ويرجح عباس أن يتعامل المجتمع الدولى مع الحكومتين فى إطار جلبهما إلى طاولة المفاوضات، وهذا وارد، طالما أن الجيش والدعم السريع قد دُعيا إلى محادثات السلام طيلة العامين الماضيين، فإن دعوة كلا الحكومتين للتفاوض على إنهاء الحرب متوقعة بشكل كبير.

ويقول عباس إن النخب السياسية والعسكرية فى السودان درجت على التطرف فى المواقف حتى تخرج الأمور عن السيطرة، وفى نهاية المطاف ترضخ للضغوط الدولية، ولا يجنى الشعب السودانى أى مكاسب.

حكومة موالية لحميدتى.. أسئلة المقر والشرعية تلوح فى الأفق
حكومة موالية لحميدتى.. أسئلة المقر والشرعية تلوح فى الأفق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.