الصراط المستقيم

السيرة النبوية (17) أوائل النساء اللائي أسلمن

بقلم: الدكتور محمد النجارالسيرة النبوية (17) أوائل النساء اللائي أسلمن 2

ذكرنا في الحلقات السابقة قصص تعذيب المشركين لأوائل من علمت قريش بإسلامهم وكل هذه الاحداث في مرحلة الدعوة سرا دون الجهر بها ،وتحدثنا في الحلقة السابقة عن تعذيب شاب أسود عذبوه اشد التعذيب ..فاشتراه ابوبكر واعتقه ،واليوم نتحدث عن اخرين اشتراهم ابوبكر واعتقهم ..
“ونبدأ الآن في الحلقة (17) بإذن الله عنوان الحلقة ” أوائل النساء اللائي أسلمن
لم يكتف طغاة قريش بتعذيب عدد قليل من الذين اسلموا ، بل لم تستثن احدا من التنكيل خاصة من الضعفاء الذين لا جاه لهم وحماية سلطان ، بل لم تكتف بتعذيب الرجال فقط وانما أذاقت النساء ايضا اشد العذاب ولا ننسى اول شهيد في الاسلام كانت امرأة . وكان الاسلام نموذجا للإخوة الايمانية التي سخرت اموال كبار الصحابة في شراء اخوانهم في العقيدة واطلاق سراحهم..
ابو بكر يشتري العبيد و المستضعفين ويعتقهم :
لم يكن بلال هو العبد الوحيد الذي اشتراه ابوبكر الصديق ثم اعتقه ، بل اشترى واعتق كل ضعيف مستضعف يقع تحت التعذيب في ايدي طغاة مكة وجبابرة الكفر ..فقد أعتق ستة اخرين :
1. عامر بن فهيرة الذي جاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهد معه غزوة وبدر وغزوة احد ، وقُتل يوم بئر معونة شهيدا.
2. أم عُبيس : أسلمت وهي زوج كُرَيْزِ بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس، ولدت له عُبَيْسًا فكُنِيَتْ به.
كانت فتاة لبني تيم بن مُرة فأسلمت ، وكانت ممن يُعذبُ في الله ، فاشتراها أبو بكر الصديق ، فأعتقها .
3. زِنِّيرَة : كانت ضمن سبعة يعذبون في الله . ذهب بصر زِنِّيرَة وكانت ممن يعذب في الله تعالى فتأبى إلا الإِسْلاَم فقال المشركون: ما أصاب بصرها إلا اللات والعزى فقالت: كلا والله ما هو كذلك فرد الله عليها بصرها.
4. (4 و 5)النهدية وبنتها ، وكانتا لامرأة من بني عبدالدار ، فمر بهما وقد بعثتهما سيدتُهما بطحين لها ، وهي تقول : والله لا أ عْتقكما أبدا. فقال ابوبكر رضي الله عنه : حِلِّ ، أنت أفسدتهما فأعْتِقهما !
فقال (ابوبكر) :فبكم هما ؟؟
فقالت : بكذا وكذا
فقال : قد أخذتهما وهما حُرَّتان.
وقال لهما : أرْجِعا إليها طحينها.
قالتا : أوَ نَفْرُغْ منه يا أبا بكر ثم نرده إليها؟
قال : وذلك إن شئتما .
5. جارية بني مؤمل ، كانت مسلمة في حي من بني عدي بن كعب ، وكانت مسلمةً، وعمر بن الخطاب يُعذبها لتترك الاسلام، وهو يومئذ مشركٌ وهو يضربها حتى إذا ملَّ قال : إني اعتذر اليك ، إني لم أتركك إلا ملالةً ، فتقول : كذلك فعل الله بك ، فابتاعها أبو بكر ، فأعتقها .

كل هذا التعذيب كان ينصب على الضعفاء الذين أظهروا اسلامهم حيث أن النبي لم يكن مأمورا بالجهر بالدعوة في هذه المرحلة الاولى من نزول الوحي عليه ، وكان المسلمون مستخفين في دعوتهم وكانت الدعوة سرا حتى يأذن الله للنبي بالجهر بها .
أول من أسلم من النساء :
1. خديجة بنت خويلد (ام المؤمنين وزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم)وبنات النبي لأنه لاشك في تمسكهن قبل البعثة بهديه.
وعن عائشة – عند ابن اسحاق – لما أكرم الله نبيه بالنبوة أسلمت خديجة وبناتها. وفي الشامية : أسلمت رقية حين أسلمت أمها خديجة ، وبايعت حين بايع النساء ، وأم كلثوم حين أسلمت أخواتها وبايعت معهن. وفاطمة لا يُسأل عنها لولادتها بعد النبوة أو قبلها بخمس سنين .
2. أم الفضل زوج العباس.(ام عبدالله بن عباس)
3. سمية ام عمار. (تم عرض قصتها في حلقة رقم (15).
4. أسماء بنت ابي بكر.
5. فاطمة بنت الخطاب بن نفيل(اخت عمر بن الخطاب ، وزوجة سعيد بن زيد)
6. اسماء بنت عميس : زوجة جعفر بن ابي طالب – صاحبة الهجرتين وزوجة الشقيقين.
7. اسماء بنت سلمة : ويقال اسماء بنت سلامة التميمية ،كانت من المهاجرات ، هاجرت مع زوجها عياش بن ابي ربيعة الى ارض الحبشة، ثم هاجرت الى المدينة ، وتُكنى أم الجُلاس، روت عن النبي صلى اله عليه وسلم وروى عنها ابنها .
8. ام ايمن (الاستيعاب : بركة بنت ثعلبة3225) بركة بنت ثعلبة بن عمر بن حصن بن مالك بن عمر النعمان، وهي أم أيمن الحبشية، مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاضنته، وأضحت زوجاً لحب النبي صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة ، وأماً للشهيد ” أيمن بن عبيد الخزرجي ” ، وأماً لفارس من فرسان الإسلام ، وهو الحب بن الحب “أسامة بن زيد” رضي الله عنهما .
9. ام معبد
قال بن سعد : اول امرأة أسلمت بعد خديجة أم الفضل زوج العباس ، واسماء بنت ابي بكر ، وعائشة اختها . كذا قاله ابن اسحاق وغيره. وهو وهم لأن عائشة لم تكن ولدت بعد فكيف أسلمت. وكان مولدها سنة اربع من النبوة، المواهب اللدنية بالمنح المحمدية ص 221 الجزء ا لأول.
ورد في فتح الباري هذا القول : (عن ام الفضل زوج العباس)بأنها وإن كانت قديمة في الاسلام ، لكنها لا تُذكر في السابقين ، فقد سبقتها سمية والدة عمار ، وأم ايمن

الاستخفاء في الصلاة سرا في شعاب مكة :
يقول ابن اسحاق : ( وكان اصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلَوا ذهبوا الى الشِّعاب، فاستخفوا بصلاتهم من قومهم ، فبينا سعد بن ابي وقاص في نفر من اصحاب رسول الله في شِعْب من شِعاب مكة ، إذ ظهر عليهم نفر من المشركين، وهم يصلون ، فناكروهم وعابوا عليهم ما يصنعون حتى قاتلوهم ، فضرب سعدُ بن أبي وقاص يومئذ رجلاً من المشركين بلَحْي بعير ، فشجَّه ، فكان أولَ دمٍ أهريق في الإسلام .)
ومما يدل على سرية الدعوة في اوائل المرحلة المكية ، وما ورد في قصة اسلام ابي ذر الغفاري فيما يتحدث به فيقول :
( أقمتُ بعدَ ذلك مع رسول الله في مكةَ فعلمني الإسلامَ ،و أقرأني شيئاً من القرآن ، ثم قال لي : لا تُخبرْ بإسلامك أحدا في مكة ، فإني أخافُ عليك أن يقتلوك)
فقلت: والذي نفسي بيده لا أبرحُ مكةَ حتى آتِيَ المسجدَ وأصرخَ بدعوة الحق بين ظهراني قريش ،فسكت الرسولُ.)
قول النبي لأبي ذر : اكتم هذا الامر وارجع الى قومك فأخبرهم ، فإذا بلغت
وأخرج البخاري في جامعه الصحيح قول النبي صلى الله عليه وسلم للمقداد :
” فكذلك كنت أنت تخفي ايمانك بمكة ”
أول مدرسة في الاسلام في دار الارقم بن ابي الارقم :
وظلت الدعوة خفية ثلاث سنوات أسلم خلالها ثلاثون رجل وامرأة ، ولما بلغوا اربعين اختار لهم بيت احدهم يلتقون فيه يرشدهم ويعلمهم تعاليم الاسلام ، فاختار لهم دار (الارقم ابن أبي الارقم) ليكون أول مدرسة لتعليم الاسلام .
كان نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بداية عهد جديد في حياة الانسانية بعد ما انقطع ، وتاهت البشرية في دياجير الظلام. وان المسئولية التي ألقيت على النبي صلى الله عليه وسلم كانت مسئولية عظمى ، لا يستطيع أن يتحملها إلا من هيأه الله واختاره لحمل هذه الرسالة وتبليغها للبشرية اجمع .
الدعوة السرية ثلاث سنوات :
قد يتوقع البعض ان الدعوة ظلت سرا مدة قصيرة ، لكن مرت ثلاث سنوات والدعوة فردية وسرية حتى تكونت جماعة من المؤمنين تعارفوا فيما بينهم على دين الله والتعاون على اقامة هذا الدين والنهوض به مهما كلفهم الامر .
ان سيرة الرسول وما مر به من ظروف صعبة ومتاعب وايذاء كانت دروسا لصحابته الكرام وكل المؤمنين الذين جاءوا من بعده على مر الاجيال .
ان من واجه ظروفا كالظروف التي واجهها رسول الله صلى الله عليه وسلم في بداية الدعوة يُسنُّ له أن يدعو سرا ، وقد يتعين ذلك عليه إذا كان واجب الدعوة وتحقيق الهدف لا يَتِمَّان إلا بالسرية ، فليست السرية مفروضة دائما أو مسنونة دوما ، بل الحكم فيها منوط بالظروف التي تواجهها الدعوة وأصحابها.
ورأينا في مرحلة الدعوة السرية كيف ان الدعوة كانت فردية يقوم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، وأن الايذاء بدأ مبكرا ، والعروض والاغراءات والتزهيد بالمستجيبين من قِبَلِ الكبراء كل ذلك كان واضحا ، وهي قضايا يجب أن يلتفت اليها
لذا انطلقت الدعوة الى الله بمكة في سرية تامة ، وكانت مرحلة تنظيمية استغرقت ثلاث سنوات كما حددها ابن اسحاق وابن سعد في طبقاته وأبو نعيم في الحلية .
وهذا ما يجب على الدعاة الالتفات اليه لتحديد الاسلوب والطريقة المناسبة التي تدفع بالدعوة الى الله للأمام وتخفف ضغوط الايذاء عن الدعاة والمؤمنين حتى يشتد عود الدعوة وتكون لها القوة التي تحميها وتدفع بها الى الامام وتدفع الاذى عن افرادها كما تضمن البقاء لها وفتح الطريق اليها . ولقد رأينا في بعض المواقف أن أعاد النبي بعض من أسلموا وأرجعهم الى قومهم، مما يؤيد الرأي بأن اسلوب الدعوة يرجع اختياره الى ظروف الدعوة والداعية..
وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يُظهر فيها الدعوة إلا لأقرب المقربين ، زوجته خديجة وعلي بن ابي طالب وزيد وابوبكر الصديق وظلت الدعوة سرا ثلاث سنوات ثم صدع بها بأمر من الله قرابة عشر سنين وكانت هذه فترة الدعوة في مكة المكرمة قبل الهجرة الى المدينة المنورة.

ومما يدل على تكتم المسلمين في أمر دينهم في أوائل المرحلة المكية ، على سبيل المثال (وليس الحصر) ما يلي :
1. ما ورد في تاريخ الطبري :عن ابن اسحاق :
” وأما بنعمة ربك فحدث ” أي : ما جاءك من الله من نعمته وكرامته من النبوة فحدث .. اذكرها وادع اليها . قال : فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر ما أنعم الله عليه وعلى العباد به من النبوة سراً الى من يطمئن إليه من أهله ، فكان أول من صدقه وآمن به واتبعه من خلق الله فيما ذكر – زوجته خديجة رحمها الله .
2. أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر عندما أسلم :
” اكتم هذا الأمر، وارجع إلى قومك فأخبرهم، فإذا بلغك ظهورنا فأقْبِلْ” .
فقال أبو ذر: والذي نفسي بيده، لأصرخَنَّ بها بين ظهرانيهم. فخرج حتى أتى المسجد، فأعلن إسلامه أمام الملأ من قريش، إذ نادى بأعلى صوته: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله . فقالوا: قوموا إلى هذا الصابئ.
فقاموا فضُربت لأموت، فأدركني العباس فأكب عليَّ، ثم أقبل عليهم فقال: ويلكم! تقتلون رجلاً من غفار، ومتجركم وممركم على غفار. فأقلعوا عني، فلما أن أصبحت الغد رجعت فقلت مثل ما قلت بالأمس، فقالوا: قوموا إلى هذا الصابئ. فصُنع بي مثل ما صنع بالأمس، وأدركني العباس فأكبّ عليَّ، وقال مثل مقالته بالأمس .
3. ورُوي عن عمرو بن عبسة قال: فقلت له – أي للنبي -: فمن معك على هذا؟ قال: “حرٌّ وعبد”. قال: ومعه يومئذٍ أبو بكر وبلال ممن آمن معه، فقلت: إني متبعك. قال: “إنك لن تستطيع ذلك يومك هذا، ألا ترى حالي وحال الناس؟! ولكن ارجع إلى أهلك، فإذا سمعت بي قد ظهرت فأتني “.
ويبدو أن رسول الله لم يخبره بأسماء سائر من أسلم، وإنما سمى أبا بكر وبلالاً فقط؛ حرصًا على سلامة من أسلم من الأذى . قال ابنُ عساكر : ويقال عنه (عن عمرو بن عبسة ) إنه كان أخا أبي ذرٍّ لأمه ، قاله خليفةُ، قال : واسمُها رملة بنت الوقيعة .
وورد في تاريخ الامم والملوك – تاريخ الطبري :كان أبو ذر وابن عبسة كلاهما يقول : لقد رأيتني ربع الاسلام ، ولم يُسلم قبلي إلا النبي وأبو بكر وبلال ، كلاهما لا يدري متى أسلم الآخر .
4. روى البخاري عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : لقد رأيتُني وأنا ثُلُثُ الإسلام. وفي رواية : ما أسلم أحدٌ إلا في اليوم الذي أسلمت فيه ، ولقد مكثتُ سبعة أيامٍ ، وإني لثلثُ الاسلام.
معنى ثُلُثٌ الاسلام : أي ثالث رجل أسلم .
وهو صادق في ذلك الوصف – بحسب اطلاعه – حيث لم يَرَ غيره أسبق منه من الذين اسلموا سرا ولم يعلم بإسلامهم احد ، فقد أخفوا اسلامهم عن قريش – ، والسبب فيه أن من كان أسلم ابتداء الامر كان يخفي اسلامه ، ولعله أراد بالاثنين الآخرين خديجة وأبا بكر ، أو النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد كانت خديجة أسلمت قطعا فلعله خص الرجال .. وقد أسلم قبله جماعة ، لكن يُحمل ذلك على مقتضى ما كان اتصل بعلمه حينئذ.
فكان كل صحابي أسلم يظن أن غيره لم يدخل الاسلام قبله وقد حدث هذا مع أكثر من صحابي ظن انه الاسبق من غيره بينما كان غيره اسبق منه .. ولا ضير في ذلك ، فإن الاسلام قد جمع بينهم وتنافسوا جميعا في الاخلاص لدينهم والتضحية من اجله بدمائهم واموالهم وارواحهم
وقد نزلت في سعد بن ابي وقاص اربع آيات في مواطن مختلفة سنعرضها في سيرته بإذن الله.

الدروس المستفادة من سرية الدعوة :
1. قد يتساءل البعض في ان الله الذي انزل الوحي على رسوله صلى الله عليه وسلم قادرٌ على ان يحميه من كيد الكافرين ، فلماذا كل هذا الجهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولماذا تلك المعاناة ؟؟ والرد على ذلك بأن الله قادر على حماية نبيه ،هذا صحيح …. لكن الله اراد تعليم المسلمين مبادئ انسانية هامة في طريق دعوتهم الى الله وهي الحيطة والحذر في الظروف الصعبة التي يكيد فيها اعداء الامة للدعوة والدعاة وضد مصلحة الامة.
2. اعطاء الفرصة لوصول الدعوة الى اكبر عدد من الناس حتى تكتسب القلوب وتنتشر في البادية والحضر ويكون لها الانصار والمدافعين عنها وحتى يكونوا اللبنات القوية التي سيقوم عليها المجتمع الاسلامي الجديد في مواجهة قوى الطغيان والاستكبار .
3. إن دعوة الاصلاح اذا كانت غريبة على معتقدات الجمهور وعقليته ، ينبغي أن لا يجهر بها الداعية حتى يؤمن بها أكبر عدد من الذين يضحون في سبيلها بالغالي والرخيص ، حتى إذا نال صاحب الدعوة أذى ، قام أتباعه المؤمنون بواجب الدعوة بما يضمن استمرارها .
4. أجمع جمهور الفقهاء على أن المسلمين اذا كانوا يعانوا من قلة العدد أو ضعف العدة بحيث يغلب الظن أنهم سَيُقتلون من غير نكاية في أعدائهم ، إذا ما أجمعوا قتالهم ، فينبغي أن تقدم هنا مصلحة حفظ النفس، لأن المصلحة المقابلة وهي مصلحة حفظ الدين موهومة أو منفية الوقوع .
ويقرر العز بن عبدالسلام حرمة الخوض في مثل هذا الجهاد قائلا :
” فإذا لم تحصل النكاية وجب الانهزام ، لما في الثبوت من فوات النفس مع شفاء صدور الكفار وإرغام أهل الاسلام، وقد صار الثبوت هنا مفسدة محضة ليس في طيها مصلحة .
5. كان النبي صلى الله عليه وسلم يربي امته تربية شاملة تشمل كافة النواحي بما فيها الحس الأمني خصوصا في المرحلة الاولى والاساسية للدعوة في مكة ، ومن الآيات المكية التي تحس على البعد الامني قول الله تعالى :
(( يَا بنيَّ اذهبوا فتحسسوا من يُوسف وأخيِ ولا تيأسوا من روح الله ، إنه لا ييأس من روح اللهِ إلا القومُ الكافرون)) يوسف87.
وتشير هذه الآية الى طلب يعقوب عليه السلام جمع المعلومات والقيام بوظيفة الاستخبارات دون يأس أو ملل.
ان اهتمام القرآن الكريم بالحس الامني وتوجيه المسلمين لمعرفة امكانيات اعدائهم العسكرية والاقتصادية يجعل الامة على يقظة بما يخططه اعدائهم والاستعداد للمواجهة في كل وقت وتجنب خطر المفاجآت التي تدمر مقدرات الأمة العسكرية والاقتصادية والبشرية.
اذا عرفت العدو ، وعرفت نفسك ، فليس هناك ما يدعوك الى ان تخاف نتائج مائة معركة، واذا عرفت نفسك ، ولم تعرف عدوك فإنك ستواجه الهزيمة في كل معركة .
6. اهتمام النبي شخصيا بالجانب الامني ، فكان يشرف على تربية اصحابه في شتى الجوانب، ووزعهم في أسرٍ، فمثلا كانت فاطمة بنت الخطاب وزوجها سعيد بن زيد – وهو ابن عم عمر بن الخطاب رضي الله عنهم- كانوا في اسرة واحدة م نُعيم بن عبدالله النحام بن عدي ، وكام مُعلِّمهم خباب بن الأرت ، وكان اشتغالهم بالقرآن لا يقتصر على تجويد تلاوته، وضبط مخارج حروفه ، ولا على الاستكثار من سرده ، والاسراع في قراءته ، بل كان همهم دراسته ، وفهمه، ومعرفة أمره ، ونهيه، والعمل به .
انتهت الحلقة السابعة عشر (17) ، ونلتقي معكم بإذن الله في الحلقة الثامنة عشر(18) يوم الجمعة القادم مع فقه السيرة وظلال النبوة. مع ملاحظة احتفاظي بالمراجع لعدم امكانية نشرها في الجريدة في الوقت الحاضر..

السيرة النبوية (17) أوائل النساء اللائي أسلمن 3
اخوكم د. محمد أحمد النجار
الجمعة 06 ربيع أول 1439هـ
الموافق 24 نوفمبر 2017

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.