أراء وقراءات

سيطرة المرأة على الرجل مسؤولية أم ضعف شخصية..(٤) راتب الزوجة العاملة نعمة في طيها نقمة

بقلم / أمل الوكيل 

في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية المتسارعة، تتزايد الأعباء على الأسر المصرية، ويزداد اعتماد بعض الأزواج على دخل الزوجة العاملة، ما يثير تساؤلات مشروعة حول حدود الدور المالي لكل من الطرفين، وأثر ذلك على التوازن داخل العلاقة الزوجية.


مرتب الزوجة: نعمة في ظاهرها.. ونقمة في باطنها؟

رغم أن عمل المرأة يُنظر إليه غالبًا كمصدر دعم للأسرة، فإن الأمور لا تسير دومًا على النحو المتوقع؛ إذ تتحول “النعمة” أحيانًا إلى “نقمة” عندما يصبح الزوج معتمدًا بشكل واضح على راتب زوجته، ويتخلى تدريجيًا عن دوره كراعٍ وقائد للأسرة.

ويغيب عن بعض الأزواج أن الإسلام منح المرأة ذمة مالية مستقلة، وهو ما أكدت عليه دار الإفتاء المصرية بقولها:

“لا حق للزوج في المرتب الخاص بزوجته الناتج عن عملها، إلا إذا اشترط عليها قبل الزواج أخذ جزء منه نظير الإذن لها في العمل”.


عقد شراكة أم عقد احتكار؟

مع الأسف، لا يعترف بعض الأزواج بهذا الاستقلال المالي، ويتعاملون مع زوجاتهم كأنهن ممتلكات خاضعة لعقد احتكار اجتماعي، معتبرين أن الزواج منحهم السلطة على كل ما تملكه الزوجة من مال وصحة وجمال، وهو تصور مرفوض شرعًا وأخلاقيًا.

في كثير من الأحيان، حينما تبدأ الزوجة في الإنفاق من مالها لتغطية احتياجات المنزل، يبدأ ميزان السلطة داخل الأسرة في الميل تدريجيًا نحوها، فتشعر بأنها هي الطرف الأقوى، بينما يتراجع الزوج ليصبح الطرف السلبي أو “الزائد عن الحاجة” — الأمر الذي يسبب شرخًا نفسيًا وعاطفيًا عميقًا بين الطرفين.


من يقود الأسرة؟ المال أم القوامة؟

تشير دراسات اجتماعية إلى أن تكرار هذا السيناريو داخل البيوت قد يكون سببًا جوهريًا في تصاعد الخلافات الزوجية، التي تصل في كثير من الأحيان إلى الطلاق، لا بسبب المال نفسه، بل بسبب فقدان التوازن في الأدوار والمسؤوليات.

وعند هذه النقطة يعود السؤال الجوهري:
هل سيطرة المرأة على العلاقة بسبب الظروف الاقتصادية أم لأنها تتحمل مسؤوليات لا يقوم بها الرجل؟
أم أن المشكلة في ضعف شخصية بعض الأزواج الذين تنازلوا طوعًا عن قوامتهم؟


سؤال مفتوح للمجتمع

في النهاية، لا تكمن الأزمة في راتب المرأة، بل في غياب الحوار، وغياب الفهم الحقيقي لمعنى “الشراكة الزوجية”، تلك التي لا تقوم على المال وحده، بل على المودة والاحترام والتكامل في المسؤوليات.

ويبقى السؤال مطروحًا أمام المجتمع بكل فئاته:
هل سيطرة المرأة اليوم هي مسؤولية جديدة فرضتها الظروف؟ أم أنها انعكاس لفراغ صنعه الرجل بتراجعه عن دوره؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى