حماس تتريث في الرد على وثيقة ويتكوف: الوثيقة تتضمن ألغام سياسية ومخاوف ميدانية

كتب / محمد السيد راشد
رغم موافقة إسرائيل السريعة على الاقتراح الأمريكي الجديد لوقف إطلاق النار في غزة، ما تزال حركة حماس تتأنى في الرد، مفضلة التريث قبل اتخاذ قرار نهائي قد يترتب عليه تسليم ورقة الأسرى دون ضمانات مقابلة.
جاء هذا التريث بعد تلقي الحركة وثيقة من المبعوث الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط، ستيفن ويتكوف، وصفتها مصادر داخل حماس بأنها “مفخخة” وتحتوي على “ألغام سياسية” قد تسمح لإسرائيل باستئناف عملياتها العسكرية في قطاع غزة، كما تفعل الآن في لبنان ضد حزب الله.
ألغام سياسية ومخاوف ميدانية
بحسب مصادر داخل الحركة تحدثت لصحيفة “الشرق الأوسط”، فإن الاقتراح بصيغته الحالية يعاني من إشكاليات خطيرة، أبرزها غياب ضمانات ملزمة لوقف الحرب، وترك المجال مفتوحًا أمام إسرائيل لاستئناف الهجمات بعد فترة وجيزة من تنفيذ الصفقة، خاصة بعد اليوم السابع من الإفراج عن الأسرى.
وأكدت المصادر أن صياغة الاقتراح تترك الفترة المحددة لوقف إطلاق النار (60 يومًا) مرنة وغير ملزمة، ما يثير قلق حماس من تكرار سيناريو “الهدنة الملغومة” التي تنتهي بتجدد الحرب دون التزامات واضحة من الجانب الإسرائيلي.
أزمة الأسرى والضمانات الغائبة
يركز اقتراح ويتكوف على تبادل الأسرى بشكل غير متكافئ، حيث يتضمن الإفراج عن 125 فلسطينيًا فقط – معظمهم محكوم عليهم بالسجن المؤبد – دون معايير واضحة لمطابقة عددهم مع عدد الأسرى الإسرائيليين الذين سيتم إطلاق سراحهم، سواء أكانوا أحياء أم قتلى.
وترى حماس أن هذه الصيغة لا ترقى إلى مستوى الصفقة السابقة، وتفتقر إلى معايير العدالة والندية، إلى جانب غياب البنود التي تكفل استمرار دخول المساعدات الإنسانية وتنفيذ البروتوكولات السابقة الخاصة بها.
القلق من تكرار النموذج اللبناني
مصادر مطلعة في غزة أكدت أن مخاوف حماس ترتكز أيضًا على نمط التحركات العسكرية الإسرائيلية في لبنان، حيث تستهدف تل أبيب حزب الله بشكل مكثف دون إعلان حرب شاملة، وهو ما تخشى الحركة أن يتكرر في غزة بعد تنفيذ الصفقة.
وبحسب ذات المصادر، فإن حماس تسعى لضمانات أمريكية مكتوبة وواضحة تضمن وقفًا تامًا للعدوان وانسحابًا إسرائيليًا كاملًا من القطاع، وعدم استخدام أي ثغرات في الاتفاق لاستئناف العمليات لاحقًا.
موقف مصري داعم للحذر
الموقف المصري، كما نقلته صحيفة “الأخبار” اللبنانية، يتطابق إلى حد كبير مع تحفظات حماس، إذ أكدت القاهرة لواشنطن أن أي اتفاق لا يتضمن التزامًا صريحًا وعلنيًا بإنهاء الحرب وانسحاب القوات الإسرائيلية، لن يكون كافيًا لتحقيق استقرار دائم.
وحذرت مصر من أن تسليم ورقة الأسرى دون ضمانات متوازنة يعني تقويض فرص الحل السياسي، ويمهد لموجة عنف جديدة أشد ضراوة. وطالبت القاهرة بتعديل جوهري في نص الاقتراح الأمريكي ليشمل ضمانات صارمة بعدم تجدد العمليات العسكرية، وربطًا واضحًا بين تبادل الأسرى ووقف شامل للحرب.
في الانتظار… والمفاوضات مستمرة
حتى لحظة كتابة هذا التقرير، لم تعلن حماس موقفها النهائي، واكتفى قادتها بالتأكيد أن الرد سيُسلم خلال ساعات، بعد استكمال دراسة النقاط الغامضة والسعي للحصول على تفسيرات وتعديلات تضمن مصالح الفلسطينيين.
وفي ظل الانقسام الكبير في تقييم المقترح بين تل أبيب التي أبدت موافقتها، وغزة التي تتحفظ بشدة، تبقى الكرة في ملعب واشنطن، التي إن أرادت نجاح مبادرتها، فعليها طمأنة الجانب الفلسطيني بالتزامات واضحة تضمن نهاية حقيقية للحرب، لا مجرد هدنة مؤقتة تنتهي بـ”سيناريو حزب الله”.