هجوم على قافلة مساعدات أممية وسط اتهامات متبادلة بين طرفي النزاع في السودان

كتبت / د. هيام الإبس
في تطور ميداني خطير يعكس تدهور الوضع الإنساني في السودان، تعرضت قافلة مساعدات إنسانية تابعة للأمم المتحدة لهجوم عنيف في منطقة الكومة بولاية شمال دارفور، مساء الإثنين، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى وتدمير شاحنات محملة بالإغاثة كانت في طريقها إلى مدينة الفاشر.
تبادل الاتهامات بين الجيش والدعم السريع
وزارة الخارجية السودانية اتهمت قوات الدعم السريع باستخدام طائرات مسيّرة لتنفيذ الهجوم، ووصفت الحادث بأنه “جريمة نكراء تضاف إلى السجل الأسود للمليشيا الإرهابية”، بحسب تعبير البيان الصادر عنها يوم الثلاثاء.
وأكد البيان أن الهجوم أسفر عن سقوط ضحايا بين السائقين والعاملين في المجال الإنساني، إضافة إلى عدد من المدنيين.
في المقابل، ردت “الوكالة السودانية للإغاثة والعمليات الإنسانية” التابعة للدعم السريع، متهمة الجيش السوداني بتنفيذ الهجوم عبر طائرات عسكرية. وأكدت أن خمسة من موظفي برنامج الغذاء العالمي قُتلوا، وأُصيب أربعة آخرون، فيما تم تدمير تسع مركبات إنسانية.
الأمم المتحدة تحذر: نزوح “كارثي” ومجاعة تلوح في الأفق
بالتزامن مع هذا التصعيد، حذرت الأمم المتحدة من تفاقم الأزمة الإنسانية في السودان، حيث أعلنت أن عدد الفارين من البلاد منذ اندلاع النزاع في أبريل 2023 بلغ نحو 4 ملايين شخص، واصفةً الوضع بـ”الكارثي”.
وقالت المتحدثة باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يوجين بيون، إن “الصراع المستمر، الذي دخل عامه الثالث، أدى إلى أسوأ أزمة نزوح على مستوى العالم”، مضيفة أن معظم اللاجئين فروا إلى دول الجوار، مثل مصر، تشاد، وجنوب السودان.
وأضافت: “إذا استمر القتال، فسوف يستمر تدفق اللاجئين بالآلاف شهرياً، مما يهدد الاستقرار الإقليمي والدولي”.
تشاد تختنق.. وتمويل المساعدات لا يتجاوز 14%
من جهته، أكد دوسو باتريس أهوانسو، مسؤول المفوضية في تشاد، أن أكثر من 800 ألف لاجئ سوداني وصلوا إلى البلاد، في وقت لا يغطي فيه التمويل الدولي سوى 14% من احتياجات الاستجابة الإنسانية.
ووصف أهوانسو الوضع بقوله: “نواجه أزمة إنسانية غير مسبوقة، العنف الذي يرويه اللاجئون مرعب”، مستعرضًا شهادات مروعة من بينها قصة فتاة سبع سنوات بُترت ساقها أثناء هروبها من هجوم على معسكر زمزم، وفقدت والدها وشقيقيها، فيما قُتلت والدتها في وقت سابق.
الفاشر محاصَرة.. والقتال يهدد المدينة بالمجاعة
وأكدت منظمة اليونيسف أن قافلة مساعدات مشتركة بينها وبين برنامج الأغذية العالمي، كانت متوجهة إلى مدينة الفاشر، تعرضت لهجوم، ما أدى إلى سقوط ضحايا لم يُحدّد عددهم بدقة حتى الآن.
ويأتي الهجوم في ظل اشتداد القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حول مدينة الفاشر، حيث باتت خطوط الإمداد الإنساني مقطوعة تماماً، ما دفع الأمم المتحدة إلى إعلان المدينة منطقة “مجاعة”.
أزمة ممتدة تهدد المنطقة بأكملها
حذرت الأمم المتحدة من أن استمرار الحرب دون أي أفق سياسي للحل، سيؤدي إلى كارثة إقليمية واسعة، تتجاوز حدود السودان، وتهدد الأمن الإنساني والاقتصادي لدول الجوار والمنطقة.
وتعيش السودان، ثالث أكبر دولة إفريقية من حيث المساحة، حرباً مدمرة منذ أبريل 2023، بين الجيش وقوات الدعم السريع، أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف، وتشريد أكثر من 13 مليون شخص، وسط تحذيرات دولية متصاعدة من وقوع مجاعة واسعة النطاق، وانهيار تام للبنية التحتية في العديد من المناطق.