الجيش السوداني يحبط أضخم عملية تهريب أسلحة بـ ” مثلث الصحراء “

كتبت: د. هيام الإبس
في عملية وُصفت بأنها الأضخم منذ اندلاع الحرب، نجحت استخبارات الجيش السوداني في إحباط واحدة من أعقد عمليات تهريب الأسلحة إلى داخل السودان، بعد ضبط واستلام 37 شاحنة محملة بالأسلحة والذخائر كانت في طريقها إلى مدينة نيالا، عاصمة جنوب دارفور، قادمة من الحدود الغربية ضمن ما يُعرف إعلاميًا بـ”مثلث الصحراء“.
“مثلث الصحراء”.. ممر الموت
ووفق مصادر عسكرية رفيعة نُشرت عبر منصات داعمة للقوات المسلحة، فقد تمت العملية بعد تعقّب استخباراتي دقيق استمر عدة أسابيع، انتهى إلى محاصرة الموكب المسلح في عمق الصحراء، دون أي خسائر في صفوف القوات السودانية.
وأشارت المعلومات الأولية إلى أن الشاحنات انطلقت من مثلث حدودي يربط ليبيا وتشاد والسودان، مرورًا بممرات وعرة في قلب الصحراء، ضمن خطة تهريب معقدة، أشرفت عليها مجموعات تتبع للمليشيا المسلحة، بدعم استخباراتي من جهات إقليمية مشبوهة.
قاعدة “الساره”.. البديل الذكي لـ”أم جرس”
وكشفت المصادر أن وجهة الشحنات كانت قاعدة “الساره” العسكرية الجديدة، التي أنشأتها المليشيا مؤخراً قرب تخوم جبل مرة، كبديل استراتيجي لقاعدة “أم جرس” التشادية، والتي أصبحت مكشوفة ومعرضة للهجمات بعد فقدان سريّتها.
كما تم تحويل منطقة الكفرة الليبية إلى نقطة انطلاق بديلة عن مدينة “أندي است” التشادية، التي كانت سابقًا محطة لوجستية رئيسية في عمليات التهريب.
ووفق التقارير، فإن الطريق الممتد من الكفرة الليبية إلى غرب السودان يشهد نشاطًا غير مسبوق خلال الأسابيع الماضية، ما دفع الأجهزة الاستخباراتية السودانية إلى رفع وتيرة الرصد والملاحقة في تلك البقعة الجغرافية الخطرة.
احترافية استخبارات الجيش السوداني
تعكس هذه العملية، وفق مراقبين، ارتفاع مستوى الأداء الاستخباراتي للجيش السوداني، وقدرته على تفكيك شبكات الإمداد والتمويل الموجهة للمليشيات المسلحة. وأكدت مصادر عسكرية أن الشاحنات المصادرة كانت تحمل أسلحة نوعية خطيرة، بينها راجمات وصواريخ قصيرة المدى وطائرات استطلاع مُسيّرة، كان من المفترض أن تُستخدم لدعم جبهة نيالا بعد الضربات الجوية الأخيرة.
ضربة موجعة للوجستيات المليشيا
ويعتبر خبراء أن إحباط العملية يمثل ضربة قاصمة للبنية اللوجستية للمليشيا، والتي باتت تعتمد بشكل متزايد على طرق التهريب بعد تدمير مخازنها في جبل أولياء ودارفور، وسط تصعيد في الهجمات الجوية على خطوط إمدادها.
انهيار “الكتيبة الاستراتيجية” في الفاشر
وفي تطور ميداني آخر، شهدت مدينة الفاشر – عاصمة شمال دارفور – هزيمة قاسية لمليشيا الدعم السريع بعد تدمير ما يُعرف بـ”الكتيبة الاستراتيجية” على يد الجيش السوداني.
وكانت الكتيبة بقيادة اللواء خلا علي شقة، الملقب بـ”قدحين”، قد شنت هجومًا عنيفًا على مواقع الجيش مستخدمة قوة مدرّبة تلقت تدريبات سرية لعدة أشهر في مناطق حدودية، إلا أن الجيش تعامل مع الهجوم بكفاءة قتالية عالية، وأوقع خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، شملت مقتل القائد “قدحين” نفسه وتفكك التشكيل بالكامل.
ووصف ضباط ميدانيون هذه العملية بأنها ضربة نوعية أضعفت قدرة الدعم السريع على استعادة المبادرة في دارفور، وأكدوا أن الكتيبة الاستراتيجية كانت رأس الحربة في خطة السيطرة على الفاشر.
مأساة إنسانية.. أكثر من 1200 وفاة جوعاً
بالتوازي مع هذه التطورات العسكرية، تتعمق الكارثة الإنسانية في إقليمي كردفان ودارفور، حيث كشف مسؤول في مجموعة أوروبية معنية بالشأن الإنساني أن أكثر من 1200 شخص لقوا حتفهم جوعًا خلال الأشهر الأخيرة نتيجة استمرار القتال وانهيار الإمدادات.
وتُشير تقديرات غير رسمية إلى أن عدد ضحايا الحرب السودانية قد تجاوز 130 ألف قتيل، فيما تُعتبر أزمة المجاعة الحالية من أسوأ الكوارث الإنسانية في القارة الإفريقية.
وقد أعلنت الأمم المتحدة المجاعة رسميًا في بعض مناطق دارفور، مثل معسكر زمزم، وتُرجّح إعلانها في مناطق أخرى بكردفان خلال الأيام المقبلة.
واضطر الآلاف من المدنيين في مدن مثل الفاشر وأبو شوك وزمزم إلى تناول أوراق الأشجار وعلف الماشية للبقاء على قيد الحياة، بينما تُواصل موجات النزوح التسبب في توقف الزراعة والإنتاج الغذائي والخدمات الأساسية، ما يزيد من تعقيد الأزمة.
وأكد المسؤول الأوروبي أن الوضع الإنساني في السودان يواجه عراقيل أمنية وتمويلية ضخمة، تُعيق إيصال المساعدات وتُساهم في تفاقم معدلات الوفاة والأوبئة وتدهور البنية الصحية.