أراء وقراءات

المعركة بين “عجوز طهران” و”عجوز واشنطن” تنتقل من عضّ الأصابع إلى كسر العظم

كتب: المحرر السياسي 

مع تصاعد حدة الخطاب السياسي والعسكري بين طهران وواشنطن، دخلت الأزمة بين “عجوز طهران” علي خامنئي و”عجوز واشنطن” دونالد ترامب مرحلة أكثر خطورة، بعدما غادرت محطة التصعيد اللفظي إلى تهديدات بكسر العظم. خطاب المرشد الإيراني اليوم الأربعاء جاء ليفتح الباب أمام فصل جديد من المواجهة، وصف فيه تهديدات ترامب بـ”السخيفة”، مستعينًا بالآية الكريمة: “ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون”، في رسالة مباشرة لإيران الرسمية والجماهيرية بأن الحرب النفسية الأمريكية لن تُسقط النظام.

ترامب: التردد بين الرد والهاوية

وفق ما أوردته شبكة CNN، فإن ترامب بدأ يميل، ولو تدريجيًا، إلى تقبّل فكرة استخدام القوة العسكرية ضد إيران، تحديدًا عبر توجيه ضربات للمواقع النووية الحساسة. ويبدو أن محيط ترامب يشهد جدلًا داخليًا حادًا، بين مستشاريه الذين يخشون من تورط كارثي في الشرق الأوسط، ورجال الأمن القومي الذين يرون أن إيران تجاوزت الكثير من الخطوط الحمراء.

لكن كما هي عادة ترامب، يتأرجح الخطاب بين التهديد والانكفاء. فهل يُقدم على تنفيذ عملية اغتيال تستهدف المرشد الإيراني خامنئي؟ بالأمس فقط، لمح ترامب إلى معرفته بمكان وجوده، لكن احتمالات تنفيذ عملية بهذا الحجم دون عواقب مدمرة تبدو ضئيلة.

هل يستطيع ترامب التراجع؟

الخطورة هنا أن ترامب، الذي طالما سخر من الرؤساء الأمريكيين الذين سعوا لتغيير النظام الإيراني، بات قريبًا من تكرار نفس السيناريو الذي كان يزدريه. فالرجل الذي دخل السياسة تحت شعار “أمريكا أولًا” مهدد بأن يتحول إلى رئيس حربي يتدخل في شؤون الدول الأخرى، وهو ما قد يخلق فجوة كبيرة بينه وبين قاعدته الشعبية، خصوصًا عشية انتخابات حاسمة.

مشهد إقليمي قابل للاشتعال

أي مغامرة أمريكية في إيران ستضع مصالح واشنطن، وقواعدها العسكرية الممتدة في 7 دول عربية، تحت تهديد مباشر. هذا في ظل استنزاف غير مسبوق لشبكة الدفاع الجوي الإسرائيلية، التي باتت عاجزة عن صد الضربات المتكررة من إيران وحلفائها، مما يزيد من هشاشة البيئة الإقليمية ويجعل أي تدخل أمريكي مغامرة بلا غطاء.

لماذا يرفع ترامب سقف التهديدات؟

قد يرى البعض أن ترامب يرفع سقف التهديدات لدفع إيران نحو العودة إلى طاولة المفاوضات وفق شروط أمريكية صارمة. لكن السؤال الأهم: هل يمكن لرجل دين يتسلح بمرجعية دينية وثورية ويصف التهديدات الأمريكية بأنها “سخيفة” أن يرضخ لحسابات سياسية؟ وهل باتت طهران مستعدة لتحمل تبعات حرب قد تكون الأوسع في المنطقة منذ الغزو الأمريكي للعراق؟

الخلاصة

المشهد بات معقدًا ومفتوحًا على كافة الاحتمالات. ترامب العائد من عزلة سياسية دولية لم يتلق فيها آذانًا صاغية من الرئيسين الروسي والصيني، ربما يبحث عن نصر خارجي يعوّض إخفاقاته، لكن خصمه هذه المرة ليس دولة بلا خبرات، بل نظام تمرّس في إدارة الصراعات.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى